الإجارات
أخبرنا الربيع قال ( قال ) رحمه الله تعالى قال قائل ليس الشافعي يلازم ، ولا جائز وذلك أنه تمليك والتمليك بيع ولما رأينا البيوع تقع على أعيان حاضرة ترى وأعيان غائبة موصوفة مضمونة ، والكراء ليس بعين حاضر ، ولا غائب يرى أبدا ورأينا من أجازهما ، قال إذا انهدم المنزل ، أو هلك العبد انتقض الكراء والإجارة فيهما ، وإنما التمليك ما انقطع ملك صاحبه عنه إلى من ملكه إياه ، وهو إذا ملك مستأجره منفعته فالإجارة ليست هكذا ملك العبد لمالكه ، ومنفعته لمستأجره إلى المدة التي تشترط وخدمة العبد مجهولة أيضا مختلفة بقدر نشاطه وبذله وكسله وضعفه [ ص: 26 ] وكذلك الركوب مختلف ففيها أمور تفسدها وهي عندنا بيع والبيوع ما وصفنا ، ومن أجازها ، فقد يحكم فيها بحكم البيع ; لأنها تمليك ويخالف بينها وبين البيع في أنها تمليك وليست محاطا بها ، فإن قال أشبهها بالبيع فليحكم لها بحكمه ، وإن قال هي بيع ، فقد أجاز فيها ما لا يجيزه في البيع . كراء البيوت ، ولا الأرضين ، ولا الظهر
( قال ) : وهذا القول جهل ممن قاله والإجارات أصول في أنفسها بيوع على وجهها ، وهذا كله جائز قال الله تبارك وتعالى { الشافعي فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن } فأجاز والرضاع يختلف لكثرة رضاع المولود وقلته وكثرة اللبن وقلته ، ولكن لما لم يوجد فيه إلا هذا جازت الإجارة عليه ، وإذا جازت عليه جازت على مثله وما هو في مثل معناه وأحرى أن يكون أبين منه ، وقد ذكر الله عز وجل الإجارة في كتابه وعمل بها بعض أنبيائه . قال الله عز وجل : { الإجارة على الرضاع قالت إحداهما يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين قال إني أريد أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين على أن تأجرني ثماني حجج } الآية .
( قال ) قد ذكر الله عز وجل أن نبيا من أنبيائه آجر نفسه حججا مسماة ملكه بها بضع امرأة ، فدل على الشافعي إن كان على الحجج استأجره ، وإن كان استأجره على غير حجج فهو تجويز الإجارة على أنه لا بأس بها على الحجج ، وقد قيل : استأجره على أن يرعى له والله تعالى أعلم . تجويز الإجارة بكل حال
( قال ) فمضت بها السنة وعمل بها غير واحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يختلف أهل العلم ببلدنا علمناه في إجارتها وعوام فقهاء الأمصار ( أخبرنا ) الشافعي عن مالك ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن من حنظلة قيس أنه سأل عن رافع بن خديج فقال : { كراء الأرض } . نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كراء الأرض فقال : أبالذهب والورق ؟ قال أما بالذهب والورق فلا بأس به
( قال ) الشافعي سمع النهي من رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو أعلم بمعنى ما سمع ، وإنما حكى فرافع النهي عن كرائها بالثلث والربع ، وكذلك كانت تكرى ، وقد يكون رافع سالم سمع عن بالخبر جملة فرأى أنه حدث به عن الكراء بالذهب والورق فلم ير بالكراء بالذهب والورق بأسا ; لأنه لا يعلم أن الأرض تكرى بالذهب والورق ، وقد بينه غير رافع عن مالك أنه على رافع ( أخبرنا ) كراء الأرض ببعض ما يخرج منها عن مالك بن أنس ابن شهاب عن أنه سأله عن سعيد بن المسيب فقال لا بأس به ( أخبرنا ) استكراء الأرض بالذهب والورق عن مالك عن أبيه شبيها به ، أخبرنا هشام بن عروة عن مالك بن أنس ابن شهاب عن سالم عن أبيه مثله ، أخبرنا أنه بلغه أن مالك تكارى أرضا فلم تزل بيده حتى هلك قال ابنه : فما كنت أراها إلا أنها له من طول ما مكثت بيده حتى ذكرها عند موته فأمرنا بقضاء شيء بقي عليه من كرائها من ذهب ، أو ورق عبد الرحمن بن عوف