( 7478 ) مسألة قال : ( ومن أعطاهم الأمان منا ; من رجل ، أو امرأة ، أو عبد ، جاز أمانه ) وجملته أن ، حرم قتلهم ومالهم والتعرض لهم . ويصح من كل مسلم بالغ عاقل مختار ، ذكرا كان أو أنثى ، حرا كان أو عبدا . وبهذا قال الأمان إذا أعطي أهل الحرب ، الثوري والأوزاعي ، ، والشافعي وإسحاق ، وابن القاسم ، وأكثر أهل العلم .
وروي ذلك عن رضي الله عنه . وقال عمر بن الخطاب ، أبو حنيفة : لا يصح وأبو يوسف ، إلا أن يكون مأذونا له في القتال ; لأنه لا يجب عليه الجهاد ، فلا يصح أمانه ، كالصبي ، ولأنه مجلوب من دار الكفر ، فلا يؤمن أن ينظر لهم في تقديم مصلحتهم . ولنا ، ما روي ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أنه قال : { أمان العبد } . رواه ذمة المسلمين واحدة ، يسعى بها أدناهم ، فمن أخفر مسلما ، فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ، لا يقبل منه صرف ولا عدل . البخاري
وروى فضيل بن يزيد الرقاشي ، قال : جهز جيشا ، فكنت فيه ، فحصرنا موضعا ، فرأينا أنا سنفتحها اليوم ، وجعلنا نقبل ونروح ، فبقي عبد منا ، فراطنهم وراطنوه ، فكتب لهم الأمان في صحيفة ، وشدها على سهم ، ورمى بها إليهم ، فأخذوها ، وخرجوا ، فكتب بذلك إلى عمر بن الخطاب ، فقال : العبد المسلم رجل من المسلمين ، ذمته ذمتهم . رواه عمر بن الخطاب سعيد .
ولأنه مسلم مكلف ، فصح أمانه ، كالحر . وما ذكروه من التهمة يبطل بما إذا أذن له القتال ، فإنه يصح أمانه ، وبالمرأة ، فإن أمانها يصح ، في قولهم جميعا . قالت عائشة : إن كانت المرأة لتجير على المسلمين فيجوز . وعن أم هانئ ، أنها قالت : يا رسول الله ، إني أجرت أحمائي ، وأغلقت عليهم ، وإن ابن أمي أراد قتلهم . فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم : { } . رواهما قد أجرنا من أجرت يا أم هانئ ، إنما يجهر على المسلمين أدناهم سعيد . وأجارت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأمضاه رسول الله صلى الله عليه وسلم ( 7479 ) فصل : ويصح أبا العاص بن الربيع إذا عقده غير مكره ; لدخوله في عموم الخبر ، ولأنه مسلم مكلف مختار ، فأشبه غير الأسير . أمان الأسير
وكذلك وبهذا قال أمان الأجير والتاجر في دار الحرب . . وقال الشافعي : لا يصح أمان أحد منهم . [ ص: 196 ] ولنا عموم الحديث ، والقياس على غيرهم . فأما الصبي المميز ، فقال الثوري ابن حامد : فيه روايتان ; إحداهما ، لا يصح أمانه . وهو قول ، أبي حنيفة ; لأنه غير مكلف ، ولا يلزمه بقوله حكم ، فلا يلزم غيره ، كالمجنون . والرواية الثانية ، يصح أمانه . وهو قول والشافعي . وقال مالك أبو بكر : يصح أمانه ، رواية واحدة . وحمل رواية المنع على غير المميز ، واحتج بعموم الحديث ، ولأنه مسلم مميز ، فصح أمانه ، كالبالغ ، وفارق المجنون ، فإنه لا قول له أصلا .
( 7480 ) فصل : ، وإن كان ذميا ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { ولا يصح أمان كافر } فجعل الذمة للمسلمين ، فلا تحصل لغيرهم ، ولأنه متهم على الإسلام وأهله ، فأشبه الحربي . ذمة المسلمين واحدة ، يسعى بها أدناهم . ، لأن كلامه غير معتبر ، ولا يثبت به حكم . ولا يصح ولا يصح أمان مجنون ، ولا طفل ، بنوم أو سكر أو إغماء ; لذلك ، ولأنه لا يعرف المصلحة من غيرها ، فأشبه المجنون . أمان زائل العقل
ولا يصح من مكره ; لأنه قول أكره عليه بغير حق ، فلم يصح ، كالإقرار . ( 7481 ) فصل : ويصح ; لأن ولايته عامة على المسلمين . ويصح أمان الإمام لجميع الكفار وآحادهم لمن أقيم بإزائه من المشركين ، فأما في حق غيرهم ، فهو كآحاد المسلمين ، لأن ولايته على قتال أولئك دون غيرهم . أمان الأمير
ويصح للواحد ، والعشرة ، والقافلة الصغيرة ، والحصن الصغير ; لأن أمان آحاد المسلمين رضي الله عنه أجاز أمان العبد لأهل الحصن الذي ذكرنا حديثه . ولا يصح أمانه لأهل بلدة ، ورستاق ، وجمع كثير ; لأن ذلك يفضي إلى تعطيل الجهاد ، والافتيات على الإمام . ( 7482 ) فصل : ويصح عمر ; لأن أمان الإمام للأسير بعد الاستيلاء عليه رضي الله عنه لما قدم عليه بالهرمزان أسيرا ، قال : لا بأس عليك ، ثم أراد قتله ، فقال له عمر : قد أمنته ، فلا سبيل لك عليه . وشهد أنس بذلك ، فعدوه أمانا . رواه الزبير سعيد .
ولأن للإمام المن عليه ، والأمان دون ذلك . فأما آحاد الرعية ، فليس له ذلك . وهذا مذهب . وذكر الشافعي ، أنه يصح أمانه ; لأن أبو الخطاب زينب ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أجارت زوجها بعد أسره ، فأجاز النبي صلى الله عليه وسلم أمانها . وحكي هذا عن أبا العاص بن الربيع الأوزاعي . ولنا ، أن أمر الأسير مفوض إلى الإمام ، فلم يجز الافتيات عليه فيما يمنعه ذلك ، كقتله .
وحديث زينب في أمانها ، إنما صح بإجازة النبي صلى الله عليه وسلم ( 7483 ) فصل : وإذا شهد للأسير اثنان أو أكثر من المسلمين ، أنهم أمنوه ، قبل ، إذا كانوا بصفة الشهود . وقال : لا تقبل شهادتهم ; لأنهم يشهدون على فعل أنفسهم . ولنا ، أنهم عدول من المسلمين ، غير متهمين ، شهدوا بأمانه ، فوجب أن يقبل كما لو شهدوا على غيرهم أنه أمنه . الشافعي
وما ذكروه لا يصح ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قبل شهادة المرضعة على فعلها ، في حديث عقبة بن الحارث . وإن شهد واحد أني [ ص: 197 ] أمنته . فقال القاضي : قياس قول ، أنه يقبل ، كما لو قال الحاكم بعد عزله : كنت حكمت لفلان على فلان بحق . قبل قوله . وعلى قول أحمد : يصح أمانه ، فقبل خبره به ، كالحاكم في حال ولايته . وهذا قول أبي الخطاب الأوزاعي . ويحتمل أن لا يقبل ; لأنه ليس له أن يؤمنه في الحال ، فلم يقبل إقراره به ، كما لو أقر بحق على غيره . وهذا قول ، الشافعي . وأبي عبيدة