( ولوجوب ) أي الزكاة في النعم كما عرف مما قدمه ، فلا اعتراض عليه ، والإضافة هنا بمعنى في نحو { زكاة الماشية بل مكر الليل } ويصح كونها بمعنى اللام ( شرطان ) مضافان لما مر من كونها نصابا من النعم ، ولما سيأتي من كمال الملك وإسلام المالك وحريته ( مضي الحول ) سمي به لتحوله : أي ذهابه ومجيء غيره ( في ملكه ) لخبر { } ولأنه لا يتكامل نماؤه قبل تمام الحول ( لكن ما نتج ) بضم النون وكسر التاء على البناء للمفعول ( من نصاب ) قبل انقضاء حوله ولو بلحظة ( يزكى بحوله ) أي النصاب بشرط كونه مملوكا لمالك النصاب بالسبب الذي ملك به النصاب إذا اقتضى الحال لزوم الزكاة فيه ، وإن ماتت [ ص: 64 ] الأمهات لقول أمير المؤمنين لا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول عمر بن الخطاب رضي الله عنه لساعيه : اعتد عليهم بالسخلة ، ولأن الحول إنما اعتبر لتكامل النماء الحاصل ، والنتاج نماء في نفسه ، فلو لزمه شاتان ، ولو كان عنده مائة وعشرون من الغنم فولدت واحدة منها سخلة قبل الحول ولو بلحظة والأمهات باقية في الصورة الثانية أو ما يكمل به النصاب في الأولى زكي بحول الأصل ، فإن انفصل النتاج بعد الحول أو قبله ، ولم يتم انفصاله إلا بعده كجنين خرج بعضه في الحول ولم يتم انفصاله إلا بعد تمام الحول لم يكن حول النصاب حوله لانقضاء حول أصله ، ولأن الحول الثاني أولى به ، واحترز بقوله نتج عما لو استفاد بشراء أو غيره ، وسيأتي ومن نصاب عما نتج من دونه كعشرين شاة نتجت عشرين فحولها من حين تمام النصاب ، وخرج بقولنا بشرط أن يكون مملوكا إلى آخره ما ماتت الأمهات وبقي منها دون النصاب ، أو ماتت كلها وبقي النتاج نصابا كما نقله في الكفاية عن لو أوصى الموصى له بالحمل به قبل انفصاله لمالك الأمهات ، ثم مات ثم حصل النتاج لم يزك بحول الأصل المتولي وأقره ، ولو فعلى ما مر في تكميل أحد النوعين بالآخر ، لا يقال : شرط وجوب الزكاة السوم في كلأ مباح فكيف وجبت في النتاج . كان النتاج من غير نوع الأمهات كأن حملت المعز بضأن أو عكسه
لأنا نقول : اشتراط ذلك خاص بغير النتاج التابع لأمه في الحول ، ولو سلم عمومه له فاللبن كالكلأ ; لأنه ناشئ عنه على أنه لا يشترط في الكلأ أن يكون مباحا على ما يأتي بيانه ، ولأن اللبن الذي يشربه لا يعد مؤنة ; لأنه يأتي من عند الله تعالى ويستخلف إذا حلب فهو شبيه بالماء فلم تسقط الزكاة ، ولأن اللبن وإن عد شربه مؤنة إلا أنه قد تعلق به حق الله تعالى فإنه يجب صرفه في حق السخلة ، ولا يحل للمالك أن يحلب إلا ما فضل عن ولدها ، وإذا تعلق به حق الله تعالى كان مقدما على حق المالك بدليل أنه يحرم على مالك الماء التصرف فيه بالبيع وغيره بعد دخول وقت الصلاة إذا لم يكن معه غيره ، ولو باعه أو وهبه بعد دخول الوقت لم يصح لتعلق حق الله به ، ويجب صرفه للوضوء فكذا لبن الشاة يجب صرفه إلى السخلة فلا تسقط الزكاة ، ولأن النتاج لا يمكن حياته إلا باللبن ، فلو اعتبرنا السوم لألغيناه ; لأنه لا يتصور ، بخلاف الكبار فإنها تعيش بغير اللبن ، ولأن ما تشربه السخلة من اللبن ينمو بنموها وكبرها ، بخلاف المعلوفة فإنها قد لا تسمن ولا تكبر ، ولأن الصحابة أوجبوا مع علمهم بأنها لا تعيش إلا باللبن ، وذكر في الروضة والمجموع أن فائدة الضم إنما تظهر إذا بلغت بالنتاج نصابا آخر بأن ملك مائة شاة فنتجت إحدى وعشرين فيجب شاتان ، [ ص: 65 ] فلو نتجت عشرة فقط لم يفد ا هـ . الزكاة في السخلة التي يروح بها الراعي على يديه
قال بعضهم : وهو ممنوع بل قد تظهر له فائدة وإن لم يبلغ به نصابا آخر ، وذلك عند التلف بأن ، وكذلك لو ملك أربعين ستة أشهر فولدت عشرين ، ثم ماتت عشرون قبل انقضاء الحول فإنا نوجب شاة لحول الأمهات بسبب ضم السخال فظهرت فائدة إطلاق الضم ، وإن لم يبلغ النصاب ( ولا يضم المملوك بشراء أو غيره ) كإرث ووصية وهبة إلى ما عنده ( في الحول ) لأنه ليس في معنى النتاج لقيام الدليل على اشتراط الحول خرج النتاج لما مر فبقي ما سواه على الأصل ، واحترز بقوله في الحول عن النصاب فإنه يضم إليه على المذهب ; لأنه بالكثرة فيه بلغ حدا يحتمل المواساة ، فلو ملك ثلاثين بقرة غرة المحرم ، ثم اشترى عشرا أو ورثها أو نحو ذلك غرة رجب فعليه عند تمام الحول الأول في الثلاثين تبيع ، ولكل حول بعده ثلاثة أرباع مسنة ، وعند تمام كل حول للعشر ربع مسنة ( فلو ) مات في الصورة التي مثل بها ثمانون قبل انقضاء الحول أو استفادته بنحو شراء وادعى الساعي خلافه مع احتمال ما يقوله كل منهما ( صدق ) المالك ; لأنه مؤتمن ; ولأن الأصل عدم ما ادعاه الساعي لعدم الوجوب ( فإن اتهم حلف ) ندبا احتياطا للمستحقين لا وجوبا فلو نكل ترك ، ولا يجوز ( ادعى ) المالك ( النتاج بعد الحول ) لأنه وكيل ولا المستحقين لعدم تعيينهم . تحليف الساعي
والشرط الرابع بقاء الملك في الماشية جميع الحول كما يؤخذ من قوله مبادلة صحيحة في غير التجارة ( استأنف ) الحول لانقطاع الأول بما فعله فصار ملكا جديدا لا بد له من حول للخبر المار ، وعلم من تعبيره بالفاء الدالة على التعقيب ، وقوله بمثله للاستئناف عند طول الزمن واختلاف النوع بالأولى ، ويكره تنزيها فعل ذلك فرارا من الزكاة بخلافه لحاجة أولها وللفرار ، أو مطلقا على ما أفهمه كلامهم فلا ينافي ما قررناه من عدمها هنا فيما لو قصد الفرار مع الحاجة لما مر من كراهة ضبة صغيرة لحاجة وزينة ; لأن في الضبة اتخاذا فقوي المنع بخلاف الفرار ، ( ولو زال ملكه في الحول ) عن النصاب أو بعضه ببيع أو غيره ( فعاد ) بشراء أو غيره ( أو بادل بمثله ) زكى الدينار لحوله والتسعة عشر لحولها . فلو عارض غيره بأن أخذ منه تسعة عشر دينارا بمثلها من عشرين دينارا
أما المبادلة الفاسدة فلا تقطع الحول وإن اتصلت بالقبض ; لأنها لا تزيل الملك ، وشمل كلامه ما فإنهم يستأنفون الحول كلما [ ص: 66 ] بادلوا ، ولهذا قال لو باع النقد ببعضه للتجارة كالصيارفة ابن سريج : بشر الصيارفة بأنه لا زكاة عليهم ، استأنفه من حين الرد ، فإن حال الحول قبل العلم بالعيب امتنع الرد في الحال لتعلق الزكاة بالمال فهو عيب حادث عند المشتري ، وتأخير الرد لإخراجها لا يبطل به الرد قبل التمكن من أدائها ، فإن سارع لإخراجها أو لم يعلم بالعيب إلا بعد إخراجها نظر ، فإن أخرجها من المال أو من غيره بأن باع منه بقدرها ، واشترى بثمنه واجبه لم يرد لتفريق الصفقة ، وله الأرش كما جزم به ولو باع النصاب قبل تمام حوله ، ثم رد عليه بعيب أو إقالة ابن المقري تبعا للمجموع وإن أخرجها من غيره رد ، إذ لا شركة حقيقة بدليل جواز الأداء من مال آخر ، لم ينقطع الحول لعدم تجدد الملك ، وإن كان الخيار للمشتري ، فإن فسخ استأنف البائع الحول ، وإن أجاز فالزكاة عليه وحوله من العقد ، ولو ولو باع النصاب بشرط الخيار ، فإن كان الملك للبائع بأن كان الخيار له أو موقوفا بأن كان لهما ، ثم فسخ العقد استأنف الوارث حوله من وقت الموت ، مات المالك في أثناء الحول موقوفات ، فإن عاد إلى الإسلام تبينا بقاء ملكه وحوله ووجوب زكاته عليه عند تمام حوله وإلا فلا ( و ) الشرط الثاني في كلام وملك المرتد وزكاته وحوله المصنف ، وهو الشرط الخامس ( كونها سائمة ) أي راعية لخبر { أنس } إلى آخره دل بمفهومه على نفي وفي صدقة الغنم في سائمتها ، وقيس بها الإبل والبقر اختصت السائمة بالزكاة لتوفر مؤنتها بالرعي في كلأ مباح ( فإن علفت معظم الحول ) ولو مفرقا ( فلا زكاة ) فيها ، إذ الغلبة لها تأثير في الأحكام ( وإلا ) بأن علفت دون المعظم ( فالأصح أنها إن علفت قدرا تعيش بدونه بلا ضرر بين وجبت زكاتها ) لخفة المؤنة ( وإلا ) أي وإن كانت لا تعيش في تلك المدة بدونه ، أو تعيش لكن بضرر بين فلا تجب فيها زكاة لظهور المؤنة ، والماشية تصبر اليومين ولا تصبر الثلاثة غالبا . الزكاة في معلوفة الغنم
والثاني إن [ ص: 67 ] علفت قدرا يعد مؤنة بالإضافة إلى رفق الماشية فلا زكاة ، وإن كان حقيرا بالإضافة إليه وجبت ، وفسر الرفق بدرها ونسلها وصوفها ووبرها ، ولو وجهان : أصحهما كما أفتى به أسيمت في كلأ مملوك كأن نبت في أرض مملوكة لشخص أو موقوفة عليه فهل هي سائمة أو معلوفة القفال ، وجزم به ابن المقري أولهما لأن قيمة الكلأ تافهة غالبا ، ولا كلفة فيها ، ورجح السبكي أنها سائمة إن لم يكن للكلأ قيمة ، أو كانت قيمته يسيرة لا يعد مثلها كلفة في مقابلة نمائها ، وإلا فمعلوفة ، والمناسب لما يأتي في المعشرات من أن فيها سقى بماء اشتراه أو اتهبه نصف العشر كما لو سقى بالناضح ونحوه أن الماشية هنا معلوفة بجامع كثرة المؤنة .
قال الشيخ : وهو الأوجه ، فمعلوفة ، ولو رعاها ورقا تناثر فسائمة ، ولو جزه وأطعمها إياه في المرعى أو البلد فمعلوفة . فلو جمع وقدم لها
قال ابن العماد : ويستثنى من ذلك ما الحرم وعلفها به فلا ينقطع السوم ; لأن كلأ إذا أخذ كلأ الحرم لا يملك ولهذا لا يصح أخذه للبيع ، وإنما يثبت به نوع اختصاص ، ( ولو ) فلا زكاة كما يأتي لعدم إسامة المالك ، وإنما اعتبر قصده دون قصد الاعتلاف ; لأن السوم يؤثر في وجوب الزكاة فاعتبر قصده والاعتلاف يؤثر في سقوطها فلا يعتبر قصده ; لأن الأصل عدم وجوبها ، أو اعتلفت السائمة بنفسها أو علفها الغاصب القدر المؤثر من العلف فيهما لم تجب الزكاة في الأصح لعدم السوم ، وكالغاصب المشتري شراء فاسدا ( أو كانت عوامل ) لمالكها أو بأجرة ( في حرث ونضح ) وهو حمل الماء للشرب ( ونحوه ) كحمل غير الماء ولو محرما ( فلا زكاة في الأصح ) ; لأنها لا تقتنى للنماء بل للاستعمال كثياب البدن ومتاع الدار ، فقوله في الأصح راجع [ ص: 68 ] للجميع كما تقرر . ( سامت ) الماشية ( بنفسها ) أو أسامها غاصب أو مشتر شراء فاسدا
والثاني في الأول مبني على عدم اشتراط قصد السوم لحصول الرفق ، وفي الثانية مبني على عدم اشتراط النية في العلف ، وفي الثالثة يقول الاستعمال زيادة فائدة على حصول الرفق بإسامتها ، ولا بد أن يستعملها القدر الذي لو علفها فيه سقطت الزكاة كما نقله البندنيجي عن ، وفرق بين المستعملة في المحرم ، وبين الحلي المستعمل فيه بأن الأصل فيها الحل ، وفي الذهب والفضة الحرمة إلا ما رخص ، فإذا استعملت الماشية في المحرم رجعت إلى أصلها ، ولا ينظر إلى الفعل الخسيس ، وإذا استعمل الحلي في ذلك فقد استعمل في أصله ، ولا أثر لمجرد نية العلف ولا لعلف يسير كما مر إلا إن قصد به لقطع السوم وكان مما يتمول . الشيخ أبي حامد
وعلم مما تقرر أن المعتبر إسامة المالك أو من يقوم مقامه من وكيل أو ولي أو حاكم بأن غصب معلوفة وردها عند غيبة المالك للحاكم فأسامها صرح به في البحر .
قال الأذرعي : لو كان الأحظ للمحجور في تركها فهو موضع تأمل ا هـ .
وظاهر عدم الاعتداد بها حينئذ لتعديه بفعلها أو لا أثر لذلك ؟ فيه نظر ، ويبعد تخريجهما على أن عمدهما عمد أم لا ، هذا إن كان لهما تمييز ، ويحتمل أن يقال لو اعتلفت من مال حربي لا يضمن أن السوم لا ينقطع كما لو جاعت بلا رعي ولا علف . وهل تعتبر إسامة الصبي والمجنون ماشيتهما