( 7018 ) الفصل الثاني : أن ، فإن كذب بعضهم بعضا ، فقال أحدهم : قتله هذا . وقال الآخر : لم يقتله هذا . أو قال : بل قتله هذا الآخر ، لم تثبت القسامة . نص عليه القسامة لا تثبت ما لم يتفق الأولياء على الدعوى . وسواء كان المكذب عدلا أو فاسقا . وذكر عن أحمد أن القسامة لا تبطل بتكذيب الفاسق ; لأن قوله غير مقبول . الشافعي
ولنا ، أنه مقر على نفسه بتبرئة من ادعى عليه أخوه ، فقبل ، كما لو ادعى دينا لهما ، وإنما لا يقبل قوله على غيره ، فأما على نفسه ، فهو كالعدل ; لأنه لا يتهم في حقها ; فأما إن لم يكذبه ، ولم يوافقه في الدعوى ، مثل أن قال أحدهما ; قتله هذا . وقال الآخر : لا نعلم قاتله . فظاهر كلام ، أن القسامة لا تثبت ; لاشتراطه ادعاء الأولياء على واحد . وهذا قول الخرقي . مالك
وكذلك إن كان أحد الوليين غائبا ، فادعى الحاضر دون الغائب ، أو ادعيا جميعا على واحد ، ونكل أحدهما عن الأيمان ، لم يثبت القتل ، في قياس قول . ومقتضى قول الخرقي أبي بكر ، ثبوت القسامة . وكذلك مذهب والقاضي لأن أحدهما لم يكذب الآخر ، فلم تبطل القسامة ، كما لو كان أحد الوارثين امرأة أو صغيرا ، فعلى قولهم ، يحلف المدعي خمسين يمينا ، ويستحق نصف الدية ; لأن الأيمان هاهنا بمنزلة البينة ، ولا يثبت شيء من الحق إلا بعد كمال البينة ، فأشبه ما لو ادعى أحدهما دينا لأبيهما ، فإنه لا يستحق نصيبه من الدين إلا أن يقيم بينة كاملة . الشافعي
وذكر ، فيما إذا كان أحدهما غائبا ، أن الأول فيه وجهان ; أحدهما ، أنه يحلف خمسا وعشرين يمينا ، وهذا قول أبو الخطاب ابن حامد ; لأن الأيمان مقسومة عليه وعلى أخيه ، بدليل ما لو كانا حاضرين متفقين في الدعوى ، ولا يحلف الإنسان عن غيره ، فلا يلزمه أكثر من حصته ، فإذا حضر الغائب أقسم خمسة وعشرين يمينا وجها واحدا ; لأنه يبني على أيمان أخيه . وذكر أبو بكر في نظير هذه المسألة ; أن الأول يحلف خمسين يمينا ، وهل يحلف الثاني خمسين أو خمسة وعشرين ؟ على وجهين ; أحدهما يقول ، يحلف خمسين ; لأن أخاه لم يستحق إلا بخمسين ، فكذلك هو . ولنا ، أنهما لم يتفقا في الدعوى ، فلم تثبت القسامة ، كما لو كذبه ; ولأن الحق في محل الوفاق ، إنما يثبت بأيمانهما التي أقيمت مقام البينة ، ولا يجوز أن يقوم أحدهما مقام الآخر في الأيمان ، كما في سائر الدعاوى . فعلى هذا ، إن قدم الغائب ، فوافق أخاه ، أو عاد من لم يعلم ، فقال : قد عرفته ، هو الذي عينه أخي . أقسما حينئذ . والقاضي
وإن قال أحدهما : قتله هذا . وقال الآخر : قتله هذا وفلان . فعلى قول ، لا تثبت القسامة ; لأنها لا تكون إلا على واحد . وعلى قول غيره ، يحلفان على [ ص: 388 ] من اتفقا عليه ، ويستحقان نصف الدية ، ولا يجب القود ; لأنه إنما يجب في الدعوى على واحد ، ويحلفان جميعا على هذا الذي اتفقا عليه على حسب دعواهما ، ويستحقان نصف الدية ، ولا يجب أكثر من نصف الدية ; لأن أحدهما يكذب الآخر في النصف الآخر ، فبقي اللوث في حقه في نصف الدم الذي اتفقا عليه ، ولم يثبت في النصف الذي كذبه أخوه فيه ، ولا يحلف الآخر على الآخر ; لأن أخاه كذبه في دعواه عليه . الخرقي
وإن . لم تثبت القسامة ، في ظاهر قول قال أحدهما : قتل أبي زيد وآخر لا أعرفه . وقال الآخر : قتله عمرو وآخر لا أعرفه ; لأنها لا تكون إلا على واحد ، ولأنهما ما اتفقا في الدعوى على واحد ، ولا يمكن أن يحلفا على من لم يتفقا في الدعوى عليه ، والحق إنما ثبت في محل الوفاق بأيمان الجميع ، فكيف يثبت في الفرع بأيمان البعض ؟ ، وقال الخرقي أبو بكر : تثبت القسامة . وهذا مذهب والقاضي ; لأنه ليس هاهنا تكذيب ، فإنه يجوز أن يكون الذي جهله كل واحد منهما ، هو الذي عرفه أخوه ، فيحلف كل واحد منهما على الذي عينه خمسين يمينا ، ويستحق ربع الدية ، فإن عاد كل واحد منهما ، فقال : قد عرفت الذي جهله ، وهو الذي عينه أخي . الشافعي
حلف أيضا على الذي حلف عليه أخوه ، وأخذ منه ربع الدية ، ويحلف خمسة وعشرين يمينا ; لأنه يبني على أيمان أخيه ، فلم يلزمه أكثر من خمسة وعشرين ، كما لو عرفه ابتداء . وفيه وجه آخر ، أنه يحلف خمسين يمينا ; لأن أخاه حلف خمسين يمينا ، في هذا قولان كالوجهين . ويجيء في المسألة وجه آخر ، وهو أن الأول لا يحلف أكثر من خمسة وعشرين يمينا ; لأنه إنما يحلف على ما يستحقه ، والذي يستحقه النصف ، فيكون عليه نصف الأيمان ، كما لو حلف أخوه معه . وإن قال كل واحد منهما : الذي كنت جهلته غير الذي عينه أخي . بطلت القسامة التي أقسماها ; لأن التكذيب يقدح في اللوث ; فيرد كل واحد منهما ما أخذ من الدية . وإن كذب أحدهما أخاه ، ولم يكذبه الآخر ، بطلت قسامة المكذب دون الذي لم يكذب . وللشافعي