وإنما تجب [ ص: 61 ] ( بشرط أن لا يتميز ) ماشية أحدهما عن ماشية الآخر ( في المشرع ) وهو موضع شرب الماشية ، ولا في المكان الذي توقف فيه عند إرادة سقيها ، ولا في الذي تنحى إليه ليشرب غيرها ( و ) لا في ( المسرح ) وهو الموضع الذي تجتمع فيه ثم تساق إلى المرعى ، ولا في المرعى وهو الموضع الذي ترعى فيه ، ويشترط أيضا اتحاد الممر بينهما كما في المجموع ( و ) لا في ( المراح ) وهو بضم الميم مأواها ليلا ( و ) لا في ( موضع الحلب ) وهو بفتح اللام يقال للبن وللمصدر وهو المراد هنا ، وحكي سكونها لأنه إذا تميز مال كل منهما بشيء لم يصر ذلك كمال واحد ، والغرض من الخلطة صيرورتهما كمال واحد لخفة المؤنة ، وليس المراد كما قاله في الشرح الصغير أن لا يكون لهما إلا مشرع أو مرعى أو مراح واحد بالذات بل لا بأس بتعددها ، ولكن ينبغي أن لا تخص ماشية هذا بمراح ومشرع وماشية الآخر بمراح ومشرع ( وكذا ) يشترط ( اتحاد الراعي والفحل في الأصح ) لخبر { الزكاة في شركة المجاورة } رواه والخليطان ما اجتمعا في المرعى والفحل والراعي بسند ضعيف ، ويجوز تعدد الرعاة قطعا بشرط عدم انفراد كل براع . الدارقطني
والمراد بالاتحاد أن يكون الفحل أو الفحول مرسلة فيها تنزو على كل من الماشيتين بحيث لا تختص ماشية كل بفحل عن ماشية الآخر وإن كانت ملكا لأحدهما أو معارة له أو لهما إلا إذا اختلف النوع كضأن ومعز فلا يضر اختلافه جزما للضرورة ، ويشترط اتحاد مكان الإنزاء كالحلب ، ولو افترقت ماشيتهما زمنا طويلا ولو من غير قصد ضر ، فإن كان يسيرا ولم يعلما به لم يضر ، فإن علما به وأقراه أو قصدا ذلك أو علمه أحدهما فقط كما قاله الأذرعي وغيره ضر ، ومقابل الأصح في الراعي والفحل ينظر إلى أن الافتراق فيهما لا يرجع إلى نفس المال بخلافه فيما قبلهما ، وفهم من كلامه أنه لا يشترط اتحاد الحالب ولا الإناء الذي يحلب فيه ، وهو الأصح ، كما لا يشترط اتحاد آلة الجز ولا خلطة اللبن في الأصح ( لا نية الخلطة في الأصح ) إذ مقتضى تأثير الخلطة من خفة المؤنة حاصل وإن لم تنو .
والثاني تشترط ; لأن الخلطة مغيرة لمقدار الزكاة فلا بد من قصده دفعا لضرره في الزيادة وضرر الفقراء في النقصان ، ثم محل ما تقدم حيث لم يتقدم للخليطين حالة انفراد ، ، فيجب على كل واحد عند تمامها شاة ، وإن فإن انعقد الحول على الانفراد ، ثم طرأت الخلطة فإن اتفق حولاهما بأن ملك كل واحد منهما أربعين شاة ثم خلطا في أثناء الحول لم تثبت الخلطة في السنة الأولى فعلى كل [ ص: 62 ] واحدة عند انقضاء حوله شاة ، وإذا طرأ الانفراد على الخلطة فمن بلغ ماله نصابا زكاه ومن لا فلا ، ولم يبين اختلف حولاهما كأن ملك هذا غرة المحرم وهذا غرة صفر وخلطا غرة شهر ربيع المصنف . حكم التراجع
وحاصله جواز أخذ الساعي من مال أحد الخليطين وإن لم يضطر إليه ، فإذا أخذ شاة مثلا من أحدهما رجع على صاحبه بما يخصه من قيمتها لا منها ; لأنها غير مثلية ، فلو خلطا مائة بمائة وأخذ الساعي شاتين من أحدهما رجع على صاحبه بنصف قيمتهما لا بقيمة نصفهما ولا بشاة ولا بنصفي شاتين ، فإذا أخذ من كل شاة فلا تراجع ، وإن اختلفت قيمتهما فلو كان لزيد ثلاثون ولعمرو عشر فأخذ الشاة من عمرو ورجع على زيد بثلاثة أرباع قيمتها أو أخذها من زيد رجع على عمرو بالربع ، وإن كان لزيد مائة ولعمرو خمسون فأخذ الساعي الشاتين من عمرو رجع على زيد بثلثي قيمتهما أو من زيد رجع بالثلث ، وإن أخذ من كل منهما شاة رجع زيد بثلث قيمة شاته وعمرو بثلثي قيمة شاته ، وإن تنازعا في قيمة المأخوذ فالقول قول المرجوع عليه ; لأنه غارم وقد يقع التقاص وإن كان لزيد أربعون من البقر ولعمرو منها ثلاثون فأخذ الساعي التبيع والمسنة من عمرو رجع بأربعة أسباع قيمتهما أو من زيد رجع بثلاثة أسباع قيمتهما ، فإن أخذ من كل فرضه فلا تراجع ، فإن أخذ التبيع من زيد والمسنة من عمرو رجع على زيد بأربعة أسباعها ، ورجع عليه زيد بثلاثة أسباع التبيع ، ولا يعتبر في الرجوع فيما ذكر إذن الشريك الآخر في الدفع كما هو ظاهر الخبر السابق .
قال الزركشي : وكلام الإمام مصرح به لإذن الشارع فيه ، ولأن المالين بالخلطة صارا كالمال المنفرد ، وجرى عليه ابن الأستاذ قال : لأن نفس الخلطة مسلطة على الدفع المبرئ الموجب للرجوع .
وقال الجرجاني : لكل من الشريكين أنه يخرج بغير إذن شريكه ، ومنه يؤخذ أن نية أحدهما تغني عن نية الآخر وأن قول الرافعي كالإمام في كتاب الحج أن من أدى حقا على غيره يحتاج إلى النية بغير إذنه لا يسقط عنه محمول على غير الخليطين في الزكاة ، وظاهر كلامهم كالخبر أنه لا فرق في الرجوع بغير إذن بين أن يخرج من المال المشترك وأن يخرج من غيره ، لكن نقل الزركشي عن القاضي أبي محمد المروزي أن محله إذا أخرج من المشترك ، والظاهر أن كلامهم كالخبر محمول عليه ، وعبارة المجموع : قال أصحابنا : أخذ الزكاة من مال الخليطين يقتضي التراجع بينهما ، وقد يقتضي رجوع أحدهما على صاحبه دون الآخر ( والأظهر ) كما في الماشية لعموم خبر { ( تأثير خلطة الثمر والزرع والنقد وعرض التجارة ) باشتراك أو مجاورة } [ ص: 63 ] ولأن المقتضي لتأثير الخلطة في الماشية هو خسة المؤنة ، وذلك موجود هنا للارتفاق . لا يجمع بين متفرق
والثاني ، وهو القديم لا تؤثر مطلقا ; لأن المواشي فيها أوقاص ، والخلطة فيها نفع المالك تارة والمستحقين أخرى ، ولا وقص في غير المواشي ، وعلى الأول إنما تؤثر خلطة الجوار في الزراعة ( بشرط أن لا يتميز الناطور ) بالمهملة أشهر من المعجمة : أي الحافظ لهما ( والجرين ) بفتح الجيم موضع تجفيف الثمار ، والبيدر بفتح الموحدة والدال المهملة موضع تصفية الحنطة ، قاله . الجوهري
وقال الثعالبي : الجرين للزبيب ، والبيدر للحنطة ، والمربد بكسر الميم وإسكان الراء للتمر ( و ) في التجارة بشرط أن لا يتميز ( الدكان ) بضم المهملة الحانوت ( والحارس ) ذكره بعد الناطور من ذكر الأعم بعد الأخص ( ومكان الحفظ ) كخزانة ولو كان مال كل بناحية منه ( ونحوها ) كالوزان والميزان والمنادي والنقاد والحراث وجذاذ النخل والحمال والكيال والمتعهد والحصاد والملقح وما يسقى لهما به ، فإن مما مر ثبتت الخلطة ; لأن المالين يصيران كذلك كالمال الواحد كان لكل منهما نخيل أو زرع مجاور لنخيل الآخر أو لزرعه أو لكل واحد كيس فيه نقد في صندوق واحد وأمتعة تجارة في مخزن واحد ، ولم يتميز أحدهما عن الآخر بشيء