( حدثنا ، حدثنا أحمد بن منيع إسماعيل بن إبراهيم ، حدثنا أيوب ، عن نافع ، عن ، قال ابن عمر : وحدثتني ابن عمر حفصة ) قيل الواو زائدة ، وقيل عاطفة على محذوف أي : حدثني غير حفصة ، وحدثتني حفصة ( أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي ركعتين حين يطلع ) بضم اللام أي : يظهر ( الفجر ) أي : الصبح ( وينادي المنادي ) أي : يؤذن المؤذن ، والمراد بهما سنته ( قال أيوب أراه ) بضم الهمزة أي : أظنه والضمير المنصوب لنافع ; لأن أيوب راو عنه ( قال ) أي : نافع بعد قوله ركعتين ( خفيفتين ) وقد صح ذلك من طرق في الصحيحين وغيرهما ، فيسن تخفيفهما والحديث المرفوع في تطويلهما من مرسل يحمل على بيان الجواز على أن فيه راويا لم يسم فلا حجة فيه لمن قال : يندب تطويلهما ولو لمن فاته شيء من قراءته صلاة الليل ، وإن صح ذلك عن سعيد بن جبير ، وربما يقال أنه جمع حسن ليحصل تدارك ما فات على ما يفهم من قوله تعالى : الحسن البصري وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا وفي صحيح مسلم كان - صلى الله عليه وسلم - كثيرا ما يقرأ في الأولى : قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا آية البقرة ، وفي الثانية قل ياأهل الكتاب تعالوا أي : اسعوا إلي مسلمون ) آية آل عمران .
وروى أبو داود أنه قرأ في الثانية ربنا آمنا بما أنزلت واتبعنا الرسول فاكتبنا مع الشاهدين أو إنا أرسلناك بالحق بشيرا ونذيرا ولا تسأل عن أصحاب الجحيم وروى مسلم وغيره أنه قرأ فيهما سورتي الإخلاص وصح : " " . نعم السورتان تقرأ بهما في ركعتي الفجر قل يا أيها الكافرون ، وقل هو الله أحد
ثم من القواعد المقررة عندنا أن قراءة سورة قصيرة أفضل من آيات كثيرة لكن يستحب أن يعمل بكل حديث ، ولو مرة فيؤتى بكل ما ورد ، وأما الجمع بين الآيات الواردة في ركعتيه على ما اختاره ابن حجر تبعا للنووي في استحباب الجمع بين قوله ظلما كثيرا ، وظلما كبيرا ، فهو ظاهر الدفع إذا الوارد كل منهما على حدة لا كلها مجتمعة ، وقد روى المصنف رواية عن والنسائي : " ابن عمر " ، ومن ثمة استدل به بعضهم على الجهر بالقراءة فيهما ، وأجيب بأنه لا حجة فيه لاحتمال أنه عرف ذلك بقراءته بعض السورة على أنه صح عن رمقت النبي - صلى الله عليه وسلم - شهرا كان يقرأ بهما - أي : بسورتي الإخلاص - في ركعتي الفجر عائشة أنه كان يسر فيهما بالقراءة ، ويوافقه قياس الإخفاء في سائر السنن النهارية ، والليلية قال ابن حجر : وهذا كله صريح في أنه رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - يصليهما فينافي رواية المصنف في هذا الكتاب أنه لم يره يصليهما انتهى .
ويمكن أن يجاب بأنه لم يره قبل أن تحدثه [ ص: 102 ] حفصة كما يشير إليه قوله رمقت والله أعلم هذا .
وروى الشيخان وغيرهما عن عائشة : " " . لم يكن - صلى الله عليه وسلم - على شيء من النوافل أشد منه تعاهدا على ركعتي الفجر
ولمسلم : " لهما أحب إلي من الدنيا جميعا " .
ولهذا روي عن أبي حنيفة أنهما واجبتان ، فلا شك أنهما أفضل من سائر الرواتب .
ثم اعلم أن الشيخين وغيرهما رووا عن عائشة أنه - صلى الله عليه وسلم - قال إذا صلى ركعتي الفجر اضطجع على شقه الأيمن ابن حجر : فتسن هذه الضجعة بين سنة الفجر وفرضه لذلك ولأمره - صلى الله عليه وسلم - بها ، رواه أبو داود وغيره بسند لا بأس به خلافا لمن نازع ، وهو صريح في ندبها لمن بالمسجد وغيره خلافا لمن خص ندبها بالبيت .
قلت : الظاهر وجه التخصيص إذا لم يثبت فعله هذا في المسجد عنه - صلى الله عليه وسلم - ثم قال : وقول : أنها بدعة ، وقول ابن عمر النخعي : أنها ضجعة الشيطان ، وإنكار لها فهو لأنه لم يبلغهم ذلك ، قلت هذا محمل بعيد إذ مثل ابن مسعود وهو صاحب السجادة لا يخفى عليه ذلك وكذا ابن مسعود مع شدة مبالغته في العلم والعمل بمتابعته يستبعد عدم وصول فعله المستمر إليه ، فالأولى أن يحمل الإنكار وعد البدعة والضجعة المذمومة على فعلها في المسجد فيما بين الناس أو على ما قال ابن عمر ابن العربي من أنه يختص بالمتهجد ، ويؤيده خبر عائشة .
لم يضطجع - صلى الله عليه وسلم - لسنة ولكنه كان يدأب ليلته فيستريح .
وأما قول ابن حجر : قول ابن العربي ضعيف ؛ لأن في سند الحديث مجهولا . فمدفوع ; لأنه ولو كان مجهولا لا معلوما يكون في مقام التعليل مقبولا ، ويقربه ما سبق من أنه - صلى الله عليه وسلم - بعد صلاة الليل أو الوتر كان يضطجع ، ويناسبه أيضا ما ذكره العلماء في حكمتها أنها للراحة ، والنشاط لصلاة الصبح ، وقد أفرط في وجوبها على كل أحد ، وأنها شرط لصحة صلاة الصبح . ابن حزم