[ ص: 574 ] فصل :
يستحب للمحدث العارف عقد مجلس لإملاء الحديث فإنه أعلى مراتب الرواية ، ويتخذ مستمليا محصلا متيقظا يبلغ عنه إذا كثر الجمع على عادة الحفاظ ، ويستملي مرتفعا وإلا قائما وعليه تبليغ لفظه على وجهه . وفائدة المستملي تفهيم السامع على بعد ، وأما من لم يسمع إلا المبلغ فلا يجوز له روايته عن المملي إلا أن يبين الحال ، وقد تقدم هذا في الرابع والعشرين .
ويستنصت المستملي الناس بعد قراءة قارئ حسن الصوت شيئا من القرآن ، ثم يبسمل ويحمد الله تعالى ويصلي على رسول الله صلى الله عليه وسلم ويتحرى الأبلغ فيه ، ثم يقول للمحدث من أو ما ذكرت رحمك الله ؟ أو رضي عنك وما أشبهه ، وكلما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم صلى عليه وسلم .
. قال الخطيب : ويرفع بها صوته ، وإذا ذكر صحابيا : رضي عليه ، فإن كان ابن صحابي قال : رضي الله عنهما ، ويحسن بالمحدث الثناء على شيخه حال الرواية بما هو أهله كما فعله جماعات من السلف ، وليعتن بالدعاء له فهو أهم ، ولا بأس بذكر من يروي عنه بلقب أو وصف أو حرفة أو أم عرف بها . ويستحب أن يجمع في إملائه جماعة من شيوخه مقدما أرجحهم ، ويروي عن كل شيخ حديثا ويختار ما علا سنده وقصر متنه ، والمستفاد منه ، وينبه على صحته وما فيه من علو وفائدة ، وضبط مشكل ، وليجتنب ما لا تحتمله عقولهم وما لا يفهمونه ، ويختم الإملاء بحكايات ونوادر وإنشادات بأسانيدها ، وأولاها ما في الزهد ، والآداب ، ومكارم الأخلاق . وإذا قصر المحدث أو اشتغل عن تخريج الإملاء استعان ببعض الحفاظ ، وإذا فرغ الإملاء قابله وأتقنه .