الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( وكثلاثة في دابة ) ليس شأنها الركوب [ ص: 93 ] أو لم يشترط اختبارها له بل لقوتها وأكلها وغلائها ورخصها مثلا ، فإن اشترط الركوب في البلد فيوم ونحوه كما أشار له بقوله ( وكيوم لركوبها ) أي لشرطه فقط ، فإن اشترطه وغيره فثلاثة وليس قصده بدون شرط كشرطه على الراجح ، وأما إن اشترط اختبارها بالركوب خارج البلد فأشار له بقوله ( ولا بأس بشرط ) سير ( البريد ) ونحوه عند ابن القاسم وقال ( أشهب والبريدين وفي كونه ) أي قول أشهب ( خلافا ) لقول ابن القاسم ، فالبريد عنده ذهابا وإيابا والبريدان عند أشهب كذلك ، أو البريد ذهابا ومثله إيابا والبريدان كذلك ، أو وفاقا فالبريد عند ابن القاسم ذهابا والبريدان عند أشهب ذهابا وإيابا ( تردد ) الأولى تأويلان . .

التالي السابق


( قوله وكثلاثة في دابة ) قال طفى ظاهر كلامه في توضيحه ومختصره تبعا لابن عبد السلام أن مدة الخيار في الدابة تختلف باختلاف ما يراد منها ، فإن كان ليس شأنها الركوب فمدة الخيار فيها ثلاثة أيام ، وإن كان شأنها الركوب ، فإن اشترط الخيار فيها لأجل اختبارها بالركوب في البلد كان أمد الخيار فيها يوما ، وإن كان لأجل اختبارها بالركوب خارجها فبريد أو بريدان ، وهو خلاف ما لعبد الحق وابن يونس وعياض وابن شاس من أن اليوم ليس أمدا للخيار ، وإنما هو أمد للركوب مع بقاء أمد الخيار ثلاثة أيام مطلقا سواء كانت تراد للركوب أم لا وهذا هو التحقيق ولولا ما في التوضيح لأمكن حمل قوله كيوم لركوبها عليه أي كيوم لاشتراط ركوبها لأجل اختبارها به داخل البلد مع بقاء الخيار إلى ثلاثة أيام ا هـ . وعلى هذا حمل ابن غازي واستدل له بكلام عبد الحق وابن يونس وحاصله أنه يجوز بيع الدابة بالخيار ثلاثة أيام سواء اشترط اختبار حالها بغير الركوب ، أو بالركوب في البلد ، أو خارجها إلا أنه إذا شرط اختبارها بالركوب في البلد [ ص: 93 ] لا يركب إلا يوما واحدا مع كون الخيار إلى ثلاثة أيام ، وإن شرط اختبارها بالركوب خارجها فليس له ركوبها إلا بريدا ، أو بريدين مع بقاء الخيار ثلاثة أيام ( قوله ليس شأنها الركوب ) أي كالبقر والغنم ودخل فيها الطير والإوز والدجاج كذا قرر وقال اللقاني إن جرى عرف فيها بشيء عمل به ، وإلا فلا خيار فيها فيما يظهر ا هـ . عدوي ( قوله أو لم يشترط إلخ ) أي ، أو كان شأنها الركوب ولم يشترط الخيار فيها للركوب بل لقوتها إلخ ( قوله فإن اشترط الركوب ) أي ، فإن كان شأنها الركوب واشترط الخيار لاختبارها بالركوب فإما أن يشترط اختبارها بالركوب في البلد كالحمير والبغال بمصر ، أو في خارجها كحمير التراسين ( قوله فيوم ) أي فأمد الخيار يوم فقط لا ثلاثة هذا ظاهر المصنف ( قوله أي لشرطه ) أي لشرط اختبارها به فقط ( قوله ، فإن اشترطه وغيره ) أي ، فإن اشترط اختبارها به وبغيره كأكلها ( قوله وليس قصده ) أي وليس قصد المشتري الاختبار بالركوب بدون شرط كشرط اختبارها به على الراجح وما ذكره من أن قصد الركوب ليس كاشتراطه قول أبي بكر بن عبد الرحمن ومقابله إن قصد الركوب كاشتراطه قول أبي عمران وصححه عياض فإذا اشترى دابة على الخيار ثلاثة أيام ولم يشترط ركوبها لأجل اختبارها به فلا يجوز له ركوبها في أيام الخيار على الأول ويجوز على الثاني ونص عياض ذهب أبو بكر بن عبد الرحمن إلى أنها لا تركب أيام الخيار إلا بشرط وذهب أبو عمران إلى أنه إذا لم يشترط ركوبها فله من ذلك ما يجوز اشتراطه إذا كان العرف عند الناس الاختبار بالركوب ، وهو الصحيح ، ثم إن قول الشارح وليس قصده إلخ هذا إنما يناسب طريقة عبد الحق من أن أمد الخيار في الدابة مطلقا ثلاثة أيام ، فإن كان شأنها الركوب وشرط اختبارها بالركوب في البلد جاز له ركوبها يوما ، فإن لم يشرط ذلك فهل يجوز له ركوبها أم لا ؟ فيه ما علمته من الخلاف ، وأما على طريقة المصنف من أن دابة الركوب إذا اشترط فيها الخيار لأجل اختبارها بالركوب داخل البلد فأمد الخيار فيها يوم فلا يتأتى فيها ذلك الخلاف فتأمل .

( قوله ولا بأس بشرط سير البريد ) هو سفر نصف يوم بالسير المعتاد أي وإذا شرط اختبارها بالركوب خارج البلد فلا بأس باشتراط سير البريد ( قوله الأولى تأويلان ) ; لأن هذا اختلاف من شراح المدونة في فهمها والأول لأبي عمران والثاني لعياض . .




الخدمات العلمية