( الفرق الحادي والخمسون والمائتان بين قاعدة ) لم أر أحدا من الفرضيين يذكر إلا أسباب التوارث وموانعه ولا يذكر أحد منهم شروطه قط وله [ ص: 199 ] شروط قطعا كسائر أبواب الفقه فإن كانوا قد تركوها ؛ لأنها معلومة فأسباب التوارث معلومة أيضا فالصواب استيعاب الثلاثة كسائر أبواب الفقه ، وإن قالوا لا شروط للتوارث بل أسباب وموانع فقط فضوابط الأسباب والشروط والموانع تمنع من ذلك ، وقد قال الفضلاء : إذا اختلفتم في الحقائق فحكموا الحدود وقد تقدم أول الكتاب في الفروق أن السبب يلزم من وجوده الوجود ومن عدمه العدم والشرط يلزم من عدمه العدم ، ولا يلزم من وجوده وجود ولا عدم والمانع ما يلزم من وجوده العدم ، ولا يلزم من عدمه وجود ، ولا عدم فبهذه الحدود والضوابط يظهر أن للتوارث شروطا وها أنا أذكرها على هذا الضابط فأقول : أسباب التوارث وقاعدة شروطه وموانعه ثلاثة كالأسباب تقدم موت الموروث على الوارث ، واستقرار حياة الوارث بعده كالجنين شروط التوارث
[ ص: 200 ] والعلم بالقرب والدرجة التي اجتمعا فيها احترازا من موت رجل من مضر أو قريش لا يعلم له قريب فإن ميراثه لبيت المال مع أن كل قرشي ابن عمه ، ولا ميراث لبيت المال مع ابن عم لكنه فات شرطه الذي هو العلم بدرجته منه فما من قرشي إلا لعل غيره أقرب منه فهذه شروط لا يؤثر وجودها إلا في نهوض الأسباب لترتب مسبباتها عليها يلزم من عدمها العدم ، ولا يلزم من وجودها من حيث هو وجود ولا عدم ، بل الوجود إن وقع فهو لوجود الأسباب لا لها ، وإن وقع العدم عند وجودها فلعدم السبب أو لوجود المانع فهذه حقيقة الشرط قد وجدت في هذه الثلاثة فتكون شروطا
[ ص: 201 ] وقد تقدم أيضا أول الكتاب أن الشرط إذا شك فيه يلزم من ذلك العدم ، وكذلك السبب ، ولا يلزم من الشك في المانع العدم بل يترتب الثبوت بناء على السبب ، وهذا أيضا يوضح لك شرطية هذه الثلاثة مع أنهم لم يذكروها في الأسباب التي ذكروها ، ولا في الموانع بل أهملت وذكرها متعين وقد تقدم ذكر الأسباب وأما الموانع فأقصى ما ذكر فيها أنها خمسة وغالب الناس على أنها ثلاثة الكفر والقتل والرق وزاد بعضهم الشك احترازا من أهل السفينة أو الردم فإنه لا ميراث بينهم ، واللعان فإنه يمنع من إرث الأب والإرث منه فقد ظهر الفرق بين القواعد [ ص: 202 ] الثلاثة ، وهو المقصود