يقولون لي إنك شربت مدامة فقلت لهم لا بل أكلت السفرجلا
فكان هذا شاهد زور ، ألا ترى أنه لا يقام الحد لوجود الرائحة ما لم يشهد الشهود عليه بالشرب [ ص: 172 ] أو يقر به وهما احتجا بحديث رضي الله عنه أنه أتي بشارب الخمر قال مزمزوه وترتروه واستنكهوه فإن وجدتم رائحة الخمر فحدوه ، فقد شرط لإقامة الحد وجود الرائحة والمعنى فيه أن حد الخمر ضعيف من الوجه الذي بينا أنه لا نص فيه فلا يقام إلا على الوجه الذي ورد الأثر به ، وإنما ورد الأثر بإقامة الحد على من كان الخمر في بطنه ولوجود الخمر في بطنه علامة ، وهو وجود الرائحة منه فلا يقضي إلا بظهور تلك العلامة كالمرأة إذا ادعت الولادة ما لم تشهد القابلة بذلك لا يقضي القاضي به ثم زوال رائحة الخمر بعد الشرب لا يكون إلا بمضي زمان ، وقد بينا أنه لا نص في حق التقادم ففيما أمكن اعتبار التقادم لمعنى في الفعل كان المصير إليه أولى من المصير إلى غيره . ابن مسعودووجود رائحة الخمر من غير الخمر نادر ، ولا يكون مستداما أيضا فلا يعتبر ذلك ، ولكن هذا إذا كان بحضرة الإمام ، فأما إذا فالصحيح أنه لا يمتنع استيفاء الحد بشهادتهم ; لأنه لم يوجد منهم تفريط وما لا يمكن التحرز عنه يجعل عفوا ، ألا ترى أن الإمام إذا علم أن الشارب تكلف لإزالة الرائحة لا يمتنع من إقامة الحد عليه فهذا مثله كانوا بالبعد منه فجاءوا به بعد زوال الرائحة لبعد المسافة