الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
[ ص: 53 ] المسألة السادسة في بيان الفرق بين الصيغ التي يقع بها الإنشاء الواقع اليوم في العادة أن الشهادة تصح بالمضارع دون الماضي واسم الفاعل فيقول الشاهد أشهد بكذا عندك أيدك الله ولو قال شهدت بكذا ، أو أنا شاهد بكذا لم يقبل منه ، والبيع يصح بالماضي دون المضارع عكس الشهادة فلو قال : أبيعك بكذا أو قال أبايعك بكذا لم ينعقد البيع عند من يعتمد على مراعاة الألفاظ كالشافعي ، ومن لا يعتبرها لا كلام معه ، وإنشاء الطلاق يقع بالماضي نحو طلقتك ثلاثا واسم الفاعل نحو أنت طالق ثلاثا دون المضارع نحو أطلقك ثلاثا ، وسبب هذه الفروق بين الأبواب النقل العرفي من الخبر إلى الإنشاء فأي شيء نقلته العادة لمعنى صار صريحا في العادة لذلك المعنى بالوضع العرفي فيعتمد الحاكم عليه لصراحته ويستغني المفتي عن طلب النية معه لصراحته أيضا وما هو لم تنقله العادة لإنشاء ذلك المعنى يتعذر الاعتماد عليه لعدم الدلالة اللغوية والعرفية ، فنقلت العادة في الشهادة المضارع وحده وفي الطلاق والعتاق اسم الفاعل والماضي فإن اتفق وقت آخر تحدث فيه عادة أخرى تقتضي نسخ هذه العادة وتجدد عادة أخرى اتبعنا الثانية وتركنا الأولى ويصير الماضي في البيع والمضارع في الشهادة على حسب ما تجدده العادة فتأمل ذلك واضبطه فمن لم يعرف الحقائق العرفية وأحكامها يشكل عليه الفرق وبهذا التقرير يظهر قول مالك رحمه الله ما عده الناس بيعا فهو بيع نظرا إلى أن المدرك هو تجدد العادة غير أن للشافعية أن يقولوا إن ذلك مسلم ، ولكن يشترط وجود اللفظ المنقول أما مجرد الفعل والمعاطاة الذي يقصده مالك فممنوع .

التالي السابق


حاشية ابن الشاط

[ ص: 53 ] قال ( المسألة السادسة في بيان الفرق بين الصيغ التي يقع بها الإنشاء الواقع اليوم في العادة إن الشهادة تصح بالمضارع إلى آخر المسألة ) قلت ما قاله في هذه المسألة من اعتبار معينات الألفاظ مبني على مذهب من يشترطها كما قال فيصح تنقل العادات فيها بحسب العرف الحادث كما ذكر والله أعلم .



حاشية ابن حسين المكي المالكي

( المسألة السادسة ) فرق الفقهاء بين الشهادة تصح [ ص: 51 ] بالمضارع دون الماضي واسم الفاعل ، فيقبل قول الشاهد أشهد بكذا دون قوله شهدت بكذا وأنا شاهد بكذا ، وبين البيع والطلاق ينعقد الأول بالماضي كبعتك بكذا ولا ينعقد بالمضارع كأبيعك بكذا أو أبايعك بكذا عند من يعتمد على مراعاة الألفاظ كالشافعي لا عند من يقول بانعقاد البيع بمجرد المعاطاة ، ويقع إنشاء الثاني بالماضي نحو طلقتك ثلاثا واسم الفاعل نحو أنت طالق ثلاثا دون المضارع نحو أطلقك ثلاثا سببه النقل العرفي من الخبر إلى الإنشاء ، فأي شيء نقلته العادة لمعنى صار صريحا في العادة لذلك المعنى بالوضع العرفي فيعتمد الحاكم عليه كما يستفتى المفتي عن طلب النية معه لصراحته ، وما لم تنقله العادة لإنشاء ذلك المعنى يتعذر الاعتماد عليه لعدم الدلالة اللغوية والعرفية فنقلت العادة في الشهادة المضارع وحده وفي الطلاق والعتاق اسم الفاعل والماضي ، فإن اتفق تجدد عادة أخرى في وقت آخر تقتضي نسخ هذه العادة اتبعنا الثانية ، وتركنا الأولى ويصير الماضي في البيع والمضارع في الشهادة على حسب ما تجدده العادة ، وبهذا يظهر أن مالكا رحمه الله تعالى في قوله ما عده الناس بيعا فهو بيع نظر إلى أن المدرك هو تجدد العادة نعم للشافعية أن يقولوا إن ذلك مسلم ولكن يشترط وجود اللفظ المنقول أما مجرد الفعل والمعاطاة الذي يقصده مالك فممنوع




الخدمات العلمية