الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
من نسب إلى غير أبيه

942 - ونسبوا إلى سوى الآباء إما لأم كبني عفراء      943 - وجدة نحو ابن منية وجد
كابن جريج وجماعات وقد      944 - ينسب كالمقداد بالتبني
فليس للأسود أصلا بابن

( من نسب إلى غير أبيه ) وهو نوع مهم ، وفائدة ضبطه دفع توهم التعدد عند نسبته لأبيه ، أو دفع ظن الاثنين واحدا عن موافقة اسميهما واسم أبي أحدهما اسم الجد الذي نسب إليه الآخر ; كعبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك ، شيخ للزهري ، نسبه ابن وهب عبد الرحمن بن كعب ، وهو كذلك اسم راو آخر هو عم للأول ، لكن لم يرو عنه الزهري شيئا ، وكخالد بن إسماعيل بن الوليد المخزومي ، راو ضعيف جدا ، يروي عن هشام بن عروة ; فإنه قد ينسب إلى جده [ ص: 290 ] فيظن أنه الصحابي الشهير أو غيره ممن قدمنا في المتفق .

( ونسبوا ) أي : أهل الحديث ( إلى سوى الآباء ) وذلك ( إما لأم كـ ) معاذ ومعوذ وعوذ أو عرف بالفاء في الأكثر ، كما قال ابن عبد البر ( بني عفراء ) فعفراء أمهم ، وهي بفتح العين المهملة ، ثم فاء ساكنة بعدها راء وهمزة ، ابنة عبيد بن ثعلبة من بني النجار ، واسم أبيهم الحارث بن رفاعة بن الحارث من بني النجار أيضا ، وثلاثتهم ممن شهد بدرا ، وقتل من عدا أولهم بها ، وتأخر أولهم إلى زمن عثمان أو علي ، بل قيل : إنه جرح أيضا ببدر ، وإنه مات بعد رجوعه منها بالمدينة ، وكبلال ابن حمامة ، فحمامة - وهي بفتح المهملة - أمه ، واسم أبيه رباح ، والحارث ابن برصاء ، فالبرصاء - وهي بفتح الموحدة وآخره صاد مهملة - أمه أو أم أبيه واسم أبيه مالك بن قيس ، وسعد ابن حبتة ، فحبتة - وهي بفتح المهملة وسكون الموحدة بعدها مثناة فوقانية وهاء تأنيث - ابنة مالك ، من بني عمرو بن عوف ، أمه ، واسم أبيه بحير ككبير ، ابن معاوية بن قحافة بن نفيل بن سدوس البجلي حليف الأنصار ، بايع تحت الشجرة ، ومن ذريته القاضي أبو يوسف صاحب أبي حنيفة ، وسهل وسهيل وصفوان بني بيضاء ، فبيضاء أمهم واسمها دعد ، واسم أبيه وهب بن ربيعة بن عمرو بن عامر بن ربيعة بن هلال بن مالك بن الحارث بن فهر القرشي ، وشرحبيل ابن حسنة ، وهي بفتحات أمه ، كما جزم به غير واحد خلافا لابن عبد البر ; فإنه قال : إنها تبنته ، واسم أبيه عبد الله بن المطاع الكندي ، وابن أم مكتوم ، فأم مكتوم هي أمه ، واسمها عاتكة ابنة عبد الله ، واسم أبيه إما زائدة أو قيس بن زائدة ، وأما اسمه هو فقيل : عبد الله أو [ ص: 291 ] عمرو ، أو غيرهما ، وعبد الله ابن بحينة ، وهي - بموحدة ثم مهملة ثم مثناة تحتانية بعدها نون وهاء تأنيث مصغر - أمه ، واسم أبيه مالك بن القشب الأزدي الأسدي ، وربما يقع في بعض الروايات عبد الله بن مالك ابن بحينة ، وحينئذ فيقال : عبد الله بن مالك بالجر منونا ، ويكون ابن بحينة صفة لعبد الله ، لا لمالك ، فيعرب إعرابه ، ويكتب " ابن " بالألف ; لأنه ليس بين علمين ; فإنه صفة ، وكذلك ما أشبهه من عبد الله بن أبي ابن سلول ; لأن سلول أم عبد الله ، ومثله محمد ابن حبيب ، لا ينون حبيب ; لأنه اسم أمه ، فيه التأنيث والعلمية ، وكذلك محمد ابن شرف القيرواني الأديب ; فإن شرف اسم أمه ، وغير ذلك في آخرين من الصحابة فمن بعدهم ، كمحمد ابن الحنفية ، فهي أمه ، واسمها خولة ، وأبوه علي بن أبي طالب ، ومنصور ابن صفية فهي أمه ، وهي ابنة شيبة واسم أبيه عبد الرحمن بن طلحة ، وإسماعيل ابن علية هي أمه وأبوه إبراهيم ، وإبراهيم ابن هراسة ، هي أمه وأبوه سلمة ، وللعلاء مغلطاي في ذلك تصنيف حسن حصلت جله من خطه وعليه فيه مؤاخذات ، ( و ) إما لـ ( جدة ) سواء كانت دنيا أو عليا ، ( نحو ابن منية ) يعلى الصحابي الشهير ، فمنية وهي بضم الميم ثم نون ساكنة بعدها مثناة تحتانية وهاء تأنيث وبالصرف للضرورة ، أم أبيه ، فيما قاله الزبير بن بكار ، ثم ابن ماكولا ، ولكن كونها جدته ليس بالمتفق عليه ، بل لم يصوبه ابن عبد البر وقيل : إنها أمه فيما قاله الطبري والجمهور ورجحه المزي ، ثم إن في نسبها خلفا ، فقيل : ابنة [ ص: 292 ] الحارث بن جابر قاله ابن ماكولا ، وقيل : بدون الحارث . وإنها عمة عتبة بن غزوان ، قاله الطبري ، وقيل : ابنة غزوان . وإنها أخت عتبة ، وهو الذي حكاه الدارقطني عن أصحاب الحديث والتاريخ ورجحه المزي ، واسم أبي يعلى أمية بن أبي عبيدة ، وقول ابن وضاح : إن منية أبوه وهم . حكاه صاحب ( المشارق ) ، وكبشير ابن الخصاصية السدوسي الصحابي الشهير ، فالخصاصية ، وهي بفتح المعجمة وتخفيف المهملة ; إما أمه فيما حكاه ابن الجوزي في ( التلقيح ) ، ومن قبله ابن عبد البر ، أو أم الثالث من أجداده فيما قاله ابن الصلاح ، أو أم جد أعلى له فيما قاله غيره ، واسمها كبشة أو ماوية ابنة عمرو بن الحارث بن الغطريف ، واسم أبي بشير معبد أو نذير أو يزيد أو مرثد أو شراحيل على الأقوال ; وكابن سكينة المسند الشهير في المتأخرين ، فسكينة وهي بمهملة ثم كاف مصغر أم أبيه ، وهو عبد الوهاب بن علي بن علي ، وابن تيمية مجد الدين صاحب ( المنتقى ) فهي جدته ، ويقال : إنها من وادي التيم في آخرين .

( و ) إما لـ ( جد ) ومنه قوله : صلى الله عليه وسلم : ( أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب ) . وقول الأعرابي : أيكم ابن عبد المطلب ، وأمثلته كثيرة كأبي عبيدة ابن الجراح ، فهو عامر بن عبد الله بن الجراح ، وحمل ابن النابغة ، فهو ابن مالك بن النابغة ، ومجمع ابن جارية فهو ابن يزيد بن جارية ، وأحمر ابن جزء ، فهو ابن سواء بن جزء ، [ ص: 293 ] وكلهم صحابة .

( وكابن جريج ) بجيمين بينهما راء ، مصغر ، فهو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج ، ( وجماعات ) منهم ابن الماجشون ، وابن أبي ذئب وابن أبي ليلى وابن أبي مليكة ، وأحمد بن حنبل وأبو بكر ، وعثمان والقاسم بنو أبي شيبة ، وابن يونس صاحب ( تاريخ مصر ) وابن مسكين ( من بيوت المصريين اشتهروا ببني مسكين من زمن النسائي وإلى وقتنا ، وجدهم الحارث بن مسكين أحد شيوخ النسائي .

( وقد ينسب كالمقداد ) ابن الأسود الصحابي إلى رجل ( بالتبني فليس ) المقداد ( للأسود ) وهو ابن عبد يغوث الزهري ، ( أصلا بابن ) إنما كان في حجره فنسب إليه ، واسم أبيه عمرو بن ثعلبة الكندي ، وكشرحبيل ابن حسنة على القول المرجوح ، كما ذكر قريبا في أن حسنة ليست أمه ، وإنما تبنته ، وكالحسن ابن دينار أحد الضعفاء ، فدينار إنما هو زوج أمه ، واسم أبيه واصل ، قاله ابن معين والفلاس والجوزجاني وابن حبان وغيرهم ، قال ابن الصلاح : وكأنه خفي على ابن أبي حاتم ; فإنه قال فيه : الحسن بن دينار بن واصل ، فجعل واصلا جده . انتهى . وجعل يحيى بن سلام المصنف الشهير صاحب التفسير دينارا جده حيث قال : الحسن بن واصل بن دينار ، وكالحافظ أبي بكر محمد بن عبد الغني بن أبي بكر ابن [ ص: 294 ] نقطة ، فنقطة وهي بضم النون ثم قاف بعدها طاء مهملة وهاء تأنيث ، امرأة ربت جده ، وفي المتأخرين ابن الملقن لم يكن أبوه ملقنا ، وإنما نسب لزوج أمه الذي كان يلقن القرآن بجامع عمرو بمصر ; لكونه رباه وهو صغير ، وبلغني أن الشيخ كان يغضب منها .

التالي السابق


الخدمات العلمية