موقف الإمام
أخبرنا الربيع قال : أخبرنا قال : أخبرنا الشافعي عن مالك عن { إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة قال صليت أنا ويتيم لنا خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتنا أنس وأم سليم خلفنا } ( قال ) : أخبرنا الشافعي عن سفيان بن عيينة أبي حازم بن دينار قال : سألوا من أي شيء منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقال : أما بقي من الناس أحد أعلم به مني من أثل سهل بن سعد الغابة عمله له فلان مولى فلانة ولقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم حين صعد عليه استقبل القبلة فكبر ، ثم ركع ثم نزل القهقرى فسجد ، ثم صعد فقرأ ، ثم ركع ثم نزل القهقرى ، ثم سجد أخبرنا الربيع قال : أخبرنا قال : أخبرنا الشافعي عن مالك عن مخرمة بن سليمان كريب مولى ابن عباس عن { أنه أخبره أنه بات عند ابن عباس وهي خالته قال فاضطجعت في عرض الوسادة واضطجع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأهله في طولها فنام رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا انتصف الليل ، أو قبله بقليل ، أو بعده بقليل استيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم فجلس يمسح وجهه بيده ثم قرأ العشر الآيات الخواتم من سورة آل عمران ثم قام إلى شن معلقة فتوضأ منها فأحسن وضوءه ، ثم قام يصلي قال : ميمونة أم المؤمنين فقمت فصنعت مثل ما صنع ، ثم ذهبت فقمت إلى جنبه فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده اليمنى على رأسي وأخذ بأذني اليمنى ففتلها فصلى ركعتين ، ثم ركعتين ، ثم ركعتين ، ثم ركعتين ، ثم ركعتين ، ثم أوتر ، ثم اضطجع حتى جاء المؤذن فقام فصلى ركعتين خفيفتين ، ثم خرج فصلى الصبح ابن عباس } .
( قال ) : فما حكيت من هذه الأحاديث يدل على أن الشافعي جائزة وأنها كالإمامة في المكتوبة لا يختلفان ويدل على أن الإمامة في النافلة ليلا ونهارا منفردا والمأمومان فأكثر خلفه وإذا أم رجل برجلين فقام منفردا أمامهما وقاما صفا خلفه وإن كان موضع المأمومين رجال ونساء وخناثى مشكلون وقف الرجال يلون الإمام والخناثى خلف الرجال ، والنساء خلف الخناثى وكذلك لو لم يكن معه إلا خنثى مشكل واحد وإذا أم رجل رجلا واحدا أقام الإمام المأموم عن يمينه وإذا أم خنثى مشكلا ، أو امرأة قام كل واحد منهما خلفه لا بحذائه وإذا أم رجل رجلا فوقف المأموم عن يسار الإمام ، أو خلفه كرهت ذلك لهما ولا إعادة على واحد منهما وأجزأت صلاته وكذلك إن أم اثنين فوقفا عن يمينه ويساره ، أو عن يساره معا ، أو يمينه ، أو وقف أحدهما عن جنبه والآخر خلفه ، أو وقفا معا خلفه منفردين كل واحد منهما خلف الآخر كرهت ذلك لهما ولا إعادة على واحد منهما ولا سجود للسهو وإنما أجزت هذا ; لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أم موقف الإمام أمام المأمومين فوقف إلى جنبه فإذا جاز أن يكون المأموم الواحد إلى جنب الإمام لم يفسد أن يكون إلى جنبه اثنان ولا جماعة ولا يفسد أن يكونوا عن يساره ; لأن كل ذلك إلى جنبه وإنما أجزأت صلاة المنفرد وحده خلف الإمام ; لأن العجوز صلت منفردة خلف ابن عباس وآخر معه وهما خلف النبي صلى الله عليه وسلم والنبي صلى الله عليه وسلم أمامهما { أنس قال : أبو محمد رأيت النبي [ ص: 197 ] صلى الله عليه وسلم كأنه واقف على موضع مرتفع فوقفت خلفه وهو يصلي قائما فوقفت خلفه لأصلي معه فأخذني بيده فأوقفني عن يمينه فنظرت خلف ظهره الخاتم بين كتفيه يشبه الحاجب المقوس ونقط سواد في طرف الخاتم ونقط سواد في طرفه الآخر فقمت إليه فقبلت الخاتم } .
ولو يأتم به أجزأت الإمام ومن صلى إلى جنبه ، أو خلفه صلاتهم ولم يجز ذلك من وقف أمام الإمام صلاته لأن السنة أن يكون الإمام أمام لمأموم ، أو حذاءه لا خلفه وسواء قرب ذلك ، أو بعد من الإمام إذا كان المأموم أمام الإمام وكذلك لو صلى خلف الإمام صف في غير وقف بعض المأمومين أمام الإمام مكة فتعوج الصف حتى صار بعضهم أقرب إلى حد القبلة ، أو السترة ما كانت السترة من الإمام لم تجز الذي هو أقرب إلى القبلة منه صلاته وإن كان يرى صلاة الإمام ولو شك المأموم أهو أقرب إلى القبلة ، أو الإمام أحببت له أن يعيد ولا يتبين لي أن يعيد حتى يستيقن أنه كان أقرب إلى القبلة من الإمام ولو أم إمام بمكة وهم يصلون بها صفوفا مستديرة يستقبل كلهم إلى الكعبة من جهته كان عليهم - والله تعالى أعلم - عندي أن يصنعوا كما يصنعون في الإمام وأن يجتهدوا حتى يتأخروا من كل جهة عن البيت تأخرا يكون فيه الإمام أقرب إلى البيت منهم وليس يبين لمن زال عن حد الإمام وقربه من البيت عن الإمام إذا لم يتباين ذلك تباين الذين يصلون صفا واحدا مستقبلي جهة واحدة فيتحرون ذلك كما وصفت ولا يكون على واحد منهم إعادة صلاة حتى يعلم الذين يستقبلون وجه القبلة مع الإمام أن قد تقدموا الإمام وكانوا أقرب إلى البيت منه فإذا علموا أعادوا فأما الذين يستقبلون الكعبة كلها من غير جهتها فيجتهدون كما يصلون أن يكونوا أنأى عن البيت من الإمام فإن لم يفعلوا وعلموا ، أو بعضهم أنه أقرب إلى البيت من الإمام فلا إعادة عليه من قبل أنه والإمام .
وإن اجتمعا أن يكون واحد منهما يستقبل البيت بجهته وكل واحد منهما في غير جهة صاحبه فإذا عقل المأموم صلاة الإمام أجزأته صلاته ( قال ) : ولم يزل الناس يصلون مستدبري الكعبة والإمام في وجهها ولم أعلمهم يتحفظون ولا أمروا بالتحفظ من أن يكون كل واحد منهم جهته من الكعبة غير جهة الإمام ، أو يكون أقرب إلى البيت منه وقلما يضبط هذا حول البيت إلا بالشيء المتباين جدا وهكذا لو الكعبة ، أو أحد جهتها غير وجهها لم يجز للذين يصلون من جهته إلا أن يكونوا خلفه فإن لم يعلموا أعادوا وأجزأ من صلى من غير جهته وإن صلى وهو أقرب إلى صلى الإمام بالناس فوقف في ظهر الكعبة منه والاختيار لهم أن يتحروا أن يكونوا خلفه ولو أن رجلا أم رجالا ونساء فقام النساء خلف الإمام والرجال خلفهن ، أو قام النساء حذاء الإمام فائتممن به والرجال إلى جنبهن كرهت ذلك للنساء والرجال والإمام ولم تفسد على واحد منهم صلاته وإنما قلت هذا ; لأن . ابن عيينة
[ ص: 198 ] أخبرنا عن الزهري عن عروة عن { قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي صلاته من الليل وأنا معترضة بينه وبين القبلة كاعتراض الجنازة عائشة } ( قال ) : أخبرنا الشافعي عن ابن عيينة عن مالك بن مغول عن أبيه قال : { عون بن جحيفة بالأبطح وخرج بالعنزة فركزها فصلى إليها والكلب والمرأة والحمار يمرون بين يديه بلال } ( قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ) : وإذا لم تفسد المرأة على الرجل المصلي أن تكون بين يديه فهي إذا كانت عن يمينه ، أو عن يساره أحرى أن لا تفسد عليه والخصي المجبوب أو غير المجبوب رجل يقف موقف الرجال في الصلاة ويؤم وتجوز شهادته ويرث ويورث ويثبت له سهم في القتال وعطاء في الفيء وإذا كان الخنثى مشكلا فصلى مع إمام وحده وقف خلفه وإن صلى مع جماعة وقف خلف صفوف الرجال وحده وأمام صفوف النساء . الشافعي