الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
        معلومات الكتاب

        أصحاب الاحتياجات الخاصة (رؤية تنموية)

        الدكتور / محمد مراح

        مقدمة

        يستأثر موضوع الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة باهتمام عالمي كبير، يتجلى في الحرص على إصدار التشريعات والمواثيق والمؤتمرات الدولية، والقوانين الوطنية، والمواثيق الإقليمية، والتفريع عن المواثيق والعهود الأساسية العالمية لحقوق الإنسان، ما يؤمن لهم حقوقهم، ويبرهن على اهتمام المجتمع الدولي ومؤسساته بالعناية بهم، وإدراك أن لهم حقوقا وحضورا إنسانيا واجتماعيا لا يختلف في شيء عن إخوانهم من الأسوياء.

        وعلى المستوى العلمي يلاحظ ازدهار الدراسات العلمية في مختلف التخصصات العلمية الإنسانية والاجتماعية والطبية وغيرها. فصارت البحوث العلمية في مجال ذوي الاحتياجات الخاصة مغرية بالابتكار والإبداع، والتطلع لتقديم مختلف الخدمات للأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة.

        ويعد المنظور الحضاري للقضية من أفضل النوافذ والمطلات التي نشرف منها للنظر إليها؛ استيعابا لقيمتها وأهميتها من ناحية، ومشاركة في ملامسة قضاياها، وتنبيها إلى مشكلاتها، وما يقرب إلى حلولها من روئ ومقترحات. [ ص: 23 ]

        وفي هذا السياق يندرج هذا العمل على الإجمال والتفصيل الآتيين:

        * رؤية إسلامية للأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة:

        يقوم البحث على فكرة رئيسة هي: أن للإسلام - من خلال السنة النبوية الشريفة- منهجا متميزا ومتكاملا في رعاية ذوي الاحتياجات الخاصة (المعاقين)، يكشف في تميز منقطع النظر جانبا مضيئا من معالم الشريعة الإسلامية وقيمها السمحة العالية، وسبقها في إيلاء حقوق الأشخاص الضعفاء، ومنهم ذوي الاحتياجات الخاصة، العناية المستحقة، تكريما لإنسانيتهم، ومراعاة لضعفهم، وحقهم على المجتمع المسلم.

        يصبو البحث في هذا الإطار إلى تحقيق الأهداف الآتية:

        - تأكيد السبق التشريعي الإسلامي في العناية بهذه الفئة، بالدليل العلمي والحجة القاطعة.

        - الكشف عن القيم الحضارية والاجتماعية في السنة النبوية، المتعلقة بفئة ذوي الاحتياجات الخاصة.

        ونتناول الموضوع عبر المحاور والعناصر الآتية الذكر:

        - تكريم الإسلام للإنسان ورفعة منـزلته، في السنة النبوية.

        - معاملة ذوي الاحتياجات الخاصة في السنة النبوية على المستويات الآتية: [ ص: 24 ]

        أ - على المستوى النفسي.

        ب- على المستوى الاجتماعي: من خلال مفاهيم الدمج الاجتماعي والانسجام الاجتماعي والرعاية الاجتماعية.

        ج- على المستوى المالي (الرعاية المالية).

        - التربية العلاجية لذوي الاحتياجات الخاصة في السنة النبوية: العلاج النفسي، العلاج الاجتماعي، العلاج البيئي.

        - الوقاية من الإعاقة في السنة النبوية: ويتم ذلك بتتبع الأحاديث التي تناولت: القضايا الآتية:

        أ- العوامل الوراثية في الإصابة بالإعاقة.

        ب- الأحاديث التي تنصب حول تحريم الموبقات والكبائر.

        ج- الأخلاق القويمة كالحشمة وغض البصر والنهي عن الاختلاط.

        د- عدم التمييز بين الأبناء في المعاملة.

        هـ- الرضاع الطبيعي.

        و- أحاديث تتناول قواعد النظافة والحفاظ على البيئة. [ ص: 25 ]

        * رؤية إعلامية للأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة:

        وقد قسمناه إلى محورين هما:

        - أولا: دور الإعلام في خدمة قضايا الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، ونظرا لتعدد الجوانب التي ينظر منها لهذا الدور فقد اخترنا أن نعرض للمحورين الآتيين:

        - الإعلام والتوعية.

        - الإعلام وعرض قضايا ذوي الاحتياجات الخاصة.

        ويراهن كثير من المهتمين بقضايا ذوي الاحتياجات الخاصة على دور التوعية، سواء فيما يتعلق بالحد من ذوي الاحتياجات الخاصة، أو توعية المجتمع تجاه ذوي الاحتياجات الخاصة. وتناولنا ضمنه المسائل الآتية:

        1- الإعلام وتغيير النظرة إلى ذوي الاحتياجات الخاصة.

        2- الإعلام والوقاية من الإعاقة.

        3- الإعلام والتأهيل الاجتماعي.

        ثانيا: نحو إعلام متخصص في مجال ذوي الاحتياجات الخاصة، وتدور الفكرة الرئيسة هنا حول التوجه والحاجة إلى قناة متخصصة في مجال ذوي الاحتياجات الخاصة، وسوف نعرض في هذا المبحث للعناصر الآتية: [ ص: 26 ]

        1- الدمج التربوي وإعلام "ذوي الاحتياجات الخاصة" المتخصص.

        2- مبررات ودواعي إنشاء قناة فضائية متخصصة في الإعاقة وذوي الاحتياجات الخاصة وقضاياها.

        3- نحو قناة فضائية متخصصة في مجال ذوي الاحتياجات الخاصة.

        * رؤية تنموية للعمل الإعلامي الخيري للأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة:

        وهنا محاولة لتفعيل الأداء التنموي الإعلامي، الفضائي خصوصا، في زيادة وعي المجتمع وأفراده بوجود ذوي الاحتياجات الخاصة واحتياجاتهم وإمكاناتهم، وما هو مأمول من المؤسسات والجمعيات والأفراد المنخرطين في العمل الخيري، حيث يتم العرض للدور المأمول من القنوات الفضائية العربية في تنمية العمل الخيري لذوي الاحتياجات الخاصة.

        ويتناول البحث هنا، بعد بيان مبرراته، ضمن محور الإعلام الفضائي العربي وتنمية العمل الخيري لذوي الاحتياجات الخاصة، احتياجات هذه الفئة الإعـلامية، من خلال استـعراض وتحليل دراسات ميدانية، ثم المؤيدات الدافعة لهذا الدور؛ كالدافع الديني والاتجاه الإيجابي مجتمعيا نحو تقبل ذوي الاحتياجات الخاصة، والانخراط في التوجه العالمي لخدمة قضايا الإعاقة. [ ص: 27 ]

        وفي محور الجهات البانية والمؤسسة لهذه الاستراتيجية: فإننا نحصرها في جهتين رئيستين هما: المؤسسات والجهات العاملة في مجال الإعاقة وذوي الاحتياجات الخاصة؛ والمؤسسات الإعلامية (ونقصرها في بحثنا على التلفزيون والقنوات الفضائية تحديدا).

        ثم عرضنا لمعالم الاستراتيجية والخطة الإعلامية لتفعيل وتنمية العمل الإعلامي الخيري في مجال ذوي الاحتياجات الخاصة، من خلال أداء القنوات الفضائية دورها الإعلامي الطبيعي، المعالم الآتية:

        - تكوين وتوعية القائم بالاتصال.

        - مجالات ومستويات الاستراتيجية والخطة الإعلامية، ومن أهمها وأبرزها الآتي: التوعية المجتمعية؛ المستوى الاجتماعي؛ المستوى الثقافي.

        والله تعالى من وراء القصد والهادي لأقوم سبيل. [ ص: 28 ]

        التالي السابق


        الخدمات العلمية