الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        3994 حدثنا سعيد بن أبي مريم أخبرنا محمد بن جعفر قال أخبرني زيد عن أبيه أنه سمع عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول أما والذي نفسي بيده لولا أن أترك آخر الناس ببانا ليس لهم شيء ما فتحت علي قرية إلا قسمتها كما قسم النبي صلى الله عليه وسلم خيبر ولكني أتركها خزانة لهم يقتسمونها

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        قوله : ( أخبرنا محمد بن جعفر ) أي ابن أبي كثير .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( أخبرني زيد ) هو ابن أسلم مولى عمر .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( لولا أن أترك آخر الناس ببانا ) كذا للأكثر بموحدتين مفتوحتين الثانية ثقيلة وبعد الألف نون ، قال أبو عبيدة بعد أن أخرجه عن ابن مهدي : قال ابن مهدي : يعني شيئا واحدا ، قال الخطابي : ولا أحسب هذه اللفظة عربية ولم أسمعها في غير هذا الحديث . وقال الأزهري : بل هي لغة صحيحة ، لكنها غير فاشية في لغة معد ، وقد صححها صاحب العين وقال : ضوعفت حروفه . وقال : الببان المعدم الذي لا شيء له ، ويقال : هم على ببان واحد أي على طريقة واحدة . وقال ابن فارس : يقال هم ببان واحد أي شيء واحد . قال الطبري : الببان في [ ص: 561 ] المعدم الذي لا شيء له ، فالمعنى لولا أن أتركهم فقراء معدمين لا شيء لهم أي متساوين في الفقر . وقال أبو سعيد الضرير فيما تعقبه على أبي عبيد : صوابه بيانا بالموحدة ثم تحتانية بدل الموحدة الثانية ، أي شيئا واحدا ، فإنهم قالوا لمن لا يعرف : هو هيان بن بيان . قلت : وقد وقع من عمر ذكر هذه الكلمة في قصة أخرى وهو أنه كان يفضل في القسمة فقال : " لئن عشت لأجعلن الناس ببانا واحدا " . ذكره الجوهري . وهو مما يؤيد تفسيرها بالتسوية . وروى الدارقطني في " غرائب مالك " من طريق معن بن عيسى عن مالك بسند حديث الباب عن عمر قال : " لئن بقيت إلى الحول لألحقن أسفل الناس بأعلاهم " وقد قدمت ذلك في " باب الغنيمة لمن شهد الوقعة " من كتاب الجهاد .

                                                                                                                                                                                                        ( تنبيه ) : نقل صاحب " المطالع " عن أهل العربية أنه لم يلتق حرفان من جنس واحد في اللسان العربي ، وتعقب بأن ذلك لا يعرف عن أحد من النحويين ولا اللغة ، وقد ذكر سيبويه الببر بموحدة مفتوحة ثم ساكنة وهي دابة تعادي الأسد . وفي الأعلام " ببة " بموحدتين الثانية ثقيلة لقب عبد الله بن الحارث الهاشمي أمير الكوفة .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( ولكني أتركها لهم خزانة يقسمونها ) أي يقتسمون خراجها .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية