( حدثنا قتيبة عن مالك ح ) وتقدم تحقيق الحاء وحاله ( وأخبرنا ) وفي بعض النسخ أنبأنا ( إسحاق ) أي : ابن موسى كما في نسخة ( أخبرنا معن ، أخبرنا مالك ، عن أبي الزناد ، عن ، عن الأعرج : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : أبي هريرة ) أي : إذا أراد أن يلبس أحدكم نعليه ( إذا انتعل أحدكم ) أي بالجانب اليمين من الرجلين أو النعلين وفي الصحيحين ( فليبدأ باليمين ) أي أراد خلعهما ( فليبدأ باليمنى وإذا نزع ) أي بالجانب الشمال ، قال فليبدأ بالشمال الخطابي : الحذاء كرامة للرجل ، حيث أنه وقاية من الأذى ، وإذا كانت اليمنى أفضل من اليسرى ، استحب ، ليوفر بدوام لبسها حظها من الكرامة انتهى . وأما الحفاء فإنه تارة فيه الكرامة ، وأخرى فيه الإهانة ، وأما ما قاله التبدئة بها في لبس النعل ، والتأخير في نزعه العصام من أن تقديم اليمين إنما هو لكونه أقوى من اليسار ، فقد قال ابن حجر : أخرج الأمر إلى أنه إرشادي لا شرعي ، وهو باطل مخالف للسنة ، وكلام الأئمة انتهى . وفيه أن الأمر الإرشادي لا يكون باطلا ولا مخالفا للسنة ، ولا منافيا لكلام الأئمة ، كما تقدم تحقيق هذا البحث في النهي عن المشي في نعل واحدة ، من أنه يمكن حمل كلامه على علة ، وقال تقديم اليمنى على اليسرى في الأمر الشرعي العسقلاني : نقل وغيره الإجماع على أن الأمر فيه للاستحباب ( فلتكن اليمنى ) وفي بعض النسخ فليكن اليمين ، ويؤيده فليبدأ باليمين وينصره قوله : ( أولهما ) وهو متعلق بقوله : ( تنعل ) على خلاف في تأنيثه وتذكيره ، والأول هو الأصح فيكون تذكيره على تأويل العضو ، وهو منصوب على أنه خبر كان ، ويحتمل الرفع على أنه مبتدأ ، وينعل خبره ، والجملة خبر كان، كذا ذكره القاضي عياض الطيبي ، وعلى هذا المنوال قوله : ( ) وقال وآخرهما تنزع العسقلاني هما منصوبان على خبر كان ، أو على الحال ، والخبر تنعل ، وتنزع وضبطا بمثناتين فوقانيتين وتحتانيتين مذكرين قال ميرك ، والأول في روايتنا على أن الضميرين راجعان إلى اليمنى ، والثاني مما ضبطه الشيخ ، وأفاد أنه باعتبار النعل والخلع ، يعني بهما المصدرين المفهومين من الفعلين ، ثم قال : وهذا لا يخلو عن خفاء .
أقول بل لا يظهر له معنى أصلا ، والظاهر أن التذكير ، إما على رواية اليمين ، وإما على تأويل اليمنى بالعضو ، كما أشرنا إليه سابقا ، وفائدة هذه الجملة الأمر يجعل هذه الخصلة ملكة راسخة ثابتة دائمة لما أن النفوس تأخذ هذا الأمر هينا ، أو أنها اعتادت بتقديم اليمنى فكان مظنة فوت تقديم اليسرى ، هذا خلاصة كلام العصام [ ص: 167 ] وأقول بل فيه زيادة إفادة ، وهي أن المقصود من الفعلين السابقين على النهجين المذكورين ، إنما هو رعاية إكرام اليمنى فقط نعلا وخلعا ، حتى لا يتوهم أنه ساوى بين اليمنى واليسرى ، بأن أعطى كلا منهما ابتداء في أحد الفعلين ، ونظيره تقديم اليمنى في دخول المسجد ، وتقديم اليسرى في خروجه ، وعكسه في دخول الخلاء وخروجه ، وبه بطل قول ابن حجر أن فائدته أن الأمر بتقديم اليمنى في الأول لا يقتضي تأخير نزعها ; لاحتمال إرادة نزعهما معا ، فمن زعم أنه للتأكيد فقد وهم ، وكذلك من تكلف معنى غير ما قلت يخرجه به عن التأكيد ، فقد أتى بما يمجه السمع ، فلا يعول عليه انتهى . وأنت تعرف أن نزعهما معا ولبسهما معا ما لا يكاد يتصور في أفعال العقلاء ، فهو أولى بما يقال في حقه أنه قد أتى بما يمجه السمع ، فلا يعول عليه هذا ، وقد قال ميرك : زعم بعض النقاد أن المرفوع من الحديث انتهى عند قوله بالشمال ، وقوله : فليكن إلى آخر قوله : تنزع ، مدرج من كلام بعض الرواة شرحا ، وتأكيدا لما سبق .