باب أهل الذمة دية
أخبرنا الربيع : قال أخبرنا قال : قال الشافعي رضي الله عنه ودية اليهودي والنصراني والمجوسي مثل دية الحر المسلم وعلى من قتله من المسلمين القود وقال أهل أبو حنيفة المدينة دية اليهودي والنصراني إذا قتل أحدهما نصف دية الحر المسلم ودية المجوسي ثمانمائة درهم وقال أهل المدينة لا يقتل مؤمن بكافر قال : قد روى أهل محمد بن الحسن المدينة أن { } قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قتل مسلما بكافر وقال أنا أحق من أوفى بذمته محمد أخبرنا عن إبراهيم بن محمد عن محمد بن المنكدر عبد الرحمن بن البيلماني أن { أهل الذمة فرفع ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أنا أحق من أوفى بذمته ، ثم أمر به فقتل } فكان يقول بهذا القول فقيههم رجلا من المسلمين قتل رجلا من وقد قاله أهل ربيعة بن أبي عبد الرحمن المدينة إذا قتله قتل غيلة وفرق بين قتل الغيلة وقتل غير الغيلة وقد بلغنا عن أنه أمر أن يقتل رجل من المسلمين بقتل رجل نصراني غيلة من أهل عمر بن الخطاب الحيرة فقتله به وقد بلغنا [ ص: 339 ] عن أنه كان يقول إذا قتل المسلم النصراني قتل به فأما ما قالوا في الدية فقول الله عز وجل أصدق القول ذكر الله الدية في كتابه فقال { علي بن أبي طالب وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله }
، ثم ذكر أهل الميثاق فقال { وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله وتحرير رقبة مؤمنة } فجعل في كل واحد منهما دية مسلمة ولم يقل في أهل الميثاق نصف الدية كما قال أهل المدينة وأهل الميثاق ليسوا مسلمين فجعل في كل واحد منهما دية مسلمة إلى أهله والأحاديث في ذلك كثيرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مشهورة معروفة أنه جعل دية الكافر مثل دية المسلم وروى ذلك أفقههم وأعلمهم في زمانه وأعلمهم بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ابن شهاب الزهري فذكر أن دية المعاهد في عهد أبي بكر وعمر رضي الله عنهم مثل دية الحر المسلم فلما كان وعثمان جعلها مثل نصف دية الحر المسلم فإن معاوية الزهري كان أعلمهم في زمانه بالأحاديث فكيف رغبوا عما رواه أفقههم إلى قول . معاوية
أخبرنا عن ابن المبارك قال حدثني من شهد قتل رجل بذمي بكتاب معمر بن راشد : أخبرنا عمر بن عبد العزيز عن قيس بن الربيع عن أبان بن تغلب الحسن بن ميمون عن عبد الله بن عبد الله مولى بني هاشم عن أبي الجنوب الأسدي قال أتى رضي الله عنه برجل من المسلمين قتل رجلا من علي بن أبي طالب أهل الذمة قال فقامت عليه البينة فأمر بقتله فجاء أخوه فقال قد عفوت عنه قال فلعلهم هددوك أو فرقوك ؟ قال لا ولكن قتله لا يرد علي أخي وعوضوني فرضيت قال أنت أعلم من كانت له ذمتنا فدمه كدمنا وديته كديتنا .
أخبرنا عن أبو حنيفة حماد عن قال دية المعاهد دية الحر المسلم . إبراهيم
حدثنا عن أبو حنيفة حماد عن إبراهيم أن رجلا من بني بكر بن وائل قتل رجلا من أهل الحيرة فكتب فيه رضي الله عنه أن يدفع إلى أولياء المقتول ، فإن شاءوا قتلوا وإن شاءوا عفوا فدفع الرجل إلى ولي المقتول إلى رجل يقال له عمر بن الخطاب حنين من أهل الحيرة فقتله فكتب بعد ذلك إن كان الرجل لم يقتل فلا تقتلوه فرأوا أن عمر أراد أن يرضيهم من الدية . عمر
أخبرنا محمد بن يزيد قال أخبرنا عن سفيان بن حسين الزهري أن ابن شاس الجذامي قتل رجلا من أنباط الشام فرفع إلى فأمر بقتله فكلمه عثمان بن عفان وناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فنهوه عن قتله قال فجعل ديته ألف دينار . الزبير
أخبرنا محمد بن يزيد قال أخبرنا عن سفيان بن حسين الزهري عن قال دية كل معاهد في عهده ألف دينار . ابن المسيب
وأخبرنا ابن عبد الله عن المغيرة عن أنه قال دية اليهودي والنصراني والمجوسي سواء . إبراهيم
أخبرنا عن خالد عن مطرف الشعبي مثله إلا أنه لم يذكر المجوسي ( قال ) رحمه الله تعالى لا يقتل مؤمن بكافر ودية اليهودي والنصراني ثلث دية المسلم ودية المجوسي ثمانمائة درهم وقد خالفنا في هذا غير واحد من بعض الناس وغيرهم وسألني بعضهم وسألته وسأحكي ما حضرني منه إن شاء الله تعالى فقال ما حجتك في أن لا يقتل مؤمن بكافر ؟ فقلت ما لا ينبغي لأحد دفعه مما فرق الله به بين المؤمنين والكافرين . الشافعي
ثم سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضا ، ثم الأخبار عمن بعده فقالوا وأين ما فرق الله به بين المؤمنين والكافرين من الأحكام ؟ فأما الثواب والعقاب فما لا أسأل عنه ولكن أسأل عن أحكام الدنيا فقيل له يحضر المؤمن والكافر قتال الكفار فنعطي نحن وأنت المؤمن السهم ونمنعه الكافر وإن كان أعظم غناء منه ونأخذ ما أخذنا من مسلم بأمر الله صدقة يطهره الله بها ويزكيه ويؤخذ ذلك من الكفار صغارا قال الله تعالى { حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون } فوجدت الكفار في حكم الله
، ثم حكم رسوله في موضع العبودية للمسلمين صنفا متى قدر عليهم تعبدوا وتؤخذ منهم أموالهم لا يقبل منهم غير ذلك وصنفا يصنع [ ص: 340 ] ذلك بهم إلا أن يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون فإعطاء الجزية إذا لزمهم فهو صنف من العبودية فلا يجوز أن يكون من كان خولا للمسلمين في حال أو كان خولا لهم بكل حال إلا أن يؤدي جزية فيكون كالعبد المخارج في بعض حالاته كفؤا للمسلمين .
وقد فرق الله عز وجل بينهما بهذا وبأن أنعم على المسلمين فأحل لهم حرائر نساء أهل الكتاب وحرم المؤمنات على جميع الكافرين مع ما يفترقون فيه سوى هذا قال إن فيما دون هذا لفرقا ولكن ما السنة ؟ قلت أخبرنا مسلم بن خالد عن ابن أبي حسين عن عطاء وطاوس ومجاهد والحسن أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في خطبته عام الفتح { } قال هذا مرسل قلت نعم وقد يصله غيرهم من أهل المغازي من حديث لا يقتل مسلم بكافر وحديث غيره ولكن فيه حديث من أحسن إسنادكم . عمران بن الحصين
أخبرنا عن ابن عيينة عن مطرف الشعبي عن ابن أبي جحيفة قال سألت رضي الله تعالى عنه فقلت هل عندكم من رسول الله صلى الله عليه وسلم شيء سوى القرآن ؟ فقال لا والذي فلق الحبة وبرأ النسمة إلا أن يؤتي الله عبدا فهما في القرآن وما في الصحيفة قلت وما في الصحيفة ؟ قال العقل وفكاك الأسير وأن لا يقتل مؤمن بكافر قال هذا حديث ثابت عندنا معروف أن النبي صلى الله عليه وسلم قال { عليا } غير أنا تأولناه وروى لا يقتل مؤمن بكافر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال { سعيد بن جبير } فذهبنا إلى أنه عنى الكفار من أهل الحرب الذين لا عهد لهم لأن دماءهم حلال فأما من منع دمه العهد فيقول من قتله به فقلنا حديث لا يقتل مسلم بكافر ولا ذو عهد في عهده سعيد مرسل ونحن نجعله لك ثابتا هو عليك مع هذه الأحاديث قال فما معناه ؟ قلنا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { } لا يقتل مسلم بكافر
، ثم إن كان قال { } فإنما قال ولا يقتل ذو عهد في عهده تعليما للناس إذ سقط القود بين المؤمن والكافر أنه لا يحل لهم قتل من له عهد من الكافرين قال فيحتمل معنى غير هذا ؟ قلنا لو احتمله كان هذا أولى به لأنه الظاهر قال وما يدلك على أنه الظاهر ؟ قلنا لأن ذوي العهد من الكافرين كفار قال فهل من سنة تبين هذا ؟ قلنا نعم وفيه كفاية قال وأين هي ؟ قلت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { ولا ذو عهد في عهده } فهل زعمت أن هذا على الكافرين غير أهل العهد فتكون قد تأولت فيه مثل ما تأولت في الحديث الآخر ؟ قال لا ولكنها على الكافرين من كانوا من أهل العهد وغيرهم لأن اسم الكفر يلزمهم قلنا ولا تجد بدا إذا كان هذا صوابا عندك من أن تقول مثل ذلك في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم { لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم } أو يكون ذلك صوابا فترد هذا فتقول يرث الكافر المسلم إذا كان من أهل العهد ولا يرثه إذا كان من أهل الحرب فتبعضه كما بعضت حديث { لا يقتل مؤمن بكافر } قال ما أقوله قلنا لم ؟ ألأن الحديث لا يحتمله ؟ قال بلى هو يحتمله ولكن ظاهره غيره قلنا فكذلك ظاهر ذلك الحديث على غير ما تأولت وقد زعمت أن لا يقتل مؤمن بكافر معاذا ورثا مسلما من كافر ومعاوية
، ثم تركت الذي رويت نصا عنهما وقلت لا حجة في أحد مع النبي صلى الله عليه وسلم
، ثم أردت أن تجعل متأولا حجة على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يأتيك بنفسه فلا تقبله منه وتقول رجل من التابعين لا يلزمني قوله قال فليس بهذا وحده قلته قلنا وقد يلزمك في هذا ترك ما ذهبت إليه لأنك إذا لم تقد المسلم من الحربي للعلة التي ذكرت فقد لا تقيده وله عهد قال وأين قلت ؟ المستأمن يقتله المسلم لا تقتله به وله عهد هو به حرام الدم والمال فلو لم يلزمك حجة إلا هذا لزمتك قال ويقال لهذا معاهد ؟ قلنا نعم [ ص: 341 ] لعهد الأمان وهذا مؤمن قال فيدل على هذا بكتاب أو سنة ؟ قلنا نعم قال الله عز وجل { سعيد بن جبير براءة من الله ورسوله } إلى قوله { أنكم غير معجزي الله } فجعل لهم عهدا إلى مدة ولم يكونوا أمناء بجزية كانوا أمناء بعهد ووصفهم باسم العهد { رضي الله عنه بأن من كان عنده من النبي صلى الله عليه وسلم عهد فعهده إلى مدته عليا } قال ما كنا نذهب إلا أن العهد عهد الأبد قلنا فقد أوجدناك العهد إلى مدة في كتاب الله عز وجل وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال الله { وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ، ثم أبلغه مأمنه }
فجعل له العهد إلى سماع كلام الله وبلوغ مأمنه والعهد الذي وصفت على الأبد إنما هو إلى مدة إلى المعاهد نفسه ما استقام بها كانت له فإذا نزع عنها كان محاربا حلال الدم والمال فأقدت المعاهد الذي العهد فيه إلى المشرك ولم تقد المعاهد الذي عقد له العهد إلى مدة بمسلم
، ثم هما جميعا في الحالين ممنوعا الدم والمال عندك معاهدين أفرأيت لو قال لك قائل أقيد المعاهد إلى مدة من قبل أنه ممنوع الدم والمال وجاهل بأن حكم الإسلام لا يقتل المؤمن به ولا أقيد المعاهد المقيم ببلاد الإسلام لأنه عالم أن لا يقتل مسلم به فقد رضي العهد على ما لم يرضه عليه ذلك ألا يكون أحسن حجة منك ؟ قال فإنا قد روينا من حديث ابن البيلماني أن النبي صلى الله عليه وسلم قتل مؤمنا بكافر قلت أفرأيت لو كنا نحن وأنت نثبت المنقطع بحسن الظن بمن رواه فروي حديثان أحدهما منقطع والآخر متصل بخلافه أيهما كان أولى بنا أن نثبته الذي ثبتناه وقد عرفنا من رواه بالصدق أو الذي ثبتناه بالظن ؟ قال بل الذي ثبتناه متصلا فقلت فحديثنا متصل وحديث ابن البيلماني منقطع وحديث ابن البيلماني خطأ وإن ما رواه ابن البيلماني فيما بلغنا { أن قتل كافرا كان له عهد إلى مدة وكان المقتول رسولا فقتله النبي صلى الله عليه وسلم به عمرو بن أمية } ولو كان ثابتا كنت أنت قد خالفت الحديثين معا حديث ابن البيلماني والذي قتله قبل عمرو بن أمية بني النضير وقبل الفتح بزمان وخطبة النبي صلى الله عليه وسلم { } عام الفتح قلت فلو كان كما تقول كان منسوخا قال فلم لم تقبل به وتقول هو منسوخ وقلت هو خطأ ؟ . لا يقتل مسلم بكافر
قلت عاش بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم دهرا طويلا وأنت إنما تأخذ العلم من بعد ليس لك به مثل معرفة أصحابنا ، { عمرو بن أمية وعمرو قتل اثنين وداهما النبي صلى الله عليه وسلم ولم يزد النبي صلى الله عليه وسلم عمرا على أن قال قتلت رجلين لهما مني عهد لأدينهما } قال فإنما قلت هذا مع ما ذكرنا بأن كتب في رجل من عمر بني شيبان قتل رجلا من أهل الحيرة وكتب أن اقتلوه ، ثم كتب بعد ذلك لا تقتلوه قلنا أفرأيت لو كتب أن اقتلوه وقتل ولم يرجع عنه أكان يكون في أحد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حجة ؟ قال لا قلنا فأحسن حالك أن تكون احتججت بغير حجة أرأيت لو لم يكن فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء نقيم الحجة عليك به ولم يكن فيه إلا ما قال أكان عمر يحكم بحكم ، ثم يرجع عنه إلا عن علم بلغه هو أولى من قوله فهذا عليك أو أن يرى أن الذي رجع إليه أولى به من الذي قال فيكون قوله راجعا أولى أن تصير إليه ؟ قال فلعله أراد أن يرضيه بالدية قلنا فلعله أراد أن يخيفه بالقتل ولا يقتله قال ليس هذا في الحديث قلنا وليس ما قلت في الحديث قال فقد رويتم عن عمر عمرو بن دينار أن كتب في مسلم قتل نصرانيا إن كان القاتل قتالا فاقتلوه وإن كان غير قتال فذروه ولا تقتلوه قلنا فقد رويناه ، فإن شئت فقل هو ثابت ولا ننازعك فيه قال ، فإن قلته ؟ قلت فاتبع عمر كما قال فأنت لا تتبعه فيما قال ولا فيما قلنا فنسمعك تحتج بما عليك قال فيثبت عندكم عن عمر في هذا شيء ؟ . عمر
قلت لا ولا حرف وهذه أحاديث منقطعات أو ضعاف أو تجمع الانقطاع والضعف جميعا قال فقد روينا فيه أن رضي الله عنه أمر [ ص: 342 ] بمسلم قتل كافرا أن يقتل فقام إليه ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فمنعوه فوداه بألف دينار ولم يقتله فقلت هذا من حديث من يجهل ، فإن كان غير ثابت فدع الاحتجاج به وإن كان ثابتا فعليك فيه حكم ولك فيه آخر فقل به حتى نعلم أنك قد اتبعته على ضعفه قال وما علي فيه ؟ قلنا زعمت أنه أراد قتله فمنعه ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فرجع إليهم فهذا عثمان بن عفان في أناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مجتمعين أن لا يقتل مسلم بكافر فكيف خالفتم ؟ قال فقد أراد قتله قلنا فقد رجع فالرجوع أولى به قال فقد روينا عن عثمان الزهري أن دية المعاهد كانت في عهد أبي بكر وعمر رضي الله عنهم دية مسلم تامة حتى جعل وعثمان نصف الدية في بيت المال قلنا أفتقبل عن معاوية الزهري مرسله عن النبي صلى الله عليه وسلم أو عن أو عن أبي بكر أو عن عمر فنحتج عليك بمرسله ؟ قال ما يقبل المرسل من أحد وإن عثمان الزهري لقبيح المرسل قلنا وإذا أبيت أن تقبل المرسل فكان هذا مرسلا وكان الزهري قبيح المرسل عندك أليس قد رددته من وجهين قال فهل من شيء يدل على خلاف حديث الزهري فيه ؟ قلنا نعم إن كنت صححته عن الزهري ولكنا لا نعرفه عن الزهري كما نقول قال وما هو قلت أخبرنا عن فضيل بن عياض عن منصور بن المعتمر ثابت الحداد عن أن ابن المسيب رضي الله عنه قضى في دية اليهودي والنصراني بأربعة آلاف وفي دية المجوسي بثمانمائة درهم عمر بن الخطاب