باب . ما لا يجب فيه أرش معلوم
قال رحمه الله تعالى في أبو حنيفة أنه ليس في شيء من ذلك أرش معلوم وفي ذلك كله حكومة عدل أخبرني العين القائمة إذا فقئت وفي اليد الشلاء إذا قطعت وفي كل نافذة في عضو من الأعضاء عن أبو حنيفة حماد عن أنه قال في العين القائمة واليد الشلاء والرجل العرجاء واللسان الأخرس وذكر الخصي حكومة عدل وقال بعض أهل إبراهيم المدينة بمثل قول منهم أبي حنيفة قال نرى في ذلك الاجتهاد وقال بعضهم في العين القائمة إذا فقئت مائة دينار وكل نافذة من عضو من الأعضاء ثلث دية ذلك العضو ( قال مالك بن أنس ) وفي ذكر الخصي الدية ، وكذلك ذكر الرجل تقطع أنثياه ويبقى ذكره تاما كما هو ، فإن قال قائل ما الحجة ؟ قيل أرأيت الذكر إذا كانت فيه دية أبخبر لازم هي ، فإن قال نعم قيل ففي الخبر اللازم أنه ذكر غير خصي ، فإن قال لا قيل فلم خالفتم الخبر ؟ ، فإن قال لأنه لا يحبل قيل أفرأيت الصبي يقطع ذكره أو الشيخ الذي قد انقطع عنه أمر النساء أو المخلوق خلقا ضعيفا لا يتحرك ، فإن زعم أن في هذه الدية فقد جعلوها فيما لا يحبل ولا يجامع به وذكر الخصي يجامع به أشد ما كان الجماع قط ولا أعلم في الذكر نفسه منفعة إلا مجرى البول والجماع وهما قائمان وجماعه أشد من جماع غير الخصي فأمر الولد شيء ليس من الذكر إنما هو بمني يخرج من الصلب قال الله عز وجل { الشافعي يخرج من بين الصلب والترائب } ويخرج فيكون ولا يكون ومن أعجب قول أنه زعم أبي حنيفة الدية وفي الأنثيين الدية وإن قطعت الأنثيان قبل إن قطع أولا ثم قطعت الأنثيان بعد ففي الذكر
، ثم قطع الذكر ففي الأنثيين الدية وفي الذكر حكومة عدل ، فإن قالوا فإنما أبطلنا الدية في الذكر إذا ذهب الأنثيان لأن أداته التي يحبل بها الأنثيان فهل في الأنثيين منفعة أو جمال غير أنهما أداة للذكر ، فإن قالوا لا .
قيل لهم أرأيتم الذكر إذا استؤصل فعلمنا أنه لا يبقى منه شيء يصل إلى فرج امرأة فتحبل به لم زعمتم أن في الأنثيين الدية إذ الأنثيان إذا كانتا أداة الذكر أولى أن لا يكون فيهما دية لأنه لا منفعة فيهما ولا جمال إلا أن تكونا أداة للذكر وقد ذهب الذكر والذكر فيه منفعة بالجماع فأبطلتم فيه الدية وفيه منفعة وهو الذي له الأداة وأثبتموها في الأنثيين اللتين لا منفعة فيهما وإنما هما أداة لغيرهما وقد بطلتا بأن ذهب الشيء الذي هما أداة له والذكر لا يبطل بذهاب أداته لأنه يجامع به وتنال منه ، فإن قالوا فإنما جعلناها على الأسماء [ ص: 334 ] والأنثيان قائمتان قيل فهكذا الذكر قائم وهكذا احتججنا نحن وأنتم في التسوية بين الأصابع والشفتين والعينين وكل ما لزمه الاسم ولم نلتفت إلى منافعهما كذا كان ينبغي لكم أن تقفوا في الذكر وهكذا قلنا وأنتم اليد اليمنى الباطشة الكاتبة الرفيقة كاليد اليسرى الضعيفة التي لا تبطش ولا تكتب فأما العين القائمة فإن أخبرنا عن مالكا أنه قضى في العين القائمة بمائة دينار وأصل ما تذهبون إليه زعمتم أن لا تخالفوا الواحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فلو قلتم في العين القائمة إذا فقئت مائة دينار كنتم وافقتم زيد بن ثابت إذ لم نعلم أحدا خالفه فإذا قلتم قد يحتمل قول زيد بن ثابت أن يكون اجتهد فيها فرأى الاجتهاد فيها قدر خمسها قيل فقد يحتمل ذلك ويحتمل أن يكون حكم به فأما كل نافذة في عضو فلا أعلم أحدا قال هذا أكثر من زيد بن ثابت وجراح البدن مخالفة جراح الرأس فيها حكومة ، فإن قال قائل فما الحجة في أن جراح البدن مخالفة جراح الرأس ؟ قيل قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في الموضحة بخمس من الإبل وكان الذي أحفظ عن بعض من أحفظ عنه ممن لقيت أن سعيد بن المسيب إنما تكون في الوجه والرأس والوجه رأس كله لأنه إذا قطع قطعا معا وإن كان يتفرق في الوضوء وكأن الرأس إذا ذهب ذهب الوجه فلو قست الموضحة في الضلع على الموضحة في الرأس قضيت بنصف عشر بعير لأني أقضي في الضلع إذا كسر ببعير وذلك أني أقضي في الرأس إذا كسر ولم يكن مأموما بعشر من الإبل فيدخل على أحد إن قال هذا القول أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى في الموضحة بخمس من الإبل ، فإن زعم أن الموضحة في البدن داخلة في الموضحة التي قضى فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم لأن الاسم يجمعهما دخل عليه أن يخالف ما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قاس الموضحة في الجسد أو يخالف القياس فيقول قولا محالا فيجعل في الموضحة في الضلع خمسا من الإبل والضلع نفسه لو كسر لم يكن فيه إلا بعير وفي اليد الشلاء ولسان الأخرس حكومة ( قال الموضحة الربيع ) حفظي عن أن في كل ما دون الموضحة من الجراح وفي الضلع والترقوة حكومة . الشافعي