فصل
في ، فتخرج من تركته ، سواء أوصى بها أم لا ، وسبيلها سبيل الديون ، وذكرنا في كتاب الوصية وجها : أنه إن أوصى بها ، حسبت من الثلث ، ووجها : أنها من الثلث ، وإن لم يوص ، والصحيح الأول ، وإذا وفت التركة بحقوق الله تعالى وحقوق الآدمي ، قضيت جميعا ، وإن لم تف ، وتعلق بعضها بالعين ، وبعضها بالذمة ، قدم التعلق بالعين ، سواء اجتمع النوعان ، أو انفرد أحدهما ، وإن اجتمعا ، وتعلق الجميع بالعين أو الذمة ، فهل يقدم حق الله تعالى ؟ أم الآدمي ؟ أم يستويان ؟ فيه ثلاثة أقوال ، سبقت في مواضع ، أظهرها الأول ، ولا تجري هذه الأقوال في المحجور عليه بفلس ، إذا اجتمع النوعان ، بل تقدم حقوق الآدمي ، وتؤخر حقوق الله تعالى ، ما دام حيا ، وإن كانت الكفارة مرتبة أعتق عنه الوارث ، وكذا لو أوصى [ ص: 26 ] الوصي ويكون الولاء للميت ، فإن تعذر الإعتاق ، أطعم من التركة ، وإن كانت كفارة تنجيز ، جاز الإطعام والكسوة من التركة ، وكذا الإعتاق على الأصح ، والواجب من الخصال أقلها قيمة ، فإن لم تكن تركة فتبرع أجنبي بالإطعام أو الكسوة عنه من مال نفسه ، جاز على الأصح ، فإن تبرع بهما الوارث ، جاز على الصحيح ، وقيل : لا ، لبعد العبادات عن النيابة ، وإن تبرع الأجنبي بالإعتاق في كفارة التنجيز ، لم يصح على المذهب ، لعلتين ، إحداهما : سهولة التكفير بغير إعتاق ، ولا يعتق لما فيه من عسر إثبات الولاء ، والثانية : فيه إضرار بأقارب الميت ، لأنهم يؤاخذون بجناية عتيقه ، فإن كان المعتق وارثا ، جاز على العلة الثانية دون الأولى ، وفي الكفارة المرتبة ، للوارث أن يتبرع بالإعتاق ، وكذا للأجنبي على الأصح ، بناء على العلة الأولى ، وفي صوم الولي والأجنبي خلاف ، سبق في الصيام ، وإذا أوصى بأن يعتق عنه في كفارة التنجيز وزادت قيمة العبد على قيمة الطعام والكسوة ، فثلاثة أوجه أضعفها : يتعين الإعتاق ، وتحسب قيمة العبد من رأس المال ، والثاني : تحسب قيمة العبد من الثلث ، لأن براءة الذمة تحصل بلزومها ، فعلى هذا إن وفى الثلث بقيمة عبد مجزئ ، أعتق عنه ، وإلا بطلت الوصية ، وعدل إلى الإطعام والكسوة ، وهذا الوجه أصح ، وهو ظاهر النص . والثالث : تحسب قيمة أقلها قيمة من رأس المال ، والزيادة إلى تمام قيمة العبد من الثلث ، فإن وفى ثلث الباقي مضموما إلى الأقل المحسوب من رأس المال بقيمة عبد ، أعتق عنه ، وإلا بطلت الوصية ، وعدل إلى الإطعام والكسوة . الحر يموت وعليه كفارة
فرع
، كفر بالصوم ، وإن كان موسرا فوجهان ، وإن شئت قلت : قولان ، منصوص ومخرج . [ ص: 27 ] الصحيح المنصوص لا يكفر بالصوم ، بل يطعم ويكسو ، والمذهب : أنه لا يكفر بالإعتاق لتضمنه الولاية والإرث ، وليس هو من أهلها ، وقيل : في تكفيره بالعتق قولان ، كإعتاق المكاتب بإذن سيده عن كفارته ، وهو ضعيف ، وخرج من بعضه حر وبعضه رقيق ، إن كان معسرا المزني أنه يكفر بالصوم ، وصوبه ابن سريج ، وبالله التوفيق .