الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ درس ] ( ولا كلام لواجد ) عيبا ( في ) مثلي من مكيل وموزون ومعدود ( قليل ) عيبه بأن لا يزيد على المعتاد ( لا ينفك ) عنه المثلي بأن تقول أهل المعرفة إنه ليس من الأمر الطارئ [ ص: 150 ] ( كقاع ) أي قعر مخزن الطعام ، أو الأندر به بلل يسير فلا يحط عنه شيء من الثمن ( ، وإن انفك ) العيب القليل عنه عادة كابتلال بعضه بمطر ، أو ندى ولم يبلغ الثلث ( فللبائع التزام الربع ) المعيب مراده به ما دون الثلث ( بحصته ) ويلزم المشتري السليم بما ينوبه ( لا أكثر ) من الربع بالمعنى المتقدم بأن بلغ الثلث فأكثر فليس للبائع التزام المعيب وإلزامه المشتري السليم بما ينوبه بل الخيار للمشتري في التمسك بالجميع ، أو رد الجميع ( وليس للمشتري التزامه ) أي التزام السليم ويلزم البائع المعيب ( بحصته ) ، وأما بجميع الثمن فله ذلك ( مطلقا ) كان الربع فأقل ، أو الثلث فأكثر ، إذ من حجة البائع أن يقول أبيعه ليجمل بعضه بعضا وهذا عند التنازع ، وأما عند التراضي فلا إشكال ( وروجع ) فيما إذا كان المبيع مقوما متعددا كعشرة أثواب كل ثوب بعشرة ( للقيمة لا للتسمية ) لجواز اختلاف الأفراد بالجودة والرداءة ويتسامح عند بيع الجملة فيسمي العشرة لما يساوي أكثر منها ولما يساوي أقل . .

التالي السابق


( قوله ولا كلام لواجد إلخ ) هذا شروع فيما إذا قبض المشتري المثلي فوجده متغيرا بعضه وهذه الجملة مستأنفة جوابا لسؤال نشأ من قوله وحرم التمسك بالأقل إلا المثلي فلا يحرم التمسك فيه بالأقل بل يخير المشتري فكأنه قيل وهل هذا الحكم مطرد فأجاب بأن فيه تفصيلا ( قوله لواجد ) صلة لكلام وقوله في قليل خبر لا وقليل نعت لمحذوف قدره الشارح وقوله عيبه بالرفع فاعل قليل أي لا كلام لواجد عيبا في مثلي قليل عيبه وكان حقه أن يقول ولا كلاما ; لأنه شبيه بالمضاف ; لأن كلاما بمعنى تكلم عامل النصب في قوله لواجد إلا أن يقال إنه جرى على طريقة البغداديين الذين يجوزون نصب الشبيه بالمضاف من غير تنوين وجعلوا من ذلك قوله عليه الصلاة والسلام { اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت } ، وحاصل ما في المسألة أن من اشترى شيئا من الطعام ، أو نحوه جزافا ، أو كيلا فوجد تغيرا في أسفله مخالفا لأعلاه فلا يخلو إما أن يكون ذلك التغير بما ينفك عن الطعام عادة ، أو لا ، فإن كان بما لا ينفك عن الطعام كالبلل الذي يوجد في قعر المخزن فلا كلام للمشتري ، والمبيع كله لازم له ولا يحط عنه من الثمن شيء كان المعيب قليلا ، أو كثيرا ، وإن جرت العادة بانفكاك ذلك العيب عن الطعام ، فإن كان المعيب أقل من الثلث خير البائع بين أن يرد البيع وبين أن يلتزم المعيب بحصته من الثمن ويلزم المشتري السليم بما ينوبه من الثمن ; لأن ما دون الثلث قليل لا يوجب للمشتري ردا فلو طلب المشتري أن يتمسك بالسليم بحصته من الثمن وأبى البائع وطلب رد البيع فلا يجاب المشتري لما طلب ، فإن طلب أن يتماسك بالسليم بجميع الثمن أجيب لذلك ، وإن كان المعيب الثلث فأكثر فلا كلام للبائع حينئذ ويخير المشتري إما أن يرد الجميع ، أو يتماسك بالجميع وليس [ ص: 150 ] للمشتري أن يلتزم السليم بحصته ويلزم البائع المعيب بحصته ، وإن طلب التماسك بالسليم بجميع الثمن أجيب لذلك وإذا علمت هذا تعلم أن قول المصنف في قليل لا مفهوم له ا هـ عدوي ( قوله كقاع ) أي كبلل قاع مخزن ، أو أندر ( قوله فللبائع التزام الربع ) أي وله رد البيع ( قوله ، وأما بجميع الثمن ) أي ، وأما التزامه السليم بجميع الثمن فله ذلك ، والحاصل أنه يخير بين أمور ثلاثة : رد الجميع ، أو التماسك بالجميع ، أو بالسليم فقط بكل الثمن ، وأما التماسك بالسليم بحصته من الثمن وإلزام البائع المعيب بحصته من الثمن فليس له ذلك إلا أن يتراضيا على ذلك كما قال الشارح ( قوله ورجع للقيمة ) أي أن من اشترى مقوما متعددا كعشرة أثواب ، أو شياه مثلا بمائة ، وسمى لكل واحدة عشرة فاستحق بعضها ، أو اطلع فيه على عيب وليس وجه الصفقة وجب التمسك بباقي الصفقة بما يخصه من الثمن فالتسمية لغو لجواز اختلاف الأفراد بالجودة والرداءة ولا بد من الرجوع للقيمة بأن يقوم المستحق ، أو المعيب وبقية أجزاء الصفقة وتنسب قيمة المعيب ، أو المستحق إلى مجموع القيمتين ويرجع بتلك النسبة من الثمن فإذا كان المعيب ، أو المستحق من تلك العشرة أربعة وقومت بعشرين وقومت الستة السالمة بستين فتنسب قيمة المعيب ، وهي عشرون إلى مجموع القيمتين ، وهو ثمانون يكون ذلك ربعا فيرجع على البائع بربع المائة التي هي الثمن ( قوله ويتسامح ) أي في التسمية . .




الخدمات العلمية