وأمثلته كثيرة .
[ ص: 368 ] ( نحو في أحد التابعين ، فقد صرح جماعة من الأئمة باختلاطه ; عطاء وهو ) بضم الهاء ( ابن السائب ) الثقفي الكوفي ، ووصفه بعضهم بالاختلاط الشديد ، لكن قال كابن معين : إنه اختلط بأخرة ، ولم يفحش حتى يستحق أن يعدل به عن مسلك العدول . انتهى . ابن حبان
وممن سمع منه قبل الاختلاط فقط أيوب وحماد بن زيد وزائدة وزهير وابن عيينة والثوري وشعبة ووهيب ، كما صرح به في الأول والأخير وفي الثاني الدارقطني ، ابن المديني ويحيى بن سعيد القطان والنسائي ، وفي الثالث والرابع والعقيلي ، وفي الخامس الطبراني الحميدي ، وفي السادس والسابع أحمد وابن معين وأبو حاتم والنسائي ، وكذا والطبراني ، ولكنه استثنى حديثين سمعهما منه يحيى القطان شعبة بأخرة عن زاذان ، ومنهم فيما قاله حماد بن سلمة العقيلي والدارقطني ، وقال بعضهم : بعده . فالظاهر أنه سمع منه في الوقتين معا ، وكذا سمع منه في الوقتين معا وابن الجارود أبو عوانة فيما قاله ابن المديني ، وزاد أنه لا يحتج بحديث وابن معين أبي عوانة عنه ، وممن سمع منه بعده فقط إسماعيل بن علية وجرير بن عبد الحميد وخالد بن عبد الله الواسطي وابن جريج وعلي بن عاصم ومحمد بن فضيل بن غزوان وهشيم وسائر من سمع منه من البصريين في قدمته الثانية لها دون الأولى ، وقد خرج في تفسير سورة الكوثر من صحيحه من رواية البخاري هشيم عنه حديثا واحدا ، لكنه مقرونا أحد الأثبات ، لم يخرج له في الأول شيئا . بأبي بشر جعفر بن أبي وحشية
( وكالجريري ) بضم الجيم وتشديد آخره ، مصغر ، أبي مسعود ( سعيد ) وهو ابن إياس البصري الثقة ; فإنه اختلط - كما قاله - قبل موته بثلاث سنين ، قال : [ ص: 369 ] ورآه ابن حبان وهو مختلط ، ولكن لم يكن اختلاطه فاشيا ; ولذا قال يحيى القطان : لم يختلط إنما كبر فرق . وقال ابن علية أبو حاتم : تغير حفظه قبل موته ، فمن كتب عنه قديما فهو صالح . وقال فيما رواه يحيى القطان ابن سعد عن عنه : أنكرناه أيام الطاعون ، وكذا قال كهمس : ثقة أنكر أيام الطاعون . انتهى . النسائي
وممن سمع منه قبل تغيره ، والحمادان إسماعيل بن علية والثوري وشعبة ، وسماعه منه قبل تغيره بثمان وستين ; ولذلك قال وعبد الأعلى بن عبد الأعلى العجلي : إنه من أصحهم عنه حديثا . وعبد الوارث بن سعيد وعبد الوهاب الثقفي ومعمر ، ووهيب بن خالد ; لقول ويزيد بن زريع أبي عبيد الآجري عن أبي داود : فسماعه من أيوب السختياني الجريري جيد ، وكل هؤلاء سمعوا من كل من أدرك أيوب ، وبعد تغيره كما سيأتي قريبا ، إسحاق الأزرق ، وابن المبارك ، وقال : لا نكذب الله ، سمعنا منه وهو مختلط ، ومحمد بن أبي عدي ; ولذا لم يحدث عنه شيئا ، ويحيى بن سعيد القطان ، وقال - كما رواه ويزيد بن هارون ابن سعد عنه - : سمعت منه في سنة اثنتين وأربعين ومائة ، وهي أول سنة دخلت فيها البصرة ولم ننكر منه شيئا ، وكان قيل لنا : إنه قد اختلط ، وسمع منه بعدنا ، وحديثه عند الشيخين من حديث إسحاق الأزرق ، بشر بن المفضل وخالد بن عبد الأعلى بن عبد الأعلى وعبد الوارث عنه ، وعند فقط من حديث البخاري عنه ، وعند محمد بن عبد الله الأنصاري مسلم فقط من حديث ابن علية وبشر بن منصور وجعفر بن سليمان الضبعي وأبي أسامة حماد بن أسامة وحماد بن سلمة وسالم بن نوح والثوري وسليمان بن المغيرة وشعبة وابن المبارك وعبد الواحد بن زياد والثقفي وعبد الوهاب بن عطاء الخفاف ووهيب وابن زريع عنه ، وفي هؤلاء جماعة ممن لم نر التنصيص على كون سماعهم منه قبله أو بعده . ويزيد بن هارون
[ ص: 370 ] ( و ) كـ ( التابعي أحد الأعلام الأثبات ; فإنه فيما قاله أبي إسحاق ) عمرو بن عبد الله السبيعي الكوفي الخليلي : اختلط ، وكذا نقله عن بعض أهل العلم ، وأشار إلى أن سماع الفسوي منه بعد اختلاطه ، ونحوه قول ابن عيينة : إن ابن معين سمع منه بعد ما تغير ، وأنكر ابن عيينة الذهبي اختلاطه ، وقال : بل شاخ ونسي . يعني فإنه قارب المائة ، قال : وسمع منه وقد تغير قليلا . وقال ابن عيينة أحمد : ثقة ، ولكن هؤلاء حملوا عنه بأخرة ، وقد ; اتفق الشيخان على التخريج له ، لا من جهة متأخري أصحابه ونحوه ، بل عن قدمائهم حفيديه ; كابن عيينة إسرائيل بن يونس ويوسف بن إسحاق ، وزكريا وعمر ابني أبي زائدة ، وزهير بن معاوية وهو أثبت الناس فيه ، والثوري ، وأبي الأحوص سلام بن سليم وشريك وشعبة ، وأخرج له فقط من حديث البخاري عنه ، جرير بن حازم ومسلم فقط من حديث ، إسماعيل بن أبي خالد ، ورقبة بن مصقلة والأعمش وسليمان بن معاذ وعمار بن رزيق ومالك بن مغول عنه ، واختلف في وفاته ، فقيل : سنة ست أو سبع أو ثمان أو تسع وعشرين ومائة . ومسعر
ومن التابعين أيضا ، قال سعيد بن أبي سعيد المقبري : إنه اختلط قبل موته بأربع سنين ، ونحوه قول الواقدي : إنه تغير وكبر واختلط قبل موته يقال : بأربع سنين . وكان يعقوب بن شيبة شعبة يقول : حدثنا سعيد بعدما كبر ، تغير قبل موته ، فقال وسماك بن حرب بن أوس الكوفي : أتيته ، فرأيته يبول قائما فرجعت ، ولم أسأله عن شيء ، وقلت : قد خرف . جرير بن عبد الحميد
[ ص: 371 ] ( ثم ) بعدهم جماعة ( ) بفتح العين وضم الراء المهملتين وبعد الواو موحدة ثم هاء تأنيث مكسورة مع اتزانه ، وما بعده بالإسكان أيضا مما هو أولى ; لعدم ارتكاب ضرورة الصرف فيه ، هو كابن أبي عروبة سعيد بن مهران العدوي البصري ويكنى أبا النضر ، أحد كبار الأئمة وثقاتهم ، فإنه ممن اختلط ، قال : اختلاطا قبيحا ، وطالت مدة اختلاطه ، واختلف في ابتدائها ، فقيل - كما أبو الفتح الأزدي لدحيم - : إنه كان في سنة خمس وأربعين ومائة . وقال وابن حبان : بعد هزيمة ابن معين سنة اثنتين وأربعين ، وهو غير ملتئم ; إذ هزيمة إبراهيم بن عبد الله بن حسن بن علي بن أبي طالب إبراهيم كانت في سنة خمس وأربعين ، بل وقتل في أواخر ذي القعدة منها ، وحينئذ فهو أمر موافق للأول ، لكن حكى الذهلي عن أن اختلاطه كان في سنة ثمان وأربعين . وقال عبد الوهاب الخفاف : أول ما أنكرناه يوم مات يزيد بن زريع ، جئنا من جنازته فقال : من أين جئتم ؟ قلنا : من جنازة سليمان التيمي . فقال : ومن سليمان التيمي ؟ وكانت وفاة سليمان التيمي سليمان سنة ثلاث وأربعين ، ويتأيد بما حكاه في ( الكامل ) عن ابن عدي أنه قال : من سمع منه سنة اثنتين وأربعين فهو صحيح السماع ، أو بعدها فليس بشيء . وقال ابن معين : كان ابن السكن يقول : إن اختلاطه كان في الطاعون . يعني سنة اثنتين وثلاثين ومائة ، وكان يزيد بن زريع القطان ينكره ويقول : إنما اختلط قبل الهزيمة . ويجمع بينهما بما قاله البزار : إنه ابتدأ به الاختلاط سنة ثلاث وثلاثين ، ولم يستحكم ولم يطبق به ، واستمر على ذلك إلى أن استحكم به أخيرا ، وإنما اعتبر الناس اختلاطه بما قاله وعامة الرواة عنه سمعوا منه قبل الاستحكام ، القطان .
وممن سمع منه في حال الصحة خالد بن الحارث ، وروح بن عبادة وسرار بن مجشر ، وشعيب بن إسحاق وعبد الأعلى السامي وعبد الله بن المبارك وعبد الوهاب الثقفي وعبد الوهاب بن عطاء الخفاف وعبدة بن سليمان ويحيى [ ص: 372 ] القطان ويزيد بن زريع ، كما قال به في الأول والعاشر والحادي عشر ويزيد بن هارون وإنهم أثبت الناس فيه . ابن عدي ،
وفي الثاني أبو داود فيما حكاه أبو عبيد الآجري عنه بقوله : كان سماعه منه قبل الهزيمة ، وفي الثالث فيما أشار إليه في سننه الكبرى ، وقال النسائي أبو عبيد عن أبي داود : إن كان يقدمه على ابن مهدي وهو من قدماء أصحاب يزيد بن زريع ، سعيد . وفي الرابع فقال : إنه سمع منه سنة أربع وأربعين قبل اختلاطه بسنة ، وكذا قال ابن حبان : إنه هو والسابع والتاسع أرواهم عنه بعد ابن عدي عبد الأعلى ، وفي الخامس ، وقال : إنه أرواهم عنه ، ابن عدي وابن المواق ، ورد قول أبي الحسن بن القطان : إنه مشتبه لا يدري قبل الاختلاط أو بعده . فأجاد في الرد ، وفي السادس ، وكذا في الحادي عشر أيضا ، وفي الثامن ابن حبان ابن سعد ، فقال : سمعته يقول : جالست سعيدا سنة ست وثلاثين وفي التاسع ، وقال : إنه أثبت الناس فيه . وكذا قال في الأخير : إنه صحيح السماع منه سمع منه بواسط وهو يريد ابن معين الكوفة ، وقول التاسع عن نفسه : إنه سمع منه في الاختلاط . يحتمل أنه يريد به بيان اختلاطه وأنه لم يحدث بما سمعه منه فيه .
وممن سمع منه في الاختلاط فيما قاله شيخنا في المقدمة وقد قدمت خلافه ، روح بن عبادة ; فإن وابن مهدي أبا داود فيما نقله عنه قال : إن سماعه منه بعد الهزيمة ، الآجري ، فإنه قال : كتبت عنه بعدما اختلط حديثين ، وأبو نعيم الفضل بن دكين ومحمد بن جعفر غندر ، ، ومحمد بن أبي عدي ، والمعافى بن عمران الموصلي ; لقول ووكيع الحافظ : ليست روايتهما عنه بشيء ، إنما سماعهما بعد ما اختلط ، وقد قال ابن عمار الموصلي لثانيهما : تحدث عن ابن معين سعيد ، وإنما سمعت منه في الاختلاط ؟ ! فقال : هل رأيتني حدثت عنه إلا بحديث مستو .
حكى ذلك ، وعن ابن الصلاح أنه قال : كنا ندخل عليه بعد الهزيمة فنسمع ، فما كان من صحيح حديثه أخذناه ، وما لا طرحناه ، وخرج له الشيخان من رواية خالد وكيع وروح وعبد الأعلى المذكورين وابن زريع وعبد الرحمن بن عثمان البكراوي [ ص: 373 ] ومحمد بن سواء السدوسي ومحمد بن أبي عدي عنه ، ويحيى بن سعيد القطان فقط من حديث والبخاري ، بشر بن المفضل وسهل بن يوسف وابن المبارك وعبد الوارث بن سعيد وكهمس بن المنهال عنه ، ومحمد بن عبد الله الأنصاري ومسلم فقط من حديث ابن علية وأبي أسامة وسالم بن نوح وسعيد بن عامر الضبعي وأبي خالد سليمان بن حيان الأحمر وعبد الوهاب الخفاف وعبدة وعلي بن مسهر وعيسى بن يونس ومحمد بن بشر العبدي ومحمد بن بكر البرساني وغندر ، واختلف في موته فقيل : سنة خمسين أو خمس أو ست أو سبع وخمسين ومائة .
( ثم ) بعده جماعة ; كـ ( الرقاشي ) بفتح الراء المهملة وتخفيف القاف المفتوحة ثم شين معجمة وتشديد ياء النسبة ، نسبة إلى امرأة اسمها رقاش ابنة قيس ، ( أبي قلابة ) بكسر القاف وتخفيف اللام ثم موحدة ثم هاء تأنيث ، ويكنى أيضا أبا محمد لكنها أغلب ، واسمه عبد الملك بن محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الملك بن مسلم البصري الحافظ ، ابن ماجه ، ومن غيرهم خلق ، منهم روى عنه من أصحاب الكتب الستة ابن جرير وهو الذي وصفه بالاختلاط ، فقال : ثنا وابن خزيمة ، أبو قلابة بالبصرة قبل أن يختلط ويخرج إلى بغداد . انتهى .
وممن سمع منه أخيرا ببغداد أبو عمرو عثمان بن أحمد السماك وأبو بكر محمد بن عبد الله الشافعي وغيرهما ، فعلى قول سماعهم منه بعد الاختلاط وكانت وفاته في شوال سنة ست وسبعين ومائتين . ابن خزيمة
و ( كذا ) ممن [ ص: 374 ] كان قبل الاثنين المذكورين قبله من المختلطين ( حصين ) بمهملتين مصغرا ، ابن عبد الرحمن وابن عم أبو الهذيل ( السلمي ) بضم المهملة وتشديد آخره الكوفي ، وبنسبته سلميا يتميز عن جماعة اسم كل منهم منصور بن المعتمر حصين بن عبد الرحمن الكوفي ، مع أن لم يذكرها ، وهو أحد الثقات الأثبات المتفق على الاحتجاج بهم ، فقد قال ابن الصلاح أبو حاتم : إنه ساء حفظه في الآخر . ونحوه قول : إنه تغير . وقال النسائي عن الحسن الحلواني ، : إنه اختلط . ولذا جزم يزيد بن هارون بأنه اختلط وتغير ، وقال : ذكره ابن الصلاح وغيره ، ولكن قد أنكر النسائي اختلاطه . وكذا قال ابن المديني : إنه لم يختلط ، وهو ممن خرج له الشيخان من رواية علي بن عاصم خالد بن عبد الله الواسطي والثوري وشعبة وأبي زبيد عبثر بن القاسم ومحمد بن فضيل وهشيم عنه ، وأبي عوانة الوضاح فقط من رواية والبخاري حصين بن نمير وزائدة بن قدامة وسليمان بن كثير العبدي وعبد العزيز بن عبد الصمد العمي وعبد العزيز بن مسلم وأبي كدينة يحيى بن المهلب عنه ، وأبي بكر بن عياش ومسلم فقط من رواية جرير بن حازم وزياد بن عبد الله البكائي وأبي الأحوص سلام بن سليم وعباد بن العوام عنه ، وفي هؤلاء من سمع منه قبل الاختلاط كالواسطي وعبد الله بن إدريس وزائدة والثوري وشعبة ، ومن سمع منه بعده كحصين ، وكانت وفاته في سنة ست وثلاثين ومائة عن ثلاث وتسعين سنة .
[ ص: 375 ] ( و ) كذا من المختلطين ( ) بمهملتين ، ثانيهما مكسورة ، بينهما ألف وآخره ميم ، لقب لأحد الثقات الأثبات ، واسمه ( عارم محمد ) هو ابن الفضل ، ويكنى أبا النعمان السدوسي البصري ، فقد قال : إنه تغير في آخر عمره . ونحوه قول البخاري أبي داود : إنه قد زال عقله . وقال : كان أحد الثقات قبل أن يختلط . وقال النسائي أبو حاتم : اختلط في آخر عمره وزال عقله ، فمن سمع منه قبل الاختلاط فسماعه صحيح وقد كتبت عنه قبله سنة أربع عشرة ، ولم أسمع منه بعده ، ومن سمع منه قبل سنة عشرين فسماعه جيد ، لقيه سنة اثنتين وعشرين . وقال وأبو زرعة : إنه اختلط في آخر عمره وتغير حتى كان لا يدري ما يحدث به ، فوقع في حديثه المناكير الكثيرة ، فيجب التنكب عن حديثه فيما رواه المتأخرون ، فإذا لم يعلم هذا من هذا ، ترك الكل ، وأنكر ابن حبان الذهبي قوله ، ووصفه بالتخسيف والتهوير ، وقال : إنه لم يقدر أن يسوق له حديثا منكرا ، والقول ما قال : إنه تغير بأخرة ، وما ظهر له بعد اختلاطه حديث منكر ، وهو ثقة ، ثم إن قول الدارقطني أبي حاتم الماضي يخالفه قول الحسين بن عبد الله الذارع ، عن أبي داود : بلغنا أنه أنكر سنة ثلاث عشرة ثم راجعه عقله واستحكم به الاختلاط سنة ست عشرة ، ونحوه قول : إن سماع العقيلي علي البغوي منه سنة سبع عشرة يعني بعد اختلاطه .
وممن سمع منه قبل الاختلاط أحمد بن حنبل وعبد الله بن محمد المسندي وأبو علي محمد بن أحمد بن خالد الزريقي ; فإنه قال : حدثنا قبل أن يختلط . كما تقدم ، وأبو حاتم محمد بن إدريس الرازي ; فإنه إنما سمع منه في سنة ثلاث عشرة قبل اختلاطه بمدة ; ولذا اعتمده في عدة أحاديث ، بل روى له أيضا بواسطة المسندي فقط ، والبخاري ; فإنه قال : ثنا ومحمد بن يحيى الذهلي ، وكان بعيدا من العرامة صحيح الكتاب وكان ثقة . عارم كما قاله ومحمد بن يونس الكديمي الخطيب ، وقد قال : ما رواه عنه ابن الصلاح البخاري وغيرهما من الحفاظ ينبغي أن يكون مأخوذا عنه قبل اختلاطه . والذهلي
وممن سمع منه بعده أبو زرعة الرازي كما تقدم عنهما ، وحديثه عند وعلي بن عبد العزيز البغوي مسلم أيضا بواسطة أحمد بن سعيد الدارمي [ ص: 376 ] وحجاج الشاعر وأبي داود سليمان بن معبد السنجي وعبد بن حميد ، وكانت وفاته في سنة ثلاث أو في صفر سنة أربع وعشرين ومائتين ، والثاني أكثر . وهارون بن عبد الله الحمال
( و ) كذا من المختلطين عبد الوهاب بن عبد المجيد أبو محمد ( الثقفي ) بفتح المثلثة والقاف ثم فاء ، نسبة إلى ثقيف ، البصري أحد الثقات ; لقول عن عباس الدوري : إنه اختلط بأخرة . وكذا وصفه بالاختلاط ابن معين عقبة بن مكرم ، وأنه كان قبل موته بثلاث سنين أو أربع ، لكن قال الذهبي في ( الميزان ) : إنه ما ضر تغيره حديثه ; فإنه ما حدث في زمنه بحديث ، واستدل لذلك بقول أبي داود : تغير جرير بن حازم فحجب الناس عنهما . وكذا قاله وعبد الوهاب الثقفي ، ويخدش فيه قول العقيلي : إنه اختلط حتى كان لا يعقل ، وسمعته وهو مختلط يقول : ثنا الفلاس محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان باختلاط شديد ، ولعل هذا كان قبل حجبه ، وقد اتفق الشيخان عليه من جهة محمد بن بشار بندار عنه ، ومحمد بن المثنى فقط من جهة والبخاري أزهر بن جميل وعمرو بن علي الفلاس وقتيبة ومحمد بن سلام ومحمد بن عبد الله بن حوشب عنه ، ومسلم فقط من جهة إبراهيم بن محمد بن عرعرة وإسحاق بن راهويه وسويد بن سعيد وأبي بكر بن أبي شيبة وعبيد الله بن عمر القواريري وأبي غسان مالك بن عبد الواحد المسمعي [ ص: 377 ] ومحمد بن عبد الله الرازي ومحمد بن يحيى بن أبي عمر العدني عنه . ويحيى بن حبيب بن عربي
و ( كذا ) من المختلطين ( ابن همام ) بفتح أوله ثم تشديد ; كحماد بن نافع ، هو عبد الرزاق أبو بكر الحميري أحد الحفاظ الأثبات ، ( بصنعا ) بفتح المهملة ثم نون ساكنة مقصورا للضرورة ، مدينة باليمن شهيرة ، ( إذ عمي ) لقول أحمد فيما رواه عنه : أتيناه قبل المائتين وهو صحيح البصر ، ومن سمع منه بعد ذهاب بصره فهو ضعيف السماع . وقال أبو زرعة الدمشقي الأثرم عن أحمد أيضا : من سمع منه بعدما عمي فليس بشيء ، وما كان في كتبه فهو صحيح ، وما ليس في كتبه فإنه كان يلقن فيتلقن ، وحكى حنبل عن أحمد نحوه ، وكذا قال : فيه نظر لمن كتب عنه بآخرة ، كتبوا عنه أحاديث مناكير . النسائي
وممن سمع منه قبل ذلك أحمد وإسحاق بن راهويه وعلي بن المديني ووكيع ، والضابط لمن سمع منه قبل الاختلاط أن يكون سماعه قبل المائتين ، كما تقدم ، وممن سمع منه بعد ذلك وابن معين إبراهيم بن منصور الرمادي وأحمد بن محمد بن شبويه ، ، وإسحاق بن إبراهيم الدبري ، قال ومحمد بن حماد الطهراني : مات إبراهيم الحربي عبد الرزاق ، ست أو سبع سنين . وكذا قال وللدبري الذهبي : اعتنى به أبوه فأسمعه من عبد الرزاق تصانيفه ، وله سبع سنين ، ونحوه قول : إنه استصغر فيه ، وقال ابن عدي : وقد وجدت فيما روي عن ابن الصلاح عن الدبري عبد الرزاق أحاديث استنكرتها جدا فأحلت أمرها على ; لأن سماعه منه متأخر جدا ، ومع ذلك فقد احتج به الدبري أبو عوانة في صحيحه ، وكذا كان يصحح روايته ، وأدخله في الصحيح الذي ألفه ، وأكثر عنه العقيلي [ ص: 378 ] وقال الطبراني ، الحاكم : قلت : أيدخل في الصحيح ؟ قال : إي والله . وكأنهم لم يبالوا بتغير للدارقطني عبد الرزاق ; لكونه إنما حدثه من كتبه ، لا من حفظه ، قاله المصنف ، ونحوه قول ابن كثير كما قدمته في ( أدب المحدث ) : إذا طعن في السن أو لا ، بل الاعتماد على كتابه أو الضابط له فلا . من يكون اعتماده في حديثه على حفظه وضبطه ، ينبغي الاحتراز من اختلاطه
وقال شيخنا : إنما سببها أنه سمع من الدبري عبد الرزاق بعد اختلاطه ، فما يوجد من حديث المناكير الواقعة في حديث عن الدبري عبد الرزاق في مصنفات عبد الرزاق فلا يلحق منه تبعة إلا إن صحف وحرف ، وقد جمع القاضي الدبري محمد بن أحمد بن مفرج القرطبي الحروف التي أخطأ فيها وصحفها في مصنف الدبري عبد الرزاق ، إنما الكلام في الأحاديث التي عند في غير التصانيف ، فهي التي فيها المناكير ; وذلك لأجل سماعه منه في حال اختلاطه ، ثم إن حديث الدبري عبد الرزاق عند الشيخين من جهة إسحاق بن راهويه وإسحاق بن منصور الكوسج عنه ، وعند ومحمود بن غيلان فقط من جهة البخاري إسحاق بن إبراهيم بن نصر السعدي وعبد الله بن محمد المسندي والذهلي ويحيى بن جعفر البيكندي ويحيى بن موسى البلخي خت عنه ، وعند مسلم فقط من جهة أحمد بن حنبل وأحمد بن يوسف السلمي وحجاج بن يوسف الشاعر والحسن بن علي الخلال وسلمة بن شبيب وعبد بن حميد وعمرو الناقد ومحمد بن رافع ومحمد بن مهران ، وكانت وفاته في شوال سنة إحدى عشرة ومائتين . ومحمد بن يحيى بن أبي عمر العدني
[ ص: 379 ] ( و ) كذا عد فيهم شيخ مالك وأحد الأئمة الأثبات ( الرأي ) بتشديد الراء ثم همزة ; لأنه كان مع معرفته بالسنة قائلا به ، ( فيما زعموا ) حسبما حكاه ربيعة بن أبي عبد الرحمن فروخ المدني ، ، فقال : قيل : إنه تغير في آخر عمره ، وترك الاعتماد عليه لذلك ، ولم أقف عليه لغيره ، وقال الناظم : لا أعلم أحدا تكلم فيه بالاختلاط . انتهى . ابن الصلاح
وإنما قال : كانوا يتقونه لموضع الرأي ، على أن الواقدي قال : قلت عبد العزيز بن أبي سلمة لربيعة في مرضه الذي مات فيه : إنا قد تعلمنا منك ، وربما جاءنا من يستفتينا في الشيء لم نسمع فيه شيئا ; فنرى أن رأينا خير له من رأيه لنفسه فنفتيه . قال : فقال : أقعدوني . ثم قال : ويحك يا عبد العزيز ، لأن تموت جاهلا خير من أن تقول في شيء بغير علم ، لا لا ثلاث مرات ، وكانت وفاته في سنة اثنتين أو ست وثلاثين أو اثنتين وأربعين ومائة بالمدينة .
( و ) كذا ( التوأمي ) بفتح المثناة الفوقانية ثم واو ساكنة وهمزة تليها ميم ، وهو صالح بن أبي صالح نبهان المدني مولى أم سلمة ، تابعي ثقة ، ونسب كذلك ; لأنه يعرف بمولى التوأمة ، وهي ابنة أمية بن خلف الجمحي ، صحابية ، سميت بذلك ; لأنها كانت هي وأخت لها في بطن واحد ، فسميت تلك باسم ، وهذه بالتوأمة ; فإنه اختلط فيما قاله أحمد ، ونحوه قول : خرف قبل أن يموت . وكذا قال ابن معين : خرف وكبر . وقال ابن المديني : تغير في سنة خمس وعشرين ومائة ، وجعل يأتي بما يشبه الموضوعات عن الثقات ، فاختلط حديثه الأخير [ ص: 380 ] بحديثه القديم ، ولم يتميز فاستحق الترك ، واقتصر ابن حبان على حكاية كلامه ، مع أنه ليس الأمر كذلك ، فقد ميز الأئمة بعض من سمع منه قديما ممن سمع منه بعد التغير ، فمن سمع منه قديما ابن الصلاح زياد بن سعد وابن جريج حسبما قاله ومحمد بن عبد الرحمن بن أبي ذئب فيهم ، ابن عدي وابن معين وابن المديني والجوزجاني في الأخير فقط ، ولكن قال الترمذي فيما حكاه عنه عن ابن القطان عن البخاري : إن أحمد بن حنبل سمع منه أخيرا ، وروى عنه منكرا ، فالله أعلم . ابن أبي ذئب ومالك ، فقال وممن سمع منه بعد الاختلاط السفيانان : سمعت منه ولعابه يسيل . يعني من الكبر ، وما علمت أحدا من أصحابنا يحدث عنه ، لا ابن عيينة مالك ولا غيره ، وقال الحميدي ، عن أيضا : لقيته سنة خمس أو ست وعشرين ومائة أو نحوها وقد تغير ولقيه ابن عيينة بعدي . وقال الثوري أحمد : كان مالك أدركه وقد اختلط ، فمن سمع منه قديما فذاك . وممن نص على أن مالكا إنما سمعا منه بعد أن كبر وخرف ، والثوري ، وكذا في ابن معين خاصة الثوري الجوزجاني .
( و ) كذا ( ) بتحتانيتين مع التصغير وبالصرف للضرورة ، هو ابن عيينة سفيان أبو محمد الهلالي الكوفي نزيل مكة ، وأحد الأئمة الأثبات ، فقد قال فيما حكاه يحيى بن سعيد القطان عنه : أشهدوا أنه اختلط سنة سبع وتسعين ، فمن سمع منه ، فيها وبعدها فسماعه لا شيء . قال محمد بن عبد الله بن عمار الموصلي الذهبي : وأنا أستبعده وأعده غلطا من ابن عمار ، فالقطان مات في الكوفة أول سنة ثمان [ ص: 381 ] وتسعين عند رجوع الحاج وتحدثهم بأخبار الحجاز ، فمتى تمكن من سماعه باختلاط سفيان حتى تهيأ له أن يشهد عليه بذلك والموت قد نزل به ، ثم قال : فلعله ذلك في أثناء سنة سبع .
قال شيخنا : وهذا الذي لا يتجه غيره ; لأن ابن عمار من الأثبات المتقنين ، ثم ما المانع أن يكون القطان سمعه من جماعة ممن حج في تلك السنة واعتمد قولهم ، وكانوا كثيرا ، فشهد على استفاضتهم وأخبر به قبل موته ولو بيوم ; فضلا عن أكثر منه ، وقد وجدت عن القطان ما يصلح أن يكون سببا لما نقله عنه ابن عمار ، وهو ما أورده في ترجمة أبو سعد بن السمعاني إسماعيل بن أبي صالح المؤذن من ذيل تاريخ بغداد له بسنده إلى قال : سمعت عبد الرحمن بن بشر بن الحكم يقول : قلت يحيى بن سعيد : كنت تكتب الحديث وتحدث القوم وتزيد في إسناده أو تنقص منه ؟ فقال : عليك بالسماع الأول ; فإني سئمت . بل قال ذلك غير لابن عيينة القطان ، فذكر في زيادة كتاب الإيمان أبو معين الرازي لأحمد ، أن قال له : إن هارون بن معروف تغير أمره بآخرة ، وأن ابن عيينة قال له : إن سليمان بن حرب أخطأ في عامة حديثه عن ابن عيينة أيوب .
وقد من جهة اتفق الشيخان على التخريج له إسحاق بن راهويه وولده وبشر بن الحكم النيسابوري عبد الرحمن بن بشر وقتيبة ومحمد بن عباد المكي عنه ، وأبي موسى محمد بن المثنى فقط من جهة والبخاري حجاج بن منهال وصدقة بن الفضل المروزي والحميدي وعبد الله بن محمد المسندي وعبد الله بن محمد النفيلي وعبيد الله بن موسى وعلي بن المديني وأبي نعيم الفضل بن دكين ومالك بن إسماعيل النهدي ومحمد بن سلام ، ومحمد بن يوسف ويحيى بن جعفر البيكنديين ، عنه ، وأبي الوليد الطيالسي ومسلم فقط من جهة إبراهيم بن دينار التمار وأحمد بن حنبل وأبي معمر إسماعيل بن إبراهيم الهذلي وأبي خيثمة زهير بن حرب وسعيد [ ص: 382 ] ابن عمرو الأشعثي وسعيد بن منصور وسويد بن سعيد وعبد الله بن محمد الزهري وعبد الأعلى بن حماد النرسي وعبد الجبار بن العلاء وأبي قدامة عبيد الله بن سعيد السرخسي وعبيد الله بن عمر القواريري وعلي بن حجر وعلي بن خشرم وعمرو بن محمد الناقد ومحمد بن حاتم بن ميمون ومحمد بن عبد الله بن نمير وأبي كريب محمد بن العلاء ومحمد بن يحيى بن أبي عمر العدني ومخلد بن خالد الشعيري ونصر بن علي الجهضمي وهارون بن معروف عنه . ويحيى بن يحيى النيسابوري
قال الذهبي : ويغلب على ظني أن سائر شيوخ الأئمة الستة سمعوا منه قبل سنة سبع ، فأما سنة ثمان ففيها مات ولم يلق أحدا فيها ; فإنه توفي قبل قدوم الحاج بأربعة أشهر ، بل هو في الحقيقة نحو خمسة أشهر ; لأنه مات بمكة في يوم السبت أول شهر رجب ، كما قاله ابن سعد وابن زبر ، وقال : في آخر يوم من جمادى الآخرة منها ، وجزم ابن حبان بأن وفاته في سنة تسع ، والمعروف : ثمان ، وكان انتقاله من ابن الصلاح الكوفة إلى مكة سنة ثلاث وستين فاستمر بها حتى مات .
قال الذهبي : ومحمد بن عاصم صاحب ذاك الجزء العالي سمع منه في سنة سبع ، وقال : إنه يحصل نظر في كثير من العوالي الواقعة عمن تأخر سماعه من ابن الصلاح وأشباهه . يعني ممن تغير . ابن عيينة
وكذا ممن اختلط ; لقول عبد الله بن لهيعة في ( تهذيب الآثار ) : إنه اختلط عقله في آخر عمره . أبي جعفر الطبري
( مع ) ) نسبة لجده ، أحد الثقات المشهورين والكبار من المحدثين فقد صرح باختلاطه غير [ ص: 383 ] واحد ; عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة بن عبد الله بن مسعود الهذلي ( المسعودي كمحمد بن عبد الله بن نمير وأبي بكر بن أبي شيبة والعجلي وابن سعد ، وأنها في آخر عمره ، وأبي حاتم ، وقال : قبل موته بسنة أو سنتين . وأحمد وقال : إنما اختلط ببغداد فمن سمع منه بالكوفة والبصرة فسماعه جيد . وكذا قال : كان نزل ابن معين بغداد وتغير ، فمن سمع منه زمان فهو صحيح السماع ، أو زمن أبي جعفر ، يعني المنصور ، المهدي فلا ، وهو قريب من قول أبي حاتم ، إذا مشينا على أن وفاة المسعودي سنة ستين ومائة ; لأن وفاة المنصور كانت بمكة في ذي الحجة سنة ثمان وخمسين ، أما على القول بأن وفاة المسعودي سنة خمس وستين فلا .
وقال : اختلط حديثه فلم يتميز فاستحق الترك ، وكذا قال ابن حبان : إنه لا يتميز في الأغلب ما رواه قبل اختلاطه مما رواه بعده ، وهو منتقض بتمييز جماعة من الفريقين ، فممن سمع منه قديما أبو الحسن بن القطان أبو نعيم الفضل بن دكين فيما قاله ووكيع أحمد ، وحديثا أبو داود الطيالسي وعاصم بن علي وابن مهدي وأبو النضر هاشم بن القاسم كما صرح به في الأول ويزيد بن هارون ، ، وفي الثاني والرابع سلم بن قتيبة أحمد ، وفي الآخرين ، ، وقال ابن نمير أبو النضر أحدهم : إني لأعرف اليوم الذي اختلط فيه ، كنا عنده وهو يعزى في ابن له ، فجاءه إنسان فقال له : إن غلامك أخذ من ملكك عشرة آلاف وهرب ، ففزع وقام ودخل إلى منزله ، ثم خرج إلينا وقد اختلط ، وقد وقع حديثه في لا بقصد التخريج له فيما ظهر لشيخنا كما قرره في ( مختصر التهذيب ) والمقدمة ، وإنما وقع اتفاقا ، ولم يرو له البخاري مسلم شيئا .
[ ص: 384 ] ( وآخرا حكوه ) أي : وفي المتأخرين حكى أهل الحديث ; كأبي علي البرذعي ثم السمرقندي في معجمه بلاغا ، ومن تبعهما الاختلاط آخر العمر ( في الحفيد ) بمعجمتين ، مصغر ، نسبة لجده الأعلى ، ابن خزيمة فهو أبو الطاهر محمد بن الفضل بن الحافظ الشهير إمام الأئمة أبي بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة بن المغيرة السلمي . ( مع الغطريف ) بكسر المعجمة وإسكان المهملة ثم راء مكسورة ، بعدها مثناة تحتانية ثم فاء ، نسبة لجد جده ، وهو الثقة الثبت أحد أكابر الحفاظ في وقته ، مصنف المستخرج على أبو أحمد محمد بن أحمد بن الحسين بن القاسم بن الغطريف بن الجهم الرباطي الغطريفي الجرجاني العبدي والأبواب وصاحب الجزء العالي وشيخ القاضي البخاري . أبي الطيب الطبري
وكذا صرح به في أولهما الحاكم فقال : إنه مرض في الآخر وتغير بزوال عقله في ذي الحجة سنة أربع وثمانين وثلاثمائة ، وعاش بعد ثلاث سنين ، وقصدته فيها فوجدته لا يعقل ، وكل من أخذ عنه بعد ذلك فلقلة مبالاته بالدين ، ومات في جمادى الأولى سنة سبع وثمانين . انتهى .
وعلى هذا فمدة اختلاطه - كما قال المصنف في التقييد - سنتان ونصف سنة تنقص أياما ، وتجوز الذهبي فقال في ( العبر ) ، وتبعه المصنف في الشرح : اختلط قبل موته بثلاثة أعوام فتجنبوه . بل صرح في ( الميزان ) بقوله : ما عرفت أحدا سمع منه في أيام عدم عقله . وكذا قال في ( تاريخ الإسلام ) : وما أعتقد أنهم سمعوا منه إلا في صحة عقله ، فإن من لا يعقل كيف يسمع عليه ؟ ! وهو متعقب بكلام الحاكم على أن الحاكم لينه ، [ ص: 385 ] بخلاف هذا ; فإنه قال : عقدت له مجلس التحديث سنة ثمان وستين ، ودخلت بيت كتب جده ، وأخرجت له مائتين وخمسين جزءا من سماعاته الصحيحة ، وانتقيت له عشرة أجزاء ، وقلت : دع الأصول عندي صيانة لها . فأخذها وفرقها على الناس ، وذهبت ومد يده إلى كتب غيره فقرأ منها ، ثم إنه مرض . . . إلى آخر كلامه .
وأما ثانيهما فقال المصنف في التقييد : لم أر من ذكره فيمن اختلط إلا أبا علي المذكور ، وقد ترجمه في تاريخ حمزة السهمي جرجان ، فلم يذكر شيئا من ذلك ، وهو أعرف به ; فإنه من شيوخه ، ويشهد له رواية رفيقه الحافظ أبي بكر الإسماعيلي عنه في صحيحه لأكثر من مائة حديث ، لكنه يدلسه ، فمرة يقول : ثنا ، محمد بن أحمد العبدي ومرة : محمد بن أبي حامد النيسابوري والعبقسي والثغري ، لكن لا مانع أن يكون تغيره - إن صح - بعد أخذ الإسماعيلي عنه ، وكانت وفاته في رجب سنة سبع وسبعين وثلاثمائة ، قال المصنف : وثم آخر يوافق في اسمه واسم أبيه وبلده ، ويقاربه في اسم الجد ، وهما متعاصران ، وهو الغطريفي محمد بن أحمد بن الحسن بالتكبير الجرجاني ، وهو ممن ذكر الحاكم أنه تغير واختلط ، فيحتمل أن اشتبه . بالغطريفي
وكذا ممن اختلط من المتأخرين صاحب أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم الربيع ، فقال القراب : إنه حجب عن الناس في سنة أربع وأربعين وثلاثمائة فلم يؤذن لأحد عليه حتى مات ; لأنه ذهبت عيناه واختلط عقله ، وأبو الحسين زيد بن محمد بن جعفر بن المبارك العامري الكوفي المعروف بابن أبي اليابس [ ص: 386 ] أحد شيوخ ابن شاهين ، وغيره كابن السمعاني فإنه ترجمه في الياء التحتانية من الأنساب وقال : إنه كان قد اختلط عقله في آخر عمره ووسوس ، كتبت عنه يسيرا .
( مع القطيعي ) بفتح القاف وكسر المهملة ثم مثناة تحتانية بعدها عين مهملة ، نسبة لقطيعة الدقيق ببغداد ، ( المعروف ) بالثقة بحيث قال أبي بكر ( أحمد ) بن جعفر بن حمدان بن مالك الحاكم : إنه ثقة مأمون . وقال الخطيب : لا أعلم أحدا ترك الاحتجاج به . وقال الذهبي : إنه صدوق في نفسه ، مقبول ، وهو صاحب الأجزاء القطيعيات الخمسة ; النهاية في العلو لأصحاب الفخر بينهم وبينه في مدة أربعمائة سنة ونيف أربعة أنفس لا غير ، والراوي لمسند أحمد ، والزهد الكبير له ، المنفرد بهما ، فقد قال : إنه اختل في آخر عمره وخرف حتى كان لا يعرف شيئا مما يقرأ عليه . وحكاه ابن الصلاح الذهبي في ( الميزان ) وقال : ذكر هذا أبو الحسن بن الفرات يعني كما نقله الخطيب عنه ، ثم قال الذهبي : وهذا القول غلو وإسراف ، وقد كان أبو بكر أسند أهل زمانه . انتهى .
وإنكاره على ابن الفرات كما قال شيخنا : عجيب فإنه لم ينفرد بذلك فقد حكى الخطيب في ترجمة أحمد بن أحمد السيبي أنه قال : قدمت بغداد ، وأبو بكر بن مالك حي ، وكان مقصودنا درس الفقه والفرائض ، فقال لنا ابن اللبان الفرضي : لا تذهبوا إلى ابن مالك ; فإنه قد ضعف واختل ومنعت ابني السماع منه . قال : فلم نذهب إليه . انتهى .
ويجوز أن يكون الذي أنكره الذهبي من كلام ابن الفرات قوله : كان لا يعرف شيئا مما يقرأ ، لا الاختلاط . ولكن قد قال الذهبي في ترجمة عن أبي علي بن المذهب الراوي القطيعي ـ هذا من الميزان أيضا ـ ما نصه : الظاهر [ ص: 387 ] من ابن المذهب أنه شيخ ليس بمتقن ، وكذلك شيخه ابن مالك ، ومن ثم وقع في المسند أشياء غير محكمة المتن والإسناد . انتهى ، وبالجملة فسماع أبي علي للمسند منه قبل اختلاطه ، كما نقله شيخنا عن شيخه المصنف .