الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
ويسجد على جبهته وأنفه واظب على هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وفيه تمام السجود ، فإن سجد على الجبهة دون الأنف جاز عندنا وعند الشافعي لا يجوز ، وإن سجد على الأنف دون الجبهة جاز عند أبي حنيفة رحمه الله ويكره ولم يجز عند أبي يوسف ومحمد - رحمة الله عليهما - وهو رواية أسيد بن عمرو عن أبي حنيفة رحمه الله . أما الشافعي استدل بحديث أبي هريرة رضي الله عنه : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { من لم يمس أنفه الأرض في سجوده كما يمس جبهته ، فلا سجود له } ، والمراد بهذا عندنا نفي الكمال لا نفي الجواز .

واستدل أبو يوسف ومحمد - رحمة الله عليهما - بقول النبي صلى الله عليه وسلم : { السجود على الجبهة فريضة وعلى الأنف تطوع } فإذا ترك ما هو الفرض لا يجزئه ، ثم الأنف تبع للجبهة في السجود كما أن الأذن تبع للرأس في المسح ، ولو اكتفى بمسح الأذن عن مسح الرأس لا يجزئه فهذا مثله وأبو حنيفة احتج بقول ابن عمر رضي الله عنه : فإن زيد بن ركانة كان يصلي وعليه برنس فكان إذا سجد سقط على جبهته فناداه ابن عمر [ ص: 35 ] رضي الله عنهما إذا أمسست أنفك الأرض أجزأك ، ولأن المأمور به السجود على الوجه كما فسر الأعضاء السبعة في الحديث المعروف الوجه واليدان والركبتان والقدمان . ووسط الوجه الأنف فبالسجود عليه يكون ممتثلا للأمر ، وهو أحد أطراف الجبهة ، فإن عظم الجبهة مثلث والسجود على أحد أطرافه كالسجود على الطرف الآخر ، ولأن الأنف مسجد حتى إذا كان بجبهته عذر يلزمه السجود على الأنف وما ليس بمسجد لا يصير مسجدا بالعذر في المسجد كالخد والذقن ، وإذا ثبت أنه مسجد فبالسجود عليه يحصل امتثال الأمر وقال الله - تعالى - : { يخرون للأذقان سجدا } والمراد ما يقرب من الذقن ، والأنف أقرب إلى الذقن من الجبهة ، فهو أولى بأن يكون مسجدا ، والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية