الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
        معلومات الكتاب

        أصحاب الاحتياجات الخاصة (رؤية تنموية)

        الدكتور / محمد مراح

        رؤية تنموية للعمل الإعلامي الخيري

        لذوي الاحتياجات الخاصة

        - أولا: دور القنوات الفضائية في تنمية العمل الخيري لذوي الاحتياجات الخاصة:

        من نتائج الدراسات الإعلامية اليقينية المجمع عليها تأثير التلفزيون الطاغي على المشاهدين؛ وتحتل القنوات الفضائية الصدارة قياسا بالقنوات الأرضية. ولهذا صار يعول عليها كثيرا في إنتاج وبث المواد الإعلامية التي يراد من ورائها تحقيق نتائج إيجابية في القضايا السياسية والاجتماعية والثقافية والفنية وغيرها.

        ويلاحظ ندرة البرامج والمواد الإعلامية في مختلف مجالات الخدمات الموجهة لذوي الاحتياجات الخاصة (المعاقين)، وتحديدا العمل الخيري منها.

        وتفعيلا للأداء التنموي الإعلامي، الفضائي خصوصا، في زيادة وعي المجتمع وأفراده بوجود ذوي الاحتياجات الخاصة واحتياجاتهم وإمكاناتهم، وما هو مأمول من المؤسسات والجمعيات والأفراد المنخرطين في العمل الخيري، يأتي هذا القسم من الكتاب، الذي يعرض لدور القنوات الفضائية العربية في تنمية العمل الخيري لذوي الاحتياجات الخاصة. [ ص: 105 ]

        ويجب التنويه بقلة الدراسات العلمية العربية -تحديدا- في مجال الإعلام والإعاقة والأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، وبخاصة الإعلام والعمل الخيري الموجه لهذه الفئة المعتبرة في مجتمعنا العربي، فذلك من المجـالات التي لم تحتل حتى الآن الحيز المطلوب في قائمة الاهتمامات البحثية العلمية العربية، بل هي من الندرة بمكان، ومن هنا يمكن تقدير الصعوبة التي يواجهها الباحث في هذا النطاق.

        وتتفاقم هذه الصعوبة في غياب البيانات والمعلومات، خاصة الببليوغرافية، حول الأبحاث المنجزة في الجامعات والمراكز البحثية الإعلامية في زمن "مجتمع المعرفة"، مع تقديرنا للجهود الطوعية التي تباشرها وتنجزها مواقع إلكترونية خيرية كجمعية الأطفال الخليجيين للمعاقين، ومركز مداد للدراسات وغيرهما.

        ولعله من المفيد أن نشير في مطلع هذا القسم إلى مجموعة من الملاحظات، التي كنا قد أشرنا إليها في القسم السابق [1] من أهمها:

        - العدد والنسبة العالية لفئة الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة عالميا، فهناك ما يقارب (650) مليون شخص ذي إعاقة في العالم، أو ما يمثل10% من سكان العالم. ويسكن ما يقدر بنسبة 80% منهم في البلدان النامية، ويعيش العديد منهم في مستوى الفقر. وتشير الدلائل في البلدان النامية [ ص: 106 ] والمتقدمة النمو إلى أن الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة غير ممثلين تمثيلا متناسبا بين فقراء العالم، وهم أكثر ميلا إلى أن يكونوا أكثر فقرا من نظرائهم غير (المعوقين). ويقدر أن واحدا من كل خمسة أشخاص من أشد الناس فقرا في العالم- أي أولئك الذين يعيشون بأقل من دولار واحد في اليوم والذين يفتقرون إلى الاحتياجات الأساسية كالغذاء والمياه النظيفة والمأوى والملبس- هو من الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة.

        وبالنظر إلى أن الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة يمثلون هذه النسبة الكبيرة من السكان، وإلى أنهم يعيشون على الأرجح في مستوى الفقر أكثر من أقرانهم غير المعوقين، فإن ضمان إدماجهم في جميع الأنشطة الإنمائية يشكل أمرا أساسيا لتحقيق الأهداف الإنمائية الدولية [2] .

        والمجتمع العربي - رغم غياب الإحصاءات- يأتي في طليعة المجتمعات التي تحوز على نسبة عالية من ذوي الاحتياجات الخاصة، وفي ازدياد مستمر بسبب -مثلا- الحروب الدولية والداخلية الجارية في بعض بلاده، وحوادث السير المروعة.

        ومن أهم الوسائل الفاعلة في المساعدة على تحقيق أهداف إنمائية لهذه الفئة الدور المحوري لوسائل الإعلام الجماهيرية، واندراج الدفع الإعلامي لجهود العمل الخيري ضمنها. [ ص: 107 ]

        - ومن بين وسـائل الإعـلام الجمـاهيرية يحوز التلفزيون أعلى نسبـة في تحصيل المعرفـة البشرية، إذ "تمثل هذه النسبة 88 %، حيث تقوم الصـورة بدور كبـير في الإدراك الحسـي للمعـلومات اللفظـية التي تصاحبها" [3] .

        كما يرجع سر تفوق التلفزيون على وسائل الإعلام الأخرى إلى عوامل ومزايا عديدة، من أهمها:

        - أنه وسيـلة من وسائل الترفيه المنـزلي للفرد والأسرة، خاصة الأطفال وكبار السن وربات البيـوت اللاتي، أو الذين يسبب لهم الخروج من المنـزل للترفيـه أعباء مادية إضافيـة، فالترفيه المنـزلي يقدم بدون مقابل تقريبا دون الحاجة إلى جهـد ووقت إضافي للوصول إلى مواقع الترفيه الخارجية.

        - تحقيقه لدرجة عالية من الاتصال، لدرجة الاتصال المباشر، وذلك من واقع حركة الصورة وتجسيد المواقف.

        - مخاطبة التلفاز لحاستي السمع والبصر، مما يعطي قوة المصداقية للحدث، هذا بالإضافة إلى أنه وسيلة تحقق الاتصال لكل من فقد نعمة البصر أو السمع. [ ص: 108 ]

        - تحقيق النسبة العالية للتأثير باعتباره إحدى الوسائل التي تخاطب الفرد داخل بيته خلال أوقات الفراغ والاسترخاء، وبهذا فإن الفرد غالبا ما يتقبل المعلومات والأفكار التي تعطى له وهو في مثل تلك الحالة أكثر مما هو في ساعات العمل والانشغال.

        - إمكانية الاختيار بين العديد من البرامج التلفزيونية، خاصة إذا علمنا مدى الانتشار الواسع الذي يحققه التلفاز عبر المحطات الفضائية بشكل مباشر عن طريق الأقمار الصناعية.

        وتشير الإحصـاءات إلى أن عدد الهيئات العربية التي تبث قنوات فضائيـة أو تعيـد بث قنوات فضائية على شبكاتـها بلغ حوالي 250 هيئة، منها: 24 هيئـة حكوميــة؛ 226 هيئة خاصة؛ حيث تبث هذه الهيئات على شبكاتها حوالي 520 قناة متعـددة الغايات والأهداف واللغات، منها: حوالي 130 قناة ذات برمجة متنوعة، أو ما يسمى عادة بالقنـوات الجامعـة، وحوالي 390 قناة متخصصة، وذلك ضمن الأصناف التالية: [ ص: 109 ] [4]

        أصناف القنوات
        العدد التقريبي
        القطاع الحكومي
        القطاع الخاص
        جامعـة (ذات برمجـة متنوعــة)
        131
        41
        90
        موسيقى / منوعات
        119
        2
        117
        سينما/ دراما/ مسلسلات
        58
        3
        55
        رياضة
        51
        11
        40
        تجارية / اقتصادية / تسـوق
        25
        1
        24
        أخبار
        26
        3
        23
        أطفال
        21
        1
        20
        ثقافية / تعليمية
        23
        10
        13
        وثائقية
        12
        0
        12
        تفاعلية interactive
        11
        0
        11
        دينية
        13
        3
        10
        سياحية
        4
        1
        3


        ولهذه الأسباب وغيرها أصبح التلفاز مكونا أسـاسا داخل المنازل، وما يقدم فيه مرآة كثيرا ما يعبر عن تطور وتقدم الدول، لذا أصبحت المحطات التلفزيونية تتنافس حول استخدام أحدث الوسائل التكنولوجية في الإخراج التلفزيوني وطرح أهم القضايا التي تعاني منها مجتمعاتها لجذب أكبر نسبة من المشاهدين [ ص: 110 ] [5] .

        - ليس الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة استثناء من جمهور المتلقين لهذه الوسيلة الإعلامية المهمة؛ فقد أظهرت دراسات ميدانية إقبالهم الكبير على مشاهدته، مما يؤكد مقدرته على جذب الجمهور، لمزاياه واهتمام هذه الفئة به [6] .

        وقد كشفت دراسة عملية عن طبيعة العلاقة بين التعرض لوسائل الإعـلام ودرجة الإشبـاع لدى فئة ذوي الاحتيـاجات الخـاصة، فكلما زادت درجة التعرض للتلـفزيون زادت درجـة الإشبـاع، والعكس صحيـح، بينما انتفت العـلاقة بين درجـة التعرض للوسائل الأخرى ومنها الإنترنت [7] .

        وقد تبين من الدراسـة المذكورة، أيضا، أن القنوات الفضائية العربية تأتي على رأس القنوات التلفزيونية، التي يختار ذوو الاحتياجات الخاصة متابعة برامجها [8] .

        فقـد تـم تصنيف القنوات التلفزيونية التي يتابعها أفراد العينة من ذوي الاحتياجات الخاصة إلى ثلاث مجموعات على النحو التالي: [ ص: 111 ]

        القنوات التلفزيونية المحلية، القنوات الفضائية العربية، ثم القنوات التلفزيونية المتخصصة، كما في الجدول الآتي:

        قنوات تلفزيونية محلية
        قنوات فضائية عربية
        قنوات فضائية متخصصة
        التكرار
        النسبة
        التكرار
        النسبة
        التكرار
        النسبة
        المتعرضون للقنوات التلفزيونية
        38
        46.9
        54
        66.7
        27
        33.3


        وعند مقارنة نسبة تعرض أفراد العينة بين المجموعات الثلاث يتبين أن مجموعة القنوات الفضائية العربية جاء في المرتبة الأولى من حيث نسبة التعرض(66.7%)، يليها مجموعة القنوات التلفزيونية المحلية بنسبة (46.9%)، وأخيرا جاءت مجموعة القنوات التلفزيونية المتخصصة بنسبة (33.3%) كما في الجدول.

        - إسهـام الإعلام في توجيه السـلوك الاجتمـاعي إزاء ظـاهرة ما باتجاهات معينة، وتكوين وعي بها [9] ، ولذا يعول عليه في تسويق الفكرة، ويقدر نجاحه بقدرته على الإقناع بالفكرة، إيجابية كانت أم سلبية [10] ، مع اعتبار الجمهور المخاطب بهذا الإعلام يشمل ذوي الاحتياجات الخاصة وغيرهم من الفئات الاجتماعية الأخرى. [ ص: 112 ]

        التالي السابق


        الخدمات العلمية