الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 7736 ) فصل : قال أصحابنا : وإذا تعلق صيد في شرك إنسان أو شبكته ; ملكه ; لأنه أثبته بآلته ، فإن أخذه أحد ، لزمه رده عليه ; لأن آلته أثبتته ، فأشبه ما لو أثبته بسهمه . فإن لم تمسكه الشبكة ، بل انفلت منها في الحال ، أو بعد حين ، لم يملكه ; لأنه لم يثبته . وإن أخذ الشبكة وانفلت بها ، فصاده إنسان ، ملكه ، ويرد الشبكة على صاحبها ; لأنه لم يثبته . وإن كان يمشي بالشبكة على وجه لا يقدر على الامتناع ، فهو لصاحبها ; لأنها أزالت امتناعه .

                                                                                                                                            وإذا أمسكه الصائد ، وثبتت يده عليه ، ثم انفلت منه ، لم يزل ملكه عنه ; لأنه امتنع منه بعد ثبوت ملكه ، فلم يزل ملكه عنه ، كما لو شردت فرسه ، أو ند بعيره .

                                                                                                                                            فإن اصطاد صيدا ، فوجد عليه علامة ، مثل أن يجد في عنقه قلادة ، أو في أذنه قرطا ، لم يملكه ; لأن الذي اصطاده ملكه ، فلا يزول ملكه بالانفلات . وكذلك إن وجد طائرا مقصوص الجناح .

                                                                                                                                            فإن قيل : يحتمل أن الذي أمسكه أولا محرم لم يملكه ، أو أنه أرسله على سبيل التخلية وإزالة الملك عنه ، كإلقاء الشيء التافه . قلنا : أما الأول فنادر ، وهو مخالف للظاهر ; لأن ظاهر حال المحرم أنه لا يصيد ما حرم الله عليه ، وأما الثاني فخلاف الأصل ، فإن الأصل بقاء ملكه عليه ، وما ذكروه محتمل ، فلا يزول الملك بالشك .

                                                                                                                                            وإن علم أن مالكه أرسله اختيارا ، فقال أصحابنا : لا يزول الملك عنه بالإرسال والإعتاق ، كما لو أرسل البعير والبقرة . ويحتمل أن يزول الملك ; لأن الأصل الإباحة ، فالإرسال يرده إلى أصله ، ويفارق بهيمة الأنعام من وجهين ; أحدهما ، أن الأصل هاهنا الإباحة ، وبهيمة الأنعام بخلافه . [ ص: 309 ] الثاني ، أن الإرسال هاهنا يفيد ، وهو رد الصيد إلى الخلاص من أيدي الآدميين وحبسهم ، ولهذا روي عن أبي الدرداء ، أنه اشترى عصفورا من صبي فأرسله .

                                                                                                                                            ويجب إرسال الصيد على المحرم إذا أحرم ، أو دخل الحرم وهو في يده ، بخلاف بهيمة الأنعام ، فإن إرساله تضييع له ، وربما هلك إذا لم يكن له من يقوم به .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية