الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                وأما صفته فله صفات منها أن الإرث به عند وجود سبب ثبوته وشرطه من طريق التعصيب ومعنى هذا الكلام أن المعتق إنما يرث بالولاء مال المعتق بطريق العصوبة ويكون المعتق آخر عصبات المعتق مقدما على ذوي الأرحام وعلى أصحاب الفرائض في استحقاق ما فضل من سهامهم حتى إنه لو لم يكن للمعتق وارث أصلا ، أو كان له ذو الرحم كان الولاء للمعتق ، وإن كان له أصحاب الفرائض فإنه يعطى فرائضهم أولا ، فإن فضل شيء يعطى المعتق وإلا فلا شيء له ولا يرد الفاضل على أصحاب الفرائض ، وإن كانوا ممن يحتمل الرد عليه ، وهذا قول عامة العلماء ، وهو قول علي وابن عباس وزيد رضي الله عنهم .

                                                                                                                                وروي عن عمر وعبد الله بن مسعود رضي الله عنهما أنه لا يرث بطريق التعصيب ، وهو مؤخر عن أصحاب الفرائض في [ ص: 163 ] استحقاق الفاضل ، وعن ذوي الأرحام أيضا واحتجوا بظاهر قوله تعالى { وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض } فظاهره يقتضي أن يكون ذو الرحم أولى من العتق .

                                                                                                                                ( وجه ) قول الأولين ما روينا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه جعل ولاء مولى بنت حمزة رضي الله عنه بينها وبين بنت معتقها نصفين فقد أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بنت حمزة رضي الله عنه مقام العصبات حيث جعل النصف الآخر لها ولم يأمر برده على بنت المعتق ولو كان الأمر كما زعموا لأمر صلى الله عليه وسلم بالرد كما في سائر المواريث إذا لم يكن هناك عصبة ، وقال صلى الله عليه وسلم { ألحقوا الفرائض بأهلها فما أبقت فلأولى رجل ذكر } وأولى رجل ذكر ههنا هو المولى .

                                                                                                                                وروي { فلأولى عصبة ذكر ، وهو المولى ههنا } .

                                                                                                                                وأما الآية الكريمة فقال بعضهم في تأويلها أي ذوو الأرحام من العصبة بعضهم أولى ببعض أي الأقرب من ذوي الأرحام من العصبات بعضهم أولى ببعض من الأبعد كالابن مع ابن الابن والأخ لأب وأم مع الأخ لأب ونحو ذلك ، وإذا عرف هذا الأصل فبيانه في مسائل إذا مات المعتق وترك أما ومولى فللأم الثلث والباقي للمولى عند الأولين ; لأنه عصبة ، وعند الآخرين الثلث للأم بالفرض والباقي ردا عليها أيضا ، وإن ترك بنتا ومولى فللبنت فرضها ، وهو النصف والباقي للمولى عند الأولين ; لأنه عصبة ، وعند الآخرين النصف للبنت بالفرض والباقي ردا عليها ولو ترك ثلاث أخوات متفرقات وأما وترك مولاه فللأخت للأب والأم النصف وللأخت للأب السدس تكملة الثلثين وللأخت للأم السدس وللأم السدس فقد استغرقت سهامهم الميراث فلم يبق شيء للمولى ، وإن ترك امرأة ومولى فللمرأة فرضها ، وهو الربع والباقي للمولى بلا خلاف .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية