( الفرق الرابع والثلاثون بين قاعدة المعاني الفعلية وبين قاعدة المعاني الحكمية )
وتحريره أن
nindex.php?page=treesubj&link=21100ما من معنى مأمور به في الشريعة ولا منهي عنه إلا وهو منقسم إلى فعلي وحكمي ونعني بالفعلي وجوده في زمان وجوده وتحققه دون زمان عدمه ونعني بالحكمي حكم صاحب الشرع على فاعله بعد عدمه بأنه من أهل ذلك الوصف وفي حكم الموصوف به دائما حتى يلابس ضده ولذلك مثل أحدهما
nindex.php?page=treesubj&link=26854الإيمان إذا استحضره الإنسان في قلبه فهذا هو الإيمان الفعلي فإذا غفل عنه بعد ذلك حكم
[ ص: 201 ] صاحب الشرع عليه بأنه مؤمن وله أحكام المؤمنين في الدنيا والآخرة . وثانيها
nindex.php?page=treesubj&link=10015_26863الكفر إذا استحضره الإنسان في قلبه فهذا هو الكفر الفعلي فإذا غفل عنه بعد ذلك حكم صاحب الشرع بأنه كافر وله أحكام الكفار في الدنيا والآخرة من إباحة الدم واستحقاق العقوبات وغير ذلك ومن ذلك قوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=74إنه من يأت ربه مجرما فإن له جهنم } فإن كل واحد لا يأتي يوم القيامة وهو كافر الكفر الفعلي لأن كل كافر عند المعاينة يضطر للإيمان فلا يأتي يوم القيامة إلا وهو مؤمن بالفعل والإيمان الفعلي ينافي الكفر الفعلي فهو غير كافر بالفعل ، مؤمن بالفعل غير أنه لا ينفعه ذلك الإيمان وإنما ينفعه إذا وقع قبل المعاينة والاضطرار إليه
وثالثها
nindex.php?page=treesubj&link=28276الإخلاص يقع من العبد أول العبادة فهذا هو الإخلاص الفعلي فإذا غفل عنه بعد ذلك حكم صاحب الشرع عليه بأنه من المخلصين في الدنيا والآخرة حتى يخطر له الرياء وهو ضد الإخلاص فينتفي ذلك الحكم كما ينتفي الحكم بالإيمان بسبب ملابسة الكفر والحكم بالكفر بسبب ملابسة الإيمان ورابعها
nindex.php?page=treesubj&link=25844_2365_23590_28278_28279النية في أول الصلاة والطهارة والصوم ونحوه من العبادات تحصل في قلب العبد فهذه هي النية الفعلية فإذا غفل عنها في أثناء الصلاة أو غيرها من العبادات حكم صاحب الشرع بأنه ناو وله أحكام الناوين لتلك العبادات حتى يفرغ منها وكذلك جميع المعاني المنهي عنها والمأمور بها من الكبر والعجب وحب السمعة والإذلال وقصد الفساد وإرادة العناد ونحوه من المنهيات وحب المؤمنين وبغض الكافرين وتعظيم رب العالمين والأنبياء والمرسلين وقصد نفع الإخوان وإرادة البعد عن حرمات الرحمن وغير ذلك من المأمورات فكل من خطر بباله معنى من هذه المعاني ثم غفل عنها كان في حكم الشرع من أهل ذلك المعنى حتى يلابس ضده فهذه قاعدة في هذه الفروق مجمع عليها والحكميات أبدا في هذا الباب فرع الفعليات . وهاهنا خمس مسائل ( المسألة الأولى )
nindex.php?page=treesubj&link=1979_28266من خرس لسانه عند الموت وذهب عقله فلم ينطق بالشهادة عند الموت ولا أحضر الإيمان بقلبه ومات على [ ص: 202 ] تلك الحالة مات مؤمنا ولا يضره عدم الإيمان الفعلي عند الموت كما أن الكافر إذا حضرته الوفاة أخرس ذاهب العقل عاجزا عن الكفر في تلك الحال لعدم صلاحيته له لا ينفعه ذلك وحكمه عند الله حكم الذين استحضروا الكفر في تلك الحال بالفعل فالمعتبر ما تقدم من كفر وإيمان ولا يضر العدم في المعنى عند الموت .
( المسألة الثانية )
إذا
nindex.php?page=treesubj&link=1525_1866سها عن السجود في الأولى والركوع في الثانية لا ينضاف سجود الثانية لركوع الأولى إلا أن يقصد به إضافته للأولى ولا تكفيه النية الفعلية المقارنة لأول الصلاة بسبب أن النية الحكمية هي فرع الفعلية على حسب ما كانت عليه والنية الفعلية الأولى إنما تناولت الفعل الشرعي لا بوصف كونه مرقعا بل على مجاري العادة في الأكثر فهذه الصلاة المرقعة الخارجة عن نمط العادة لا تتناولها النية الحكمية لأنها فرع الفعلية والفعلية لم تتناولها فكذلك الحكمية التي هي فرع الفعلية لا تتناول إلا الصلاة المرتبة العادية لا الصلاة المرقعة فبقيت المرقعة بغير نية فعلية ولا حكمية فاحتاجت إلى نية مجددة للترقيع ولأن المرقعة المتروك ركوعها وسجودها حتى ينضاف إليها سجود من ركعة أخرى غير مشروعة إجماعا وغير المشروع قربة لا ينوى شرعا فليس فيها نية فعلية قطعا وليس لها نية حكمية قطعا فإن الشرع إنما يحكم باستصحاب ما تقدم من النية فإذا لم تتقدم نية شرعية لا يحكم الشرع باستصحابها قطعا فهذه المرقعة خالية من النية قطعا فتحتاج إلى نية إجماعا لأنه لا بد للصلاة من النية إجماعا فهذا تقرير ظاهر قطعي فيعتمد عليه أولى من الاعتماد على الأمور الضعيفة التي يذكرها بعض الفقهاء .
( المسألة الثالثة ) إذا
nindex.php?page=treesubj&link=1866_1525نسي سجدة من الأولى ثم ذكر في آخر صلاته فإنه يقوم إلى ركعة خامسة يجعلها عوض الأولى ولا بد لهذه الركعة الخامسة من نية مجددة بأنها عوض عن الأولى وإلا فلا تكون عوضا عن الأولى بالنية المتقدمة أول الصلاة لأنها لم تتناول إلا الصلاة العادية أما المرقعات فلا وكذلك الحكمية التي هي فرعها فلا بد من نية جديدة لأن كل جزء
[ ص: 203 ] من أجزاء الصلاة لا بد فيه من نية فعلية أو حكمية فمتى عرا جزء من أجزاء الصلاة عنها بطلت الصلاة ما لم تستدرك بالنية عن قرب . ( المسألة الرابعة ) قال
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك رضي الله عنه في المدونة
nindex.php?page=treesubj&link=23590_32_28287من بقيت رجلاه من وضوئه فخاض بهما نهرا فدلكهما فيه بيديه ولم ينو بهما تمام وضوئه لم يجزه حتى ينويه
قلت وسبب ذلك أن النية الفعلية لم تتناول إلا الوضوء العادي فإن الإنسان أول العبادة أو الوضوء لا يقدم على ترقيع الصلاة ولا ترقيع وضوئه بل إنما يقصد العبادة التي لا ترقيع فيها فالمرقعة لم يتناولها لا النية الفعلية ولا الحكمية التي هي فرع الفعلية فلا تتناول المرقعة ولا المفرقة فبقي جزء العبادة بغير نية مطلقا فتبطل العبادة لعدم شرطها فلأجل هذه القاعدة احتاج الترقيع أبدا إلى النية الفعلية تجدد له فمتى وقع بغير نية تجدد له بقي جزء العبادة بغير نية فتبطل العبادة لاشتراط النية في كل أجزائها فعلية أو حكمية . ( المسألة الخامسة )
nindex.php?page=treesubj&link=28279رفض النية في أثناء العبادات فيه قولان هل يؤثر أم لا فإن قلنا بعدم التأثير فلا كلام وإن قلنا يؤثر فوجهه أن هذه النية التي حصل بها الرفض وهي العزم على ترك العبادة لو قارنت النية الفعلية الكائنة أول العبادة لضاددتها ونافتها فإن العزم على الفعل ، والعزم على تركه متضادان وما ضاد الفعلية ضاد الحكمية التي هي فرعها بطريق الأولى فظهر بهذه الفروع الفرق بين المعاني الفعلية والحكمية وأن الحكميات أبدا تابعة فروع الفعليات وأن الفعليات والحكميات إنما تتناول العبادات العاديات دون الطارئات وأن التلفيات تحتاج إلى نية جديدة أبدا لعدمها فيها وهو المطلوب . .
( الْفَرْقُ الرَّابِعُ وَالثَّلَاثُونَ بَيْنَ قَاعِدَةِ الْمَعَانِي الْفِعْلِيَّةِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ الْمَعَانِي الْحُكْمِيَّةِ )
وَتَحْرِيرُهُ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=21100مَا مِنْ مَعْنَى مَأْمُورٍ بِهِ فِي الشَّرِيعَةِ وَلَا مَنْهِيٍّ عَنْهُ إلَّا وَهُوَ مُنْقَسِمٌ إلَى فِعْلِيٍّ وَحُكْمِيٍّ وَنَعْنِي بِالْفِعْلِيِّ وُجُودَهُ فِي زَمَانِ وُجُودِهِ وَتَحَقُّقَهُ دُونَ زَمَانِ عَدَمِهِ وَنَعْنِي بِالْحُكْمِيِّ حُكْمَ صَاحِبِ الشَّرْعِ عَلَى فَاعِلِهِ بَعْدَ عَدَمِهِ بِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ ذَلِكَ الْوَصْفِ وَفِي حُكْمِ الْمَوْصُوفِ بِهِ دَائِمًا حَتَّى يُلَابِسَ ضِدَّهُ وَلِذَلِكَ مَثَّلَ أَحَدُهُمَا
nindex.php?page=treesubj&link=26854الْإِيمَانَ إذَا اسْتَحْضَرَهُ الْإِنْسَانُ فِي قَلْبِهِ فَهَذَا هُوَ الْإِيمَانُ الْفِعْلِيُّ فَإِذَا غَفَلَ عَنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ حَكَمَ
[ ص: 201 ] صَاحِبُ الشَّرْعِ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ مُؤْمِنٌ وَلَهُ أَحْكَامُ الْمُؤْمِنِينَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ . وَثَانِيهَا
nindex.php?page=treesubj&link=10015_26863الْكُفْرُ إذَا اسْتَحْضَرَهُ الْإِنْسَانُ فِي قَلْبِهِ فَهَذَا هُوَ الْكُفْرُ الْفِعْلِيُّ فَإِذَا غُفِلَ عَنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ حَكَمَ صَاحِبُ الشَّرْعِ بِأَنَّهُ كَافِرٌ وَلَهُ أَحْكَامُ الْكُفَّارِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ مِنْ إبَاحَةِ الدَّمِ وَاسْتِحْقَاقِ الْعُقُوبَاتِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَمِنْ ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=74إنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِمًا فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ } فَإِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ لَا يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَهُوَ كَافِرٌ الْكُفْرَ الْفِعْلِيَّ لِأَنَّ كُلَّ كَافِرٍ عِنْدَ الْمُعَايَنَةِ يَضْطَرُّ لِلْإِيمَانِ فَلَا يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ إلَّا وَهُوَ مُؤْمِنٌ بِالْفِعْلِ وَالْإِيمَانُ الْفِعْلِيُّ يُنَافِي الْكُفْرَ الْفِعْلِيَّ فَهُوَ غَيْرُ كَافِرٍ بِالْفِعْلِ ، مُؤْمِنٌ بِالْفِعْلِ غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَنْفَعُهُ ذَلِكَ الْإِيمَانُ وَإِنَّمَا يَنْفَعُهُ إذَا وَقَعَ قَبْلَ الْمُعَايَنَةِ وَالِاضْطِرَارِ إلَيْهِ
وَثَالِثُهَا
nindex.php?page=treesubj&link=28276الْإِخْلَاصُ يَقَعُ مِنْ الْعَبْدِ أَوَّلَ الْعِبَادَةِ فَهَذَا هُوَ الْإِخْلَاصُ الْفِعْلِيُّ فَإِذَا غَفَلَ عَنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ حَكَمَ صَاحِبُ الشَّرْعِ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ مِنْ الْمُخْلِصِينَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ حَتَّى يَخْطِرَ لَهُ الرِّيَاءُ وَهُوَ ضِدُّ الْإِخْلَاصِ فَيَنْتَفِي ذَلِكَ الْحُكْمُ كَمَا يَنْتَفِي الْحُكْمُ بِالْإِيمَانِ بِسَبَبِ مُلَابَسَةِ الْكُفْرِ وَالْحُكْمُ بِالْكُفْرِ بِسَبَبِ مُلَابَسَةِ الْإِيمَانِ وَرَابِعُهَا
nindex.php?page=treesubj&link=25844_2365_23590_28278_28279النِّيَّةُ فِي أَوَّلِ الصَّلَاةِ وَالطَّهَارَةِ وَالصَّوْمِ وَنَحْوِهِ مِنْ الْعِبَادَاتِ تَحْصُلُ فِي قَلْبِ الْعَبْدِ فَهَذِهِ هِيَ النِّيَّةُ الْفِعْلِيَّةُ فَإِذَا غَفَلَ عَنْهَا فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ أَوْ غَيْرِهَا مِنْ الْعِبَادَاتِ حَكَمَ صَاحِبُ الشَّرْعِ بِأَنَّهُ نَاوٍ وَلَهُ أَحْكَامُ النَّاوِينَ لِتِلْكَ الْعِبَادَاتِ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْهَا وَكَذَلِكَ جَمِيعُ الْمَعَانِي الْمَنْهِيِّ عَنْهَا وَالْمَأْمُورِ بِهَا مِنْ الْكِبْرِ وَالْعُجْبِ وَحُبِّ السُّمْعَةِ وَالْإِذْلَالِ وَقَصْدِ الْفَسَادِ وَإِرَادَةِ الْعِنَادِ وَنَحْوِهِ مِنْ الْمَنْهِيَّاتِ وَحُبِّ الْمُؤْمِنِينَ وَبُغْضِ الْكَافِرِينَ وَتَعْظِيمِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَالْأَنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِينَ وَقَصْدِ نَفْعِ الْإِخْوَانِ وَإِرَادَةِ الْبُعْدِ عَنْ حُرُمَاتِ الرَّحْمَنِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْمَأْمُورَاتِ فَكُلُّ مَنْ خَطَرَ بِبَالِهِ مَعْنًى مِنْ هَذِهِ الْمَعَانِي ثُمَّ غَفَلَ عَنْهَا كَانَ فِي حُكْمِ الشَّرْعِ مِنْ أَهْلِ ذَلِكَ الْمَعْنَى حَتَّى يُلَابِسَ ضِدَّهُ فَهَذِهِ قَاعِدَةٌ فِي هَذِهِ الْفُرُوقِ مُجْمَعٌ عَلَيْهَا وَالْحُكْمِيَّاتُ أَبَدًا فِي هَذَا الْبَابِ فَرْعُ الْفِعْلِيَّاتِ . وَهَاهُنَا خَمْسُ مَسَائِلَ ( الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى )
nindex.php?page=treesubj&link=1979_28266مَنْ خَرِسَ لِسَانُهُ عِنْدَ الْمَوْتِ وَذَهَبَ عَقْلُهُ فَلَمْ يَنْطِقْ بِالشَّهَادَةِ عِنْدَ الْمَوْتِ وَلَا أَحْضَرَ الْإِيمَانَ بِقَلْبِهِ وَمَاتَ عَلَى [ ص: 202 ] تِلْكَ الْحَالَةِ مَاتَ مُؤْمِنًا وَلَا يَضُرُّهُ عَدَمُ الْإِيمَانِ الْفِعْلِيِّ عِنْدَ الْمَوْتِ كَمَا أَنَّ الْكَافِرَ إذَا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ أَخْرَسَ ذَاهِبَ الْعَقْلِ عَاجِزًا عَنْ الْكُفْرِ فِي تِلْكَ الْحَالِ لِعَدَمِ صَلَاحِيَّتِهِ لَهُ لَا يَنْفَعُهُ ذَلِكَ وَحُكْمُهُ عِنْدَ اللَّهِ حُكْمُ الَّذِينَ اسْتَحْضَرُوا الْكُفْرَ فِي تِلْكَ الْحَالِ بِالْفِعْلِ فَالْمُعْتَبَرُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ كُفْرٍ وَإِيمَانٍ وَلَا يَضُرُّ الْعَدَمُ فِي الْمَعْنَى عِنْدَ الْمَوْتِ .
( الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ )
إذَا
nindex.php?page=treesubj&link=1525_1866سَهَا عَنْ السُّجُودِ فِي الْأُولَى وَالرُّكُوعِ فِي الثَّانِيَةِ لَا يَنْضَافُ سُجُودُ الثَّانِيَةِ لِرُكُوعِ الْأُولَى إلَّا أَنْ يَقْصِدَ بِهِ إضَافَتَهُ لِلْأُولَى وَلَا تَكْفِيهِ النِّيَّةُ الْفِعْلِيَّةُ الْمُقَارِنَةُ لِأَوَّلِ الصَّلَاةِ بِسَبَبِ أَنَّ النِّيَّةَ الْحُكْمِيَّةَ هِيَ فَرْعُ الْفِعْلِيَّةِ عَلَى حَسْبِ مَا كَانَتْ عَلَيْهِ وَالنِّيَّةُ الْفِعْلِيَّةُ الْأُولَى إنَّمَا تَنَاوَلَتْ الْفِعْلَ الشَّرْعِيَّ لَا بِوَصْفِ كَوْنِهِ مُرَقَّعًا بَلْ عَلَى مَجَارِي الْعَادَةِ فِي الْأَكْثَرِ فَهَذِهِ الصَّلَاةُ الْمُرْقَعَةُ الْخَارِجَةُ عَنْ نَمَطِ الْعَادَةِ لَا تَتَنَاوَلُهَا النِّيَّةُ الْحُكْمِيَّةُ لِأَنَّهَا فَرْعُ الْفِعْلِيَّةِ وَالْفِعْلِيَّةُ لَمْ تَتَنَاوَلْهَا فَكَذَلِكَ الْحُكْمِيَّةُ الَّتِي هِيَ فَرْعُ الْفِعْلِيَّةِ لَا تَتَنَاوَلُ إلَّا الصَّلَاةَ الْمُرَتَّبَةَ الْعَادِيَّةَ لَا الصَّلَاةَ الْمُرْقَعَةَ فَبَقِيَتْ الْمُرْقَعَةُ بِغَيْرِ نِيَّةٍ فِعْلِيَّةٍ وَلَا حُكْمِيَّةٍ فَاحْتَاجَتْ إلَى نِيَّةٍ مُجَدِّدَةٍ لِلتَّرْقِيعِ وَلِأَنَّ الْمُرْقَعَةَ الْمَتْرُوكَ رُكُوعُهَا وَسُجُودُهَا حَتَّى يَنْضَافَ إلَيْهَا سُجُودٌ مِنْ رَكْعَةٍ أُخْرَى غَيْرُ مَشْرُوعَةٍ إجْمَاعًا وَغَيْرُ الْمَشْرُوعِ قُرْبَةٌ لَا يُنْوَى شَرْعًا فَلَيْسَ فِيهَا نِيَّةٌ فِعْلِيَّةٌ قَطْعًا وَلَيْسَ لَهَا نِيَّةٌ حُكْمِيَّةٌ قَطْعًا فَإِنَّ الشَّرْعَ إنَّمَا يَحْكُمُ بِاسْتِصْحَابِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ النِّيَّةِ فَإِذَا لَمْ تَتَقَدَّمْ نِيَّةٌ شَرْعِيَّةٌ لَا يَحْكُمُ الشَّرْعُ بِاسْتِصْحَابِهَا قَطْعًا فَهَذِهِ الْمُرْقَعَةُ خَالِيَةٌ مِنْ النِّيَّةِ قَطْعًا فَتَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ إجْمَاعًا لِأَنَّهُ لَا بُدَّ لِلصَّلَاةِ مِنْ النِّيَّةِ إجْمَاعًا فَهَذَا تَقْرِيرٌ ظَاهِرٌ قَطْعِيٌّ فَيُعْتَمَدُ عَلَيْهِ أَوْلَى مِنْ الِاعْتِمَادِ عَلَى الْأُمُورِ الضَّعِيفَةِ الَّتِي يَذْكُرُهَا بَعْضُ الْفُقَهَاءِ .
( الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ ) إذَا
nindex.php?page=treesubj&link=1866_1525نَسِيَ سَجْدَةً مِنْ الْأُولَى ثُمَّ ذَكَرَ فِي آخِرِ صَلَاتِهِ فَإِنَّهُ يَقُومُ إلَى رَكْعَةٍ خَامِسَةٍ يَجْعَلُهَا عِوَضَ الْأُولَى وَلَا بُدَّ لِهَذِهِ الرَّكْعَةِ الْخَامِسَةِ مِنْ نِيَّةٍ مُجَدَّدَةٍ بِأَنَّهَا عِوَضٌ عَنْ الْأُولَى وَإِلَّا فَلَا تَكُونُ عِوَضًا عَنْ الْأُولَى بِالنِّيَّةِ الْمُتَقَدِّمَةِ أَوَّلَ الصَّلَاةِ لِأَنَّهَا لَمْ تَتَنَاوَلْ إلَّا الصَّلَاةَ الْعَادِيَّةَ أَمَّا الْمُرَقَّعَاتُ فَلَا وَكَذَلِكَ الْحُكْمِيَّةُ الَّتِي هِيَ فَرْعُهَا فَلَا بُدَّ مِنْ نِيَّةٍ جَدِيدَةٍ لِأَنَّ كُلَّ جُزْءٍ
[ ص: 203 ] مِنْ أَجْزَاءِ الصَّلَاةِ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ نِيَّةٍ فِعْلِيَّةٍ أَوْ حُكْمِيَّةٍ فَمَتَى عَرَا جُزْءٌ مِنْ أَجْزَاءِ الصَّلَاةِ عَنْهَا بَطَلَتْ الصَّلَاةُ مَا لَمْ تُسْتَدْرَكْ بِالنِّيَّةِ عَنْ قُرْبٍ . ( الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ ) قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16867مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ
nindex.php?page=treesubj&link=23590_32_28287مَنْ بَقِيَتْ رِجْلَاهُ مِنْ وُضُوئِهِ فَخَاضَ بِهِمَا نَهْرًا فَدَلَّكَهُمَا فِيهِ بِيَدَيْهِ وَلَمْ يَنْوِ بِهِمَا تَمَامَ وُضُوئِهِ لَمْ يَجْزِهِ حَتَّى يَنْوِيَهُ
قُلْت وَسَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ النِّيَّةَ الْفِعْلِيَّةَ لَمْ تَتَنَاوَلْ إلَّا الْوُضُوءَ الْعَادِيَّ فَإِنَّ الْإِنْسَانَ أَوَّلَ الْعِبَادَةِ أَوْ الْوُضُوءِ لَا يُقْدِمُ عَلَى تَرْقِيعِ الصَّلَاةِ وَلَا تَرْقِيعِ وُضُوئِهِ بَلْ إنَّمَا يَقْصِدُ الْعِبَادَةَ الَّتِي لَا تَرْقِيعَ فِيهَا فَالْمُرَقَّعَةُ لَمْ يَتَنَاوَلْهَا لَا النِّيَّةُ الْفِعْلِيَّةُ وَلَا الْحُكْمِيَّةُ الَّتِي هِيَ فَرْعُ الْفِعْلِيَّةِ فَلَا تَتَنَاوَلُ الْمُرَقَّعَةَ وَلَا الْمُفَرَّقَةَ فَبَقِيَ جُزْءُ الْعِبَادَةِ بِغَيْرِ نِيَّةٍ مُطْلَقًا فَتَبْطُلُ الْعِبَادَةُ لِعَدَمِ شَرْطِهَا فَلِأَجْلِ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ احْتَاجَ التَّرْقِيعُ أَبَدًا إلَى النِّيَّةِ الْفِعْلِيَّةِ تُجَدَّدُ لَهُ فَمَتَى وَقَعَ بِغَيْرِ نِيَّةٍ تُجَدَّدُ لَهُ بَقِيَ جُزْءُ الْعِبَادَةِ بِغَيْرِ نِيَّةٍ فَتَبْطُلُ الْعِبَادَةُ لِاشْتِرَاطِ النِّيَّةِ فِي كُلِّ أَجْزَائِهَا فِعْلِيَّةٍ أَوْ حُكْمِيَّةٍ . ( الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ )
nindex.php?page=treesubj&link=28279رَفْضُ النِّيَّةِ فِي أَثْنَاءِ الْعِبَادَاتِ فِيهِ قَوْلَانِ هَلْ يُؤَثِّرُ أَمْ لَا فَإِنْ قُلْنَا بِعَدَمِ التَّأْثِيرِ فَلَا كَلَامَ وَإِنْ قُلْنَا يُؤَثِّرُ فَوَجْهُهُ أَنَّ هَذِهِ النِّيَّةَ الَّتِي حَصَلَ بِهَا الرَّفْضُ وَهِيَ الْعَزْمُ عَلَى تَرْكِ الْعِبَادَةِ لَوْ قَارَنَتْ النِّيَّةَ الْفِعْلِيَّةَ الْكَائِنَةَ أَوَّلَ الْعِبَادَةِ لَضَادَدَتْهَا وَنَافَتْهَا فَإِنَّ الْعَزْمَ عَلَى الْفِعْلِ ، وَالْعَزْمُ عَلَى تَرْكِهِ مُتَضَادَّانِ وَمَا ضَادَّ الْفِعْلِيَّةَ ضَادَّ الْحُكْمِيَّةَ الَّتِي هِيَ فَرْعُهَا بِطَرِيقِ الْأَوْلَى فَظَهَرَ بِهَذِهِ الْفُرُوعِ الْفَرْقُ بَيْنَ الْمَعَانِي الْفِعْلِيَّةِ وَالْحُكْمِيَّةِ وَأَنَّ الْحُكْمِيَّاتِ أَبَدًا تَابِعَةٌ فُرُوعَ الْفِعْلِيَّاتِ وَأَنَّ الْفِعْلِيَّاتِ وَالْحُكْمِيَّاتِ إنَّمَا تَتَنَاوَلُ الْعِبَادَاتِ الْعَادِيَّاتِ دُونَ الطَّارِئَاتِ وَأَنَّ التَّلَفِيَّاتِ تَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ جَدِيدَةٍ أَبَدًا لِعَدَمِهَا فِيهَا وَهُوَ الْمَطْلُوبُ . .