قوله عز وجل:
ويوم يناديهم فيقول أين شركائي الذين كنتم تزعمون ونزعنا من كل أمة شهيدا فقلنا هاتوا برهانكم فعلموا أن الحق لله وضل عنهم ما كانوا يفترون
التقدير: واذكر يوم يناديهم، وكرر هذا المعنى إبلاغا وتحذيرا، وهذا النداء هو عند ظهور كل ما وعد الرحمن على ألسنة المرسلين من وجوب الرحمة لقوم والعذاب [ ص: 608 ] لآخرين، ومن خضوع كل جبار وذلة لعزة رب العالمين، فيتوجه حينئذ توبيخ الكفار، فيقول الله تعالى لهم: أين شركائي على معنى التقريع.
ثم أخبر تبارك وتعالى أنه يخرج في ذلك اليوم من كل أمة شهيدا يميز بينه وبين الناس، وهذا هو النزع، أي: يميز بين شيئين فينتزع أحدهما من الآخر، وقال : أراد بـ "الشهيد" الذي يشهد على أمته، وقال مجاهد : وقيل: أراد عدولا من الأمم وأخيارا. الرماني
قال القاضي أبو محمد رحمه الله :
وهم حملة الحجة الذين لا يخلو منهم زمن، و "الشهيد" -على هذا التأويل- اسم الجنس، وفي هذا الموضع حذف يدل عليه الظاهر، تقديره: يشهد الشهيد على الأمة بخيرها وشرها، فيحق العذاب على من كفر، ويقال لهم -على جهة استبراء الحجة والإعذار في المحاولة-: هاتوا برهانكم ، أي حجتكم على ما كنتم عليه في الدنيا إن كان لكم، فيسقط حينئذ في أيديهم، ويعلمون أن الحق متوجه له سبحانه عليهم في تعذيبهم، وينكشف لهم ما كانوا بسبيله في الدنيا من كذب مختلق وزور في قولهم للأصنام: هذه آلهة، وفي تكذيبهم الرسل، وغير ذلك. ومن هذه الآية انتزع قول القاضي عند إرادة الحكم: أبقيت لك حجة؟