( 6856 ) مسألة : قال : ( وإن ، ففيه دية حر إن كان حرا ، أو قيمته إن كان مملوكا ، إذا كان سقوطه لوقت يعيش لمثله ، وهو أن يكون لستة أشهر فصاعدا ) هذا قول عامة أهل العلم . قال ضرب بطنها ، فألقت جنينا حيا ، ثم مات من الضربة : أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم ، على أن في ابن المنذر ، دية كاملة ، منهم ; الجنين ، يسقط حيا من الضرب ، زيد بن ثابت ، وعروة والزهري ، والشعبي ، ، وابن شبرمة ، وقتادة ، ومالك ، والشافعي وإسحاق ، ، وأصحاب الرأي ; وذلك لأنه مات من جنايته بعد ولادته ، في وقت يعيش لمثله ، فأشبه قتله بعد وضعه . وأبو ثور
وفي هذه المسألة ثلاثة فصول : ( 6857 ) الفصل الأول : أنه إنما يضمن بالدية إذا وضعته حيا ، ومتى علمت حياته ، ثبت له هذا الحكم ، سواء ثبتت باستهلاله ، أو ارتضاعه ، أو بنفسه ، أو عطاسه ، أو غيره من الأمارات التي تعلم بها حياته . هذا ظاهر قول . وهو مذهب الخرقي . وروي عن الشافعي ، أنه لا يثبت له حكم الحياة إلا بالاستهلال . وهذا قول أحمد الزهري ، ، وقتادة ، ومالك وإسحاق . وروي معنى ذلك عن ، رضي الله عنه عمر ، وابن عباس ، والحسن بن علي ، رضي الله عنهم ; لقول النبي صلى الله عليه وسلم : { وجابر } . مفهومه أنه لا يرث إذا لم يستهل . والاستهلال : [ ص: 324 ] الصياح . إذا استهل المولود ، ورث وورث
قاله ، ابن عباس والقاسم ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { والنخعي مريم وابنها } . فلا يجوز غير ما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم والأصل في تسمية الصياح استهلالا ، أن من عادة الناس أنهم إذا رأوا الهلال صاحوا ، وأراه بعضهم بعضا ، فسمي صياح المولود استهلالا ; لأنه في ظهوره بعد خفائه كالهلال ، وصياحه كصياح من يتراءاه . ولنا ، أنه علمت حياته ، فأشبه المستهل ، والخبر يدل بمعناه وتنبيهه على ثبوت الحكم في سائر الصور ; لأن شربه اللبن أدل على حياته من صياحه ، وعطاسه صوت منه كصياحه ، وأما الحركة والاختلاج المنفرد ، فلا يثبت به حكم ; الحياة ; لأنه قد يتحرك بالاختلاج وسبب أخر ، وهو خروجه من مضيق ، فإن اللحم يختلج سيما إذا عصر ثم ترك ، فلم تثبت بذلك حياته . ( 6858 ) الفصل الثاني : أنه إنما يجب ضمانه إذا علم موته بسبب الضربة ، ويحصل ذلك بسقوطه في الحال وموته أو بقائه ، متألما إلى أن يموت ، أو بقاء أمه متألمة إلى أن تسقطه ، فيعلم بذلك موته بالجناية ، كما لو ما من مولود يولد ، إلا مسه الشيطان ، فيستهل صارخا ، إلا . ضرب رجلا فمات عقيب ضربه ، أو بقي ضمنا حتى مات
وإن ، فعلى الثاني القصاص إذا كان عمدا ، أو الدية كاملة ، وإن لم يكن فيه حياة مستقرة ، بل كانت حركته كحركة المذبوح ، فالقاتل هو الأول ، وعليه الدية كاملة ، وعلى الثاني الأدب . وإن وقع الجنين حيا ، ثم بقي زمنا سالما لا ألم به لم يضمنه الضارب ; لأن الظاهر أنه لم يمت من جنايته . ( 6859 ) الفصل الثالث : أن الدية الكاملة إنما تجب فيه إذا كان سقوطه لستة أشهر فصاعدا ، فإن كان لدون ذلك ، ففيه غرة ، كما لو سقط متألما . وبهذا قال ألقته حيا ، فجاء آخر فقتله ، وكان فيه حياة مستقرة . وقال المزني : فيه دية كاملة ; لأننا علمنا حياته ، وقد تلف من جنايته . الشافعي
ولنا ، أنه لم تعلم فيه حياة يتصور بقاؤه بها ، فلم تجب فيه دية ، كما لو ألقته ميتا ، وكالمذبوح . وقولهم : إننا علمنا حياته . قلنا : وإذا سقط ميتا وله ستة أشهر ، فقد علمنا حياته أيضا .