فلو كان كأن تخلف بالركوع والسجدتين والقيام والإمام حينئذ في الركوع بطلت صلاته قاله السبق بأربعة أركان والإمام في الخامس البلقيني ( فإن سبق بأكثر ) مما ذكر بأن انتهى إلى الرابع كأن ركع الإمام والمأموم في الاعتدال أو قام أو قعد وهو في القيام ( فقيل يفارقه ) بالنية حتما لتعذر الموافقة ( والأصح ) أنه لا تلزمه مفارقته بل ( يتبعه ) حتما إن لم ينو مفارقته ( فيما هو فيه ) إذ لو سعى على ترتيب نفسه لكان فيه مخالفة فاحشة ولهذا تبطل به من عالم عامد ، وإذا تبعه فركع قبل أن يتم الفاتحة تخلف لإتمامها ما لم يسبق بأكثر أيضا ( ثم يتدارك ) ما فاته ( بعد سلام الإمام ) كالمسبوق ( ولو لم يتم ) المأموم ( الفاتحة لشغله بدعاء الافتتاح ) مثلا وقد ركع إمامه ( فمعذور ) في تخلفه لإتمامها كبطيء القراءة فيأتي فيما مر .
وقد علم مما تقرر أن المراد بفراغه من الركن انتقاله عنه لا الإتيان بالواجب منه ، وظاهر كلامهم هنا عذره وإن لم يندب في حقه دعاء الافتتاح بأن ظن عدم إدراك الفاتحة لو اشتغل به ، لكن يشكل حينئذ بما تقدم في تارك الفاتحة متعمدا ، إلا أن [ ص: 227 ] يفرق بأن هذا شائبة شبهة لاشتغاله بصورة سنة ، بخلاف ما مر وبما يأتي في المسبوق أن سبب عدم عذره اشتغاله بسنة عن فرض .
وقد يفرق بأن الإمام يتحمل عن المسبوق ، فاحتيط له بأن لا يكون صرف شيئا لغير الفرض .
وأما الموافق فلا يتحمل عنه فعذر للتخلف لإتمام الفاتحة وإن عد مقصرا بصرفه بعض الزمن لغيرها إذ تقصيره باعتبار ظنه دون الواقع .
والحاصل مما يؤخذ من كلامهم إدارتنا الأمر على الواقع بالنسبة للعذر وعدمه وعلى ظنه بالنسبة لندب الإتيان بنحو التعوذ ( هذا كله في ) المأموم ( الموافق ) وهو من أدرك مع الإمام محل قراءة الفاتحة المعتدلة لا بالنسبة لنفسه ولا لقراءة إمامه فيما يظهر ، وإن رجح الزركشي اعتبار قراءة نفسه ، وقول بعض الشراح : هو من أحرم مع الإمام مردود ، إذ أحكام الموافق والمسبوق جارية في جميع الركعات ، بدليل أن الساعي على ترتيب نفسه ونحوه كبطيء النهضة إذا فرغ من سعيه على ترتيب نفسه ، فإن أدرك مع الإمام زمنا يسع الفاتحة كان موافقا وإلا فمسبوق ، وهل يلحق به في سائر أحكامه من شك هل أدرك زمنا يسع الفاتحة لأن الأصل وجوبها في كل ركعة حتى يتحقق مسقطها وعدم تحمل الإمام لشيء منها ، ولأن إدراك المسبوق الركعة رخصة فلا تحصل مع الشك في السبب المقتضي له ، ولأن التخلف لقراءتها أقرب إلى الاحتياط من ترك كمالها ، وحينئذ فيتأخر ويتم الفاتحة ويدرك الركعة ما لم يسبق بأكثر من ثلاثة أركان طويلة ، فإن سبق به تابعه فيما هو فيه ثم يأتي بركعة بعد سلامه ، في ذلك تردد للمتأخرين والمعتمد كما أفتى به الوالد رحمه الله تعالى ، نعم لما مر وسواء في ذلك أكان إحرامه عقب إحرام إمامه أم عقب قيامه من ركعته أم لا خلافا لبعض المتأخرين .