باب سجود القرآن سألت عن السجود في { الشافعي إذا السماء انشقت } ؟ فقال : فيها سجدة فقلت : وما الحجة أن فيها سجدة ؟ ( قال ) : أخبرنا الشافعي عن مالك مولى عبد الله بن يزيد الأسود بن سفيان عن { أبي سلمة بن عبد الرحمن قرأ لهم { أبا هريرة إذا السماء انشقت } فسجد فيها فلما انصرف أخبرهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سجد فيها } . أن
( قال ) : وأخبرنا الشافعي عن مالك ابن شهاب عن أن الأعرج قرأ { عمر بن الخطاب والنجم إذا هوى } فسجد فيها ثم قام فقرأ بسورة أخرى .
( قال ) : وأخبرنا بعض [ ص: 213 ] أصحابنا عن الشافعي أن مالك أمر عمر بن عبد العزيز أن يأمر القراء أن يسجدوا في { محمد بن مسلم إذا السماء انشقت } وسألت عن الشافعي فقال : فيها سجدتان فقلت : وما الحجة في ذلك ؟ قال : أخبرنا السجود في سورة الحج عن مالك أن نافع سجد في سورة الحج سجدتين . ابن عمر
( قال ) : أخبرنا الشافعي عن مالك عن رجل من أهل نافع مصر أن سجد في سورة الحج سجدتين ثم قال : إن هذه السورة فضلت بسجدتين فقلت عمر بن الخطاب : فإنا نقول : اجتمع الناس على أن للشافعي إحدى عشرة سجدة ليس في المفصل منها شيء فقال سجود القرآن : إنه يجب عليكم أن لا تقولوا اجتمع الناس إلا لما إذا لقي أهل العلم فقيل لهم : اجتمع الناس على ما قلتم إنهم اجتمعوا عليه قالوا : نعم وكان أقل قولهم لك أن يقولوا : لا نعلم من أهل العلم مخالفا فيما قلتم اجتمع الناس عليه فإما أن تقولوا اجتمع الناس وأهل الشافعي المدينة معكم يقولون : ما اجتمع الناس على ما زعمتم أنهم اجتمعوا عليه فأمران أسأتم النظر بهما لأنفسكم في التحفظ في الحديث وأن تجعلوا السبيل لمن سمع قولكم اجتمع الناس إلى رد قولكم ولا سيما إذ كنتم إنما أنتم معتضدون على علم رحمه الله وإياه وكنتم تروون { مالك إذا السماء انشقت } } وأن عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سجد في { سجد فيها ثم تروون عن أبا هريرة أنه أمر من يأمر القراء أن يسجدوا فيها . عمر بن عبد العزيز
( قال ) : وأنتم تجعلون قول أصلا من أصول العلم فتقولون : كان لا يحلف الرجل للمدعى عليه إلا أن يكون بينهما مخالطة فتركتم قول النبي صلى الله عليه وسلم { عمر بن عبد العزيز } لقول البينة على المدعي ، واليمين على المدعى عليه ثم تجدون عمر يأمر بالسجود في { عمر إذا السماء انشقت } ومعه سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ورأي فتتركونه ، ولم تسموا أحدا خالف هذا وهذا عندكم العلم ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم في زمانه ثم أبي هريرة في الصحابة ثم أبو هريرة في التابعين والعمل يكون عندكم بقول عمر بن عبد العزيز وحده وأقل ما يؤخذ عليكم في هذا أن يقال : كيف زعمتم أن عمر سجد في { أبا هريرة إذا السماء انشقت } وأن أمر بالسجود فيها ، وأن عمر سجد في النجم ثم زعمتم أن الناس اجتمعوا أن لا سجود في المفصل وهذا من أصحاب رسول الله ، وهذا من علماء التابعين فيقال : قولكم اجتمع الناس لما تحكون فيه غير ما قلتم بين في قولكم أن ليس كما قلتم ثم رويتم عن عمر بن الخطاب أنه سجد في النجم ثم لا تروون عن غيره خلافه ثم رويتم عن عمر بن الخطاب عمر أنهما سجدا في سورة الحج سجدتين وتقولون : ليس فيها إلا واحدة وتزعمون أن الناس أجمعوا أن ليس فيها إلا واحدة ثم تقولون : أجمع الناس وأنتم تروون خلاف ما تقولون . وابن عمر
وهذا لا يعذر أحد بأن يجهله ولا يرضى أحد أن يكون موجودا عليه لما فيه مما لا يخفى على أحد يعقل إذا سمعه أرأيت إذا قيل لكم : أي الناس أجمع على أن لا سجود في المفصل ، وأنتم تروون عن أئمة الناس السجود فيه ولا تروون عن غيرهم خلافهم أليس تقولون : أجمع الناس أن في المفصل سجودا أولى بكم من أن تقولوا : أجمع الناس أن لا سجود في المفصل ؟ فإن قلتم : لا يجوز إذا لم نعلمهم أجمعوا أن نقول : أجمعوا فقد قلتم : أجمعوا ، ولم ترووا عن واحد من الأئمة قولكم ، ولا أدري من الناس عندكم أخلق كانوا لم يسم واحد منهم ، وما ذهبنا بالحجة عليكم إلا من قول أهل المدينة وما جعلنا الإجماع إلا إجماعهم فأحسنوا النظر لأنفسكم واعلموا أنه لا يجوز أن تقولوا : أجمع الناس بالمدينة حتى لا يكون بالمدينة مخالف من أهل العلم ولكن قولوا فيما اختلفوا فيه : اخترنا كذا ، ولا تدعوا الإجماع فتدعوا ما يوجد على ألسنتكم خلافه فما أعلمه يؤخذ على أحد نسب إلى علم أقبح من هذا قلت : أرأيت إن كان قولي اجتمع الناس عليه أعني من رضيت من أهل للشافعي المدينة وإن كانوا مختلفين فقال : أفرأيتم إن قال من يخالفكم [ ص: 214 ] ويذهب إلى قول من خالف قول من أخذت بقوله أجمع الناس أيكون صادقا فإن كان صادقا ، وكان الشافعي بالمدينة قول ثالث يخالفكما أجمع الناس على قول فإن كنتم صادقين معا بالتأويل فبالمدينة إجماع من ثلاثة وجوه مختلفة وإن قلتم الإجماع هو ضد الخلاف فلا يقال : إجماع إلا لما لا خلاف فيه بالمدينة قلت : هذا الصدق المحض فلا تفارقه ، ولا تدعوا الإجماع أبدا إلا فيما لا يوجد بالمدينة فيه اختلاف ، وهو لا يوجد بالمدينة إلا وجد بجميع البلدان عند أهل العلم متفقين فيه لم يخالف أهل البلدان أهل المدينة إلا ما اختلف فيه أهل المدينة بينهم .
( قال ) رحمه الله تعالى : واجعل ما وصفنا على هذا الباب كافيا لك دالا على ما سواه إذا أردت أن تقول : أجمع الناس فإن كانوا لم يختلفوا فيه فقله ، وإن كانوا اختلفوا فيه فلا تقله فإن الصدق في غيره . . الشافعي