الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
ولو حلف لا يتزوج امرأة فتزوج امرأة بغير شهود حنث في القياس ; لأنه منع نفسه عن أصل العقد والفساد والجواز صفة لا ينعدم أصل العقد بانعدامها كالبيع ، ألا ترى أنه لو عقد يمينه على الماضي بأن قال : ما تزوجت كان على الفاسد والجائز فكذلك في المستقبل ، وجه الاستحسان أن المقصود بالنكاح ملك الحل وذلك لا يحصل بالعقد الفاسد كيف وقد نفى رسول الله صلى الله عليه وسلم أصل العقد بغير شهود حيث قال : { لا نكاح إلا بشهود } بخلاف البيع فالمقصود هناك وهو الملك يحصل بالعقد الفاسد إذا تأكد بالقبض وبخلاف ما لو تدبر الكلام في النكاح ; لأنه في الخبر عن الماضي من النكاح ليس مقصوده الحل والعفة وإنما يمينه في الماضي على مجرد الخبر ، والخبر يتحقق عن العقد الفاسد والجائز .

ولو حلف لا يشتري عبدا فاشتراه شراء فاسدا حنث عندنا ، وعند زفر رحمه الله تعالى لا يحنث إلا بالقبض ; لأن القبض في الشراء الفاسد نظير القبول في الشراء الصحيح من حيث إن الملك لا يحصل إلا به ، ولكنا نقول : شرط حنثه العقد وبالإيجاب والقبول ينعقد العقد فاسدا كان أو صحيحا ، والملك غير معتبر في تحقيق شرط الحنث ، ألا ترى أنه لو اشتراه بشرط الخيار أو اشتراه لغيره حنث ؟ وإن لم يثبت الملك له قال [ ص: 31 ] وهذا والنكاح سواء في القياس ولكني أستحسن في البيع ، وهذا الاستحسان يعود إلى القياس في النكاح ، وأشار إلى الفرق فقال : ألا ترى أنه لو أعتقه بعد القبض عتق وأنه لا يقع الطلاق في النكاح الفاسد ؟ فدل أن العقد منعقد هنا غير منعقد هناك .

ولو حلف لا يصلي ركعتين فصلاها بغير وضوء ففي القياس يحنث وفي الاستحسان لا يحنث وهذا والنكاح سواء ; لأن المقصود بالصلاة العبادة ونيل الثواب ولا يحصل ذلك بالصلاة بغير وضوء لقوله صلى الله عليه وسلم { لا صلاة إلا بطهور }

التالي السابق


الخدمات العلمية