فصل : لا يختلف مذهب الشافعي أن كل من لزمته الجمعة فهو مأمور بصلاة العيدين ، إما ندبا أو على الكفاية ، فأما من لا تلزمه الجمعة من والمعذورين فهل هم مأمورون بصلاة العيدين أم لا ؟ على قولين : العبيد والنساء والمسافرين
أحدهما : نص عليه في القديم في كتاب الصيد والذبائح ، أنهم غير مأمورين بها ، وكل موضع تصلى فيه الجمعة يصلى فيه العيدان ، وما لا تصلى فيه الجمعة لا يصلى فيه العيدان ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم - ثم الأئمة - رضي الله عنهم - بعده حضروا منى فلم يروا أن أحدا منهم صلى العيد ، فدل على أن حكمها حكم الجمعة في سقوطها عن المسافر والعبد والمرأة والمنفرد ، وأن من أحب منهم أن يتطوع منفردا صلاها كسائر النوافل بلا تكبير زائد .
والقول الثاني : نص عليه في صلاة العيدين من الجديد وهو الصحيح ، أنهم مأمورون بها ، لعموم أمره صلى الله عليه وسلم ولذلك ما ارتاد لها مكانا واسعا ؛ لأنها يحضرها من لا يحضر الجمعة ، فمن صلى منهم منفردا صلى كصلاة الإمام بتكبير زائد ، فأما تركه في ذلك بمنى فلانعكافه على الحج واشتغاله به لا لكونه مسافرا .
قال الشافعي رضي الله عنه : " وأحب الغسل بعد الفجر للغدو إلى المصلى فإن ترك الغسل تارك أجزأه " .
قال الماوردي : أما فسنة مختارة ، لقوله صلى الله عليه وسلم في جمعة من الجمع غسل العيدين فنبه على غسل العيد لتشبيهه به ويختار أن يغتسل بعد الفجر الثاني ، فإن اغتسل قبل الفجر ففيه وجهان : إن هذا يوم جعله الله تعالى عيدا فاغتسلوا
أحدهما : وهو قول أبي إسحاق لأجزأه كالجمعة .
والثاني : وهو قول ابن أبي هريرة يجزئه بخلاف الجمعة ؛ لأنه مأمور بالبكور بعد الغسل ، ولا يمكن البكور غالبا على هذه الحال إلا بتقدم الغسل قبل الفجر ؛ ولأن وقت العيد يضيق على المتأهب للصلاة بعد الفجر ، فجاز تقدمه قبله .