( 7374 ) مسألة : قال : التعزير : هو العقوبة المشروعة على جناية لا حد فيها ، كوطء الشريك الجارية المشتركة ، أو أمته المزوجة ، أو جارية ابنه ، أو وطء امرأته في دبرها أو حيضها ، أو وطء أجنبية دون الفرج ، أو سرقة ما دون النصاب ، أو من غير حرز ، أو النهب ، أو الغصب ، أو الاختلاس ، أو الجناية على إنسان بما لا يوجب حدا ولا قصاصا ولا دية ، أو شتمه بما ليس بقذف . ونحو ذلك يسمى تعزيرا ; لأنه منع من الجناية . والأصل في التعزير المنع ، ومنه التعزير بمعنى النصرة ; لأنه منع لعدوه من أذاه . واختلف عن ( ولا يبلغ بالتعزير الحد ) في قدره ، فروي عنه أنه لا يزاد على عشر جلدات ، نص أحمد على هذا في مواضع . أحمد
وبه قال إسحاق ; لما روى قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول { أبو بردة } متفق عليه والرواية الثانية : " لا يبلغ به الحد " وهو الذي ذكره : لا يجلد أحد فوق عشرة أسواط ، إلا في حد من حدود الله تعالى ، فيحتمل أنه أراد ، لا يبلغ به أدنى حد مشروع . وهذا قول الخرقي ، أبي حنيفة . فعلى هذا لا يبلغ به أربعين سوطا ; لأنها حد العبد في الخمر والقذف ، وهذا قول والشافعي . وإن قلنا : إن حد الخمر أربعون ، لم يبلغ به عشرين سوطا في حق العبد ، وأربعين في حد الحر . وهذا مذهب أبي حنيفة . فلا يزاد العبد على تسعة عشر سوطا ، ولا الحر على تسعة وثلاثين سوطا . وقال الشافعي ، ابن أبي ليلى : أدنى الحدود ثمانون ، فلا يزاد في التعزير على تسعة وسبعين . ويحتمل كلام وأبو يوسف أحمد ، أنه لا يبلغ بكل جناية حدا مشروعا في جنسها ، ويجوز أن يزيد على حد غير جنسها . والخرقي
وروي عن ما يدل على هذا . فعلى هذا ، ما كان سببه الوطء جاز أن يجلد مائة إلا سوطا ; لينقص عن حد الزنا ، وما كان سببه غير الوطء ، لم يبلغ به أدنى الحدود ; لما روي عن أحمد النعمان بن بشير ، في الذي وطئ جارية امرأته بإذنها ، يجلد مائة . وهذا تعزير ; لأنه في حق المحصن ، وحده إنما هو الرجم . وعن ، عن سعيد بن المسيب ، في أمة بين رجلين ، وطئها أحدهما : يجلد الحد إلا سوطا واحدا ، رواه عمر . واحتج به الأثرم . قال أحمد : هذا عندي من نص القاضي لا يقتضي اختلافا في التعزير ، بل المذهب أنه لا يزاد على عشر جلدات ، إتباعا للأثر ، إلا في وطء جارية امرأته ; لحديث أحمد النعمان ، وفي الجارية المشتركة ; لحديث ، وما عداهما يبقى على العموم ; لحديث عمر . وهذا قول حسن . أبي بردة
وإذا ثبت تقدير أكثره ، فليس أقله مقدرا ; لأنه لو تقدر لكان حدا ; ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قدر أكثره ، ولم يقدر أقله ، فيرجع فيه إلى اجتهاد الإمام فيما يراه ، وما يقتضيه حال الشخص . وقال : يجوز أن يزاد التعزير على الحد ، إذا رأى الإمام ; لما روي أن مالك ، [ ص: 149 ] عمل خاتما على نقش خاتم بيت المال ، ثم جاء به صاحب بيت المال ، فأخذ منه مالا ، فبلغ معن بن زائدة رضي الله عنه فضربه مائة ، وحبسه ، فكلم فيه ، فضربه مائة أخرى ، فكلم فيه من بعد ، فضربه مائة ونفاه وروى أحمد ، بإسناده ، أن عمر أتي بالنجاشي قد شرب خمرا في رمضان ، فجلده ثمانين الحد ، وعشرين سوطا لفطره في رمضان ، وروي أن عليا استخلفه أبا الأسود على قضاء ابن عباس البصرة ، فأتي بسارق قد كان جمع المتاع في البيت ، ولم يخرجه ، فقال : أعجلتموه المسكين . فضربه خمسة وعشرين سوطا ، وخلى سبيله . أبو الأسود
ولنا حديث ، وروى أبي بردة الشالنجي بإسناده عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { } ولأن العقوبة على قدر الإجرام والمعصية ، والمعاصي المنصوص على حدودها أعظم من غيرها ، فلا يجوز أن يبلغ في أهون الأمرين عقوبة أعظمها . وما قالوه يؤدي إلى أن من قبل امرأة حراما ، يضرب أكثر من حد الزنا ، وهذا غير جائز ; لأن الزنا مع عظمه وفحشه ، لا يجوز أن يزاد على حده ، فما دونه أولى . فأما حديث من بلغ حدا في غير حد ، فهو من المعتدين معن ، فيحتمل أنه كانت له ذنوب كثيرة ، فأدب على جميعها ، أو تكرر منه الأخذ ، أو كان ذنبه مشتملا على جنايات أحدها : تزويره ، والثاني : أخذه لمال بيت المال بغير حقه ، والثالث : فتحه باب هذه الحيلة لغيره ، وغير هذا . وأما حديث ، فإن النجاشي ضربه الحد لشربه ، ثم عزره عشرين لفطره ، فلم يبلغ بتعزيره حدا . عليا
وقد ذهب إلى هذا ، وروى أن من شرب الخمر في رمضان يحد ، ثم يعزر لجنايته من وجهين . والذي يدل على صحة ما ذكرناه ، ما روي أن أحمد رضي الله عنه كتب إلى عمر أبي موسى ، أن لا يبلغ بنكال أكثر من عشرين سوطا .