الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
قال : ( إمام أحدث وهو مسافر وخلفه مقيمون ومسافرون [ ص: 179 ] فقدم مقيما صح ذلك ) ; لأن المقيم شريكه في الصلاة ولا يتغير به فرض المسافرين ، بخلاف ما لو نوى الأول الإقامة ; لأنهم لما قصدوا الاقتداء بالأول فقد ألزموا أنفسهم حكم الاقتداء ، وما قصدوا الاقتداء بالثاني إنما لزمهم الاقتداء لضرورة الحاجة إلى إصلاح صلاتهم ، والثابت بالضرورة لا يعدو موضع الضرورة ، وعلى هذا قلنا : لو قدم مسافرا فنوى الثاني الإقامة لا يتغير فرض المسافرين ثم على الثاني أن يتم بهم صلاة المسافرين ; لأنه خليفة الأول فيأتي بما كان على الأول ، فإذا قعد قدر التشهد قدم مسافرا ليسلم بهم ; لأنه عاجز عن التسليم بنفسه لبقاء البناء عليه ، ثم يقوم هو مع المقيمين فيتمون صلاتهم وحدانا ، هكذا { قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين صلى بعرفات : أتموا يا أهل مكة صلاتكم ، فإنا قوم سفر } فإن اقتدوا فيما يقضون فسدت صلاتهم ; لأن الاقتداء في موضع يحق فيه الانفراد كالانفراد في موضع يحق فيه الاقتداء لما بينهما من المخالفة في الحكم ، وإن مضى الإمام الثاني في صلاته حتى أتمها صلاة الإقامة والقوم معه ، فإن قعد في الثانية قدر التشهد فصلاته وصلاة المسافرين تامة ; لأنه في حق نفسه منفرد لا تتعلق صلاته بصلاة غيره ، والمسافرون إنما اشتغلوا بالنفل بعد إكمال الفرض فلا يضرهم ، فأما صلاة المقيمين فاسدة ; لأن عليهم الانفراد في الأخريين ، فإذا اقتدوا به فسدت صلاتهم ، فإن لم يقعد الثاني في الركعتين فسدت صلاته وصلاة القوم كلهم ; لأنه خليفة الأول فيفترض عليه ما على الأول ، والأول لو ترك القعدة الأولى فسدت صلاته وصلاة القوم ، فكذلك الثاني إذا تركها فتفسد به صلاة الإمام الأول أيضا ; لأنه كغيره من المقتدين به .

التالي السابق


الخدمات العلمية