الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( الثاني ) من شروط الاستطاعة ( وجود الراحلة ) الصالحة لمثله بشراء أو استئجار بثمن أو أجرة مثل لا بزيادة وإن قلت وقدر عليها أو ركوب موقوف عليه إن قبله أو لم يقبله وصححناه أو موصى بمنفعته إلى ذلك ، والأوجه الوجوب على من حمله الإمام من بيت المال كأهل وظائف الركب من القضاة أو غيرهم ومحل ذلك ( لمن بينه وبين مكة مرحلتان ) فأكثر وإن قدر على المشي . نعم يسن له المشي حينئذ خروجا من خلاف من أوجبه ، [ ص: 244 ] ومقتضى كلام الرافعي عدم الفرق في استحباب المشي بين الرجل والمرأة . قال في المهمات : وهو كذلك وهو المعتمد ، وإن قال القاضي حسين : لا يستحب للمرأة الخروج ماشية لأنها عورة ، وربما تظهر للرجال عند مشيها ولوليها على الأول منعها كما قاله في التقريب .

                                                                                                                            والركوب لمن قدر عليه أفضل للاتباع ، والأفضل أيضا لمن قدر أن يركب على القتب والرحل فعل ذلك ، وأصل الراحلة الناقة الصالحة للحمل وتطلق على ما يركب من الإبل ذكرا كان أو أنثى وهو مرادهم هنا ، وألحق الطبري بها كل دابة اعتيد الحمل عليها من نحو بغل أو حمار .

                                                                                                                            قال الأذرعي : وإنما يعتاد ذلك في مراحل يسيرة دون المسافة الشاسعة إذ لا يقوى عليها إلا الإبل ا هـ .

                                                                                                                            والظاهر أن المسافة تختلف باختلاف الدواب فليعتبر قدرته على الدابة اللائقة لها ، وإنما اعتبروا مسافة القصر هنا من مبدإ سفره إلى مكة لا إلى الحرم عكس ما اعتبروه في حاضر المسجد الحرام في المتمتع رعاية لعدم المشقة فيهما ( فإن لحقه بالراحلة مشقة شديدة ) بأن تكون كالمشقة بين المشي والركوب كما في الكفاية عن الجويني ، والأقرب ضبطها بمبيح تيمم ( اشترط وجود محمل ) بفتح الميم الأولى وكسر الثانية بخط المصنف وقيل عكسه ، وهو خشب ونحوه يجعل في جانب البعير للركوب فيه ببيع أو إجارة بعوض مثل دفعا للضرر ، فإن ألحق من ذكر في ركوب المحمل المشقة المذكورة اعتبر في حقه الكنيسة ، وهي المسماة الآن بالمحارة ، فإن عجز عن الركوب فيها فمحفة ، فإن عجز فسرير يحمله رجال وإن بعد محله فيما يظهر ; لأن الفرض أنه قادر على مؤن ذلك ، وأنها فاضلة عما يأتي ، أما الأنثى والخنثى فيعتبر ذلك في حقهما وإن لم يتضرر ; لأنه أستر لهما ، وتقييد الأذرعي ما ذكر فيهما بمن لا يليق بها ركوبها بدونه أو كانت تمشى وإلا فكالرجل محل نظر ، إذ الأنثى مأمورة بالستر ما أمكن فلا نظر لعادتها ( واشترط ) في حق راكب المحمل ونحوه أيضا ( شريك يجلس في الشق الآخر ) يكون عدلا تليق به مجالسته ليس به نحو برص ولا جذام ، ويوافقه على الرضا بالركوب بين المحملين عند نزوله لنحو قضاء حاجة فيما يظهر في الكل فإن لم يجد فلا وجوب وإن وجد مؤنة المحمل بتمامه إذ بذل الزائد خسران لا مقابل له كما في الوسيط .

                                                                                                                            قال الإسنوي : وقضيته أن ما يحتاجه من زاد وغيره إذا أمكنت المعادلة به ، يقوم مقام الشريك ، ورجح ابن العماد تعين الشريك إذ المعادلة بغيره لا تقوم مقامه في السهولة عند النزول والركوب ، ورجح الزركشي الأول بأنه ظاهر النص وكلام الجمهور ، والأوجه أنه إن سهلت المعادلة به بحيث لم يخش ميلا ورأى من يمسكه له لو مال عند نزوله [ ص: 245 ] لنحو قضاء حاجة اكتفى بها ; وإلا فالأقرب ، تعين الشريك .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : الصالحة ) عبارة الزيادي : وإن لم تلق به ، ومثله في حج وسيأتي ذلك ( قوله : أو ركوب ) عطف على قوله بشراء ( قوله : إن قبله ) وهل يجب القبول فيأثم بتركه أولا لما في قبول الوقف من المنة ، وكذا يقال فيما لو أوصى له بمال ومات الموصي هل يجب قبول الوصية أولا لما تقدم ؟ فيه نظر ، ولا يبعد فيهما عدم الوجوب لما ذكر ، ويحتمل الفرق بين الوقف والوصية لأن الوقف يصير ملكا لله تعالى وينتقل عن الموقوف عليه بموته واختلال شرط فيه ، ولا يجوز له التصرف فيه ببيع ولا غيره مما في معناه فتضعف المنة فيه ، بخلاف الوصية فإنه يملك الموصى به ملكا مطلقا فأشبه الهبة ( قوله : وصححناه ) أي على المرجوح ( قوله : على من حمله الإمام ) أي كما يجب عليه ذلك إذا حمله الإمام

                                                                                                                            [ ص: 244 ] ينبغي وجوب السؤال إذا ظن الإجابة ( قوله ولوليها على الأول ) هو قوله وهو المعتمد ( قوله : وألحق الطبري بها ) أي وكانت تليق به أخذا من قوله السابق ( الصالحة لمثله ) ( قوله : من نحو بغل أو حمار ) وإن لم يلق به زيادي وحج .

                                                                                                                            أقول : وقد يتوقف فيه إلا أن يقال الحج لا بدل له بخلاف الجمعة ، ويفرق بين ذلك وبين العادل الآتي حيث اشترطت فيه اللياقة بأنه يترتب عليه الضرر بمجالسته بخلاف الدابة ( قوله الشاسعة ) هو بالشين المعجمة والسين والعين المهملتين : أي البعيدة ا هـ مختار ( قوله : بالمحارة ) أي وهي المعروفة الآن بالشقة ( قوله : ولا جذام ) قال الزيادي : ولا شديد العداوة له فيما يظهر أخذا مما يأتي في الوليمة ، بل أولى لأن المشقة هنا أعظم بطول مصاحبته ( قوله : يقوم مقام الشريك ) معتمد



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            [ ص: 242 - 243 ] قوله أو موصى بمنفعته إلى ذلك ) الظاهر أن مرجع الإشارة سقط من الكتبة ، فإن العبارة للإمداد ولفظها بعد [ ص: 244 ] قوله وصححناه أو على الحمل إلى مكة أو موصى إلخ ( قوله : فيعتبر ذلك ) أي وجود المحمل ( قوله وتقييد الأذرعي إلخ ) عبارة الأذرعي كما في شرح الروض وهو ظاهر فيمن لا يليق بها ركوبها أو يشق عليها ، أما غيرها فالأشبه أنها كالرجل




                                                                                                                            الخدمات العلمية