الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        3503 حدثني محمد بن بشار حدثنا غندر حدثنا شعبة عن سعد قال سمعت إبراهيم بن سعد عن أبيه قال قال النبي صلى الله عليه وسلم لعلي أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        سابعها حديث سعد قوله : ( عن سعد ) هو ابن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( سمعت إبراهيم بن سعد ) أي ابن أبي وقاص .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لعلي ) بين سعد سبب ذلك من وجه آخر أخرجه المصنف في غزوة تبوك من آخر المغازي ، وسيأتي بيان ذلك هناك إن شاء الله تعالى .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى ) أي نازلا مني منزلة هارون من موسى ، والباء زائدة . وفي رواية سعيد بن المسيب عن سعد " فقال علي : رضيت رضيت " أخرجه أحمد ، ولابن سعد من حديث البراء وزيد بن أرقم في نحو هذه القصة " قال : بلى يا رسول الله ، قال : فإنه كذلك " وفي أول حديثهما أنه عليه الصلاة والسلام قال لعلي : " لا بد أن أقيم أو تقيم ، فأقام علي فسمع ناسا يقولون : إنما خلفه لشيء كرهه منه ، فاتبعه فذكر له ذلك ، فقال له الحديث ، وإسناده قوي . ووقع في رواية عامر بن سعد بن أبي وقاص عند مسلم والترمذي قال : " قال معاوية لسعد : " ما منعك أن تسب أبا تراب ؟ قال أما ما ذكرت ثلاثا قالهن له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلن أسبه " فذكر هذا الحديث وقوله : لأعطين الراية رجلا يحبه الله ورسوله وقوله : لما نزلت فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم دعا عليا وفاطمة والحسن والحسين فقال : اللهم [ ص: 93 ] هؤلاء أهلي وعند أبي يعلى عن سعد من وجه آخر لا بأس به قال : لو وضع المنشار على مفرقي على أن أسب عليا ما سببته أبدا . وهذا الحديث أعني حديث الباب دون الزيادة روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - عن غير سعد من حديث عمر وعلي نفسه وأبي هريرة وابن عباس وجابر بن عبد الله والبراء وزيد بن أرقم وأبي سعيد وأنس وجابر بن سمرة وحبشي بن جنادة ومعاوية وأسماء بنت عميس وغيرهم ، وقد استوعب طرقه ابن عساكر في ترجمة علي .

                                                                                                                                                                                                        وقريب من هذا الحديث في المعنى حديث جابر بن سمرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لعلي : من أشقى الأولين ؟ قال : عاقر الناقة . قال : فمن أشقى الآخرين ؟ قال : الله ورسوله أعلم . قال : قاتلك أخرجه الطبراني وله شاهد من حديث عمار بن ياسر عند أحمد ، ومن حديث صهيب عند الطبراني ، وعن علي نفسه عند أبي يعلى بإسناد لين ، وعند البزار بإسناد جيد .

                                                                                                                                                                                                        واستدل بحديث الباب على استحقاق علي للخلافة دون غيره من الصحابة ، فإن هارون كان خليفة موسى ، وأجيب بأن هارون لم يكن خليفة موسى إلا في حياته لا بعد موته لأنه مات قبل موسى باتفاق ، أشار إلى ذلك الخطابي وقال الطيبي : معنى الحديث أنه متصل بي نازل مني منزلة هارون من موسى ، وفيه تشبيه مبهم بينه بقوله : إلا أنه لا نبي بعدي فعرف أن الاتصال المذكور بينهما ليس من جهة النبوة بل من جهة ما دونها وهو الخلافة ، ولما كان هارون المشبه به إنما كان خليفة في حياة موسى دل ذلك على تخصيص خلافة علي للنبي - صلى الله عليه وسلم - بحياته والله أعلم .

                                                                                                                                                                                                        وقد أخرج المصنف من مناقب علي أشياء في غير هذا الموضع ، منها حديث عمر " علي أقضانا " وسيأتي في تفسير البقرة . وله شاهد صحيح من حديث ابن مسعود عند الحاكم ، ومنها حديث قتاله البغاة وهو حديث أبي سعيد تقتل عمارا الفئة الباغية وكان عمار مع علي ، وقد تقدمت الإشارة إلى الحديث المذكور في الصلاة . ومنها حديث قتاله الخوارج وقد تقدم من حديث أبي سعيد في علامات النبوة ، وغير ذلك مما يعرف بالتتبع ، وأوعب من جمع مناقبه من الأحاديث الجياد النسائي في كتاب " الخصائص " . وأما حديث من كنت مولاه فعلي مولاه فقد أخرجه الترمذي والنسائي ، وهو كثير الطرق جدا ، وقد استوعبها ابن عقدة في كتاب مفرد ، وكثير من أسانيدها صحاح وحسان ، وقد روينا عن الإمام أحمد قال : ما بلغنا عن أحد من الصحابة ما بلغنا عن علي بن أبي طالب .

                                                                                                                                                                                                        ( تنبيه ) : وقع حديث سعد مؤخرا عن حديث علي في رواية أبي ذر ومقدما عليه في رواية الباقين ، والخطب في ذلك قريب ، والله أعلم .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية