الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
6321 2908 - (6357) - (2 \ 148) أخبرني نافع، أن ابن عمر، كان يقول: كان المسلمون حين قدموا المدينة يجتمعون، فيتحينون الصلاة ، وليس ينادي بها أحد، فتكلموا يوما في ذلك، فقال بعضهم: اتخذوا ناقوسا مثل ناقوس النصارى، وقال بعضهم: بل قرنا مثل قرن اليهود، فقال عمر: " أولا تبعثون رجلا ينادي بالصلاة؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يا بلال، قم فناد بالصلاة ".

التالي السابق


* قوله: "يجتمعون فيتحينون": من الحين بمعنى الوقت، والمعنى: يجتمعون للصلاة، فيقدرون حينها في أنفسهم؛ ليأتوا إليها فيه؛ فإن الاجتماع للصلاة بلا أذان يحتاج إلى ذلك.

وعلى هذا فقوله: "فيتحينون" بيان لطريق اجتماعهم للصلاة، مع أنه لا أذان ثم، ويحتمل أن المراد: أنهم يجتمعون فيما بينهم لتقرير الأوقات، فيقدرون الأوقات ليجتمعوا فيها للصلوات.

* "وليس ينادي بها أحد": قيل: كلمة "ليس" بمعنى "لا" النافية، فهي حرف، فلا اسم لها ولا خبر، وقيل: بل فيها ضمير الشأن، أو اسمها: أحد، قد أخر.

* "فتكلموا": أي: المسلمون.

[ ص: 271 ] * "اتخذوا": - بكسر الخاء على صيغة الأمر - .

* "ناقوسا": هي خشبة طويلة يضرب بخشبة أصغر منها، والنصارى يعلمون بها أوقات الصلاة.

* "بل قرنا": أي: ينفخ فيه، فيخرج منه صوت يكون علامة للأوقات؛ كما كانت اليهود يفعلونه، وهذا هو الذي يسمى بوقا - بضم الباء - .

* "ينادي بالصلاة": حمل النداء هاهنا على نحو: الصلاة جامعة، لا على الأذان المعهود؛ لأن ظاهر الحديث: أن عمر قال ذلك وقت المذاكرة، والأذان المعهود إنما كان بعد الرؤيا.

وقيل: يمكن حمله على الأذان المعهود؛ باعتبار أن في الكلام تقديرا للاختصار، مثل: فافترقوا، فرأى عبد الله بن زيد الأذان، فجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقص عليه رؤياه، فقال عمر: أولا تبعثون إلى آخره.

ويرد عليه أن عمر حضر بعد أن سمع صوت ذلك الأذان على ما يفيده حديث عبد الله بن زيد الرائي للأذان، فلا يصح بالنظر إلى ذلك الأذان أن عمر قال: ألا تبعثون رجلا؟

وقد يجاب بأنه يجوز أن يكون عمر في ناحية من نواحي المسجد حين جاء عبد الله بن زيد برؤيا الأذان عنده صلى الله عليه وسلم، فلما قص الرؤيا، سمع الصوت حين ذلك، فحضر عنده صلى الله عليه وسلم، وأشار بقوله: ألا تبعثون رجلا؟ إلى أن عبد الله لا يصلح لذلك، فابعثوا رجلا آخر يصلح له، والله تعالى أعلم.

* * *




الخدمات العلمية