الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( وإن اختلفا في قيمة ) رهن ( تالف ) عند المرتهن لتشهد على الدين أو ليغرمها المرتهن حيث توجه الغرم عليه ( تواصفاه ، ثم ) إن اتفقا على الصفة ( قوم ) من أهل الخبرة وقضي بقولهم وكفى الواحد على ما رجح هنا ( فإن اختلفا ) في صفته ( فالقول للمرتهن ) بيمينه ولو ادعى شيئا يسيرا ; لأنه غارم وقيل إلا أن يتبين كذبه لقلة ما ذكره جدا ( فإن تجاهلا ) بأن قال كل لا علم لي ( فالرهن بما فيه ) ولا يرجع أحدهما على صاحبه بشيء ( واعتبرت قيمته يوم الحكم ) بها ( إن بقي ) لا يوم الارتهان ; لأنها شاهدة والشاهد إنما تعتبر شهادته يوم الحكم ( وهل ) تعتبر ( يوم التلف أو القبض أو الرهن ) لأن الناس إنما يرهنون ما يساوي ديونهم غالبا ( إن تلف ) مقابل إن بقي ( أقوال ) ثلاثة لابن القاسم وهي من تعلقات قوله وهو كالشاهد في قدر الدين [ ص: 261 ] ( وإن اختلفا ) بعد القضاء أو عنده ( في مقبوض ) بيد صاحب دينين ثابتين أحدهما برهن والآخر بلا رهن ( فقال الراهن عن دين الرهن ) ليأخذه ، وقال المرتهن عن الآخر ( وزع ) ذلك المقبوض عليهما بقدرهما ( بعد حلفهما ) ونكولهما كحلفهما ويقضى للحالف على الناكل ، وسواء حل الدينان أو أحدهما أو لا ( كالحمالة ) تشبيه في التوزيع بعد حلفهما وهو يحتمل صورتين : الأولى مدين بمائتين إحداهما عليه أصالة والثانية بحمالة ، الثانية عليه مائتان أصالة ضمنه في إحداهما شخص ففي الصورة الأولى ادعى القابض أن المقبوض مائة الحمالة ، وقال الدافع بل الأصالة وفي الثانية ادعى أن المقبوضة هي التي بغير الحمالة ، وقال الدافع بل هي التي بالحمالة وزع المقبوض عليهما بعد حلفهما كل على نفي دعوى صاحبه وتحقيق دعواه .

التالي السابق


( قوله وكفى الواحد ) أي في التقويم ; لأن التقويم من باب الإخبار ; لأنه إعلام بالقيمة لا من باب الشهادة على ما رجح خلافا لما في خش من أنه لا بد من اثنين ; لأنه من باب الشهادة ( قوله وقيل إلخ ) هذا قول أشهب وهو ضعيف ( قوله فإن تجاهلا إلخ ) يعني أن الرهن إذا هلك أو ضاع عند المرتهن وجهل الراهن والمرتهن صفته وقيمته بأن قال كل منهما لا أعلم قيمته الآن ولا صفته فإنه لا شيء لواحد منهما قبل الآخر ; لأن كلا لا يدري هل يفضل له شيء عند صاحبه أم لا ؟ وانظر هل لا بد من أيمانهما كتجاهل المتبايعين الثمن أو لا ؟ قال الشيخ سالم السنهوري لم أر فيه نصا والظاهر أنه مثله كما قاله شيخنا ومفهوم قوله ، فإن تجاهلا أنه لو جهله أحدهما وعلمه الآخر حلف العالم على ما ادعى ، فإن نكل فالرهن بما فيه ( قوله فالرهن بما فيه ) أي فالرهن يكون في مقابلة الدين الذي رهن فيه .

( قوله واعتبرت قيمته ) الكلام هنا في اعتبار القيمة لتكون شاهدة في قدر الدين لا لتضمن بدليل قوله إن بقي ; لأنه إذا كان الرهن باقيا لا تضمن قيمته ، واعتبار القيمة لتضمن قبل يوم قبض الرهن ، وقيل يوم التلف ، وقيل إن لم ير عنده من حين أخذه فالضمان من يوم القبض وإن رئي عنده بعده فمن يوم التلف كما تقدم ذلك ، وقوله يوم الحكم أي بقدر الدين خلافا لقول الشارح يوم الحكم بها وذلك لأن قدر الدين هو الذي يحكم به لا القيمة ، وحاصل المسألة أن الرهن إذا كان موجودا واختلف الراهن والمرتهن في قدر الدين فإن القيمة تعتبر يوم الحكم لتكون شاهدة لأيهما لا يوم الارتهان ( قوله وهل يوم التلف إلخ ) يعني أنالرهن إذا تلف واختلف في قدر الدين فهل تعتبر قيمته لتكون شاهدة يوم التلف ; لأن قيمة الرهن إنما تعتبر يوم الضياع ; لأن عينه كانت شاهدة إلى وقت الضياع وحينئذ فتكون قيمته شاهدة وقت الضياع أو تعتبر يوم قبض المرتهن للرهن ; لأن القيمة كالشاهد يضع خطه ويموت فيرجع لخطه فيقضى بشهادته يوم وضعها أو تعتبر قيمته يوم الارتهان أي يوم عقد الرهن ؟ أقوال ثلاثة والمعتمد منها الأخير ( قوله أو الرهن ) أي الارتهان أي يوم عقد الرهن ولا شك أن يوم القبض قد يتأخر عن يوم الارتهان ( قوله إن تلف ) اعترض بأنه لا حاجة له بعد قوله يوم التلف ، وأجيب بأن قوله إن تلف مدخول [ ص: 261 ] هل ، وهو موضوع المسألة ، وقوله يوم التلف مرتبط بمحذوف ، وأصل الكلام وهل إن تلف تعتبر قيمته يوم التلف إلخ وحينئذ فلا زيادة في الكلام أصلا .

( قوله وإن اختلفا في مقبوض إلخ ) حاصله أنه إذا كان لزيد عشرون دينارا على عمرو فرهنه عمرو على عشرة منها رهنا ، ثم قضاه منها عشرة ، ثم إنهما بعد القضاء بمدة أو حين القضاء قال الراهن العشرة التي دفعتها لك قد بينت لك وقت دفعها أنها قضاء لدين الرهن وقال المرتهن بل بينت أنها قضاء لدين غير الرهن فالحكم أنهما يتحالفان وتقضى العشرة المقبوضة على العشرين فتصير العشرة الباقية نصفها للرهن ونصفها الآخر بلا رهن وظاهره سواء حل الدينان أو حل أحدهما أو لم يحلا اتحد أجلهما أو اختلف تقارب أو تباعد قال عبق وخش وهو كذلك على المذهب وتفصيل اللخمي ضعيف وحاصله أن محل توزيع المقبوض على الدينين إن كانا حالين أو مؤجلين واتفق أجلهما أو تقاربا ، وأما إن كانا مؤجلين وأجلهما متباعد فالقول قول مدعي الأجل القريب وكذا إذا حل أحدهما فالقول لمدعيه ا هـ ، وقد علمت مما قلناه أن موضوع المسألة أن الراهن قد حصل منه بيان عند الدفع وأن الراهن والمرتهن إنما اختلفا في الذي بينه عند القضاء هل دين الرهن أو دين غيره كما في بن نقلا عن ابن يونس وأبي الحسن فقول المصنف فقال الراهن عن دين الرهن أي ادعى أنه بين له ذلك ، وأما مجرد النية فإنه يوزع المقبوض على قدر الدينين من غير حلف كما في بن ونصه ابن عرفة وابن رشد ولو اختلفا عند القضاء أي الحقين يبدأ به لجرى على هذا الاختلاف إلا أنه لا يمين في شيء من ذلك ا هـ فلو ادعى أحدهما بيان المدفوع عنه وادعى الآخر إبهامه فنقل محمد عن أشهب وعبد الملك أن القول لمدعي الإبهام ; لأنه الأصل وقال ابن يونس على قول ابن القاسم لمدعي البيان ثلاثة أرباع الحق ; لأن المدفوع يقسم بين البيان والإبهام والنصف الثاني فيه التنازع فيتشطر وذكر بن بعد ذلك أن قول عبق وتفصيل اللخمي ضعيف فيه نظر فإن ظاهر كلام ابن عرفة والتوضيح يقتضي أن تفصيل اللخمي هو المذهب ( قوله بقدرهما ) أي لا على الجهة ( قوله بعد حلفهما ) أي بعد حلف كل واحد على تحقيق دعواه ونفي دعوى خصمه ( قوله أو لا ) أي أو لم يحل واحد منهما بأن كانا مؤجلين اتفقا أجلا أو اختلفا كان الأجلان متقاربين أو متباعدين ( قوله والثانية بحمالة ) أي تحمل بها عن غيره أي ضمنها ( قوله ادعى القابض أن المقبوض إلخ ) الأولى أن يقول ادعى القابض أنه بين له عند الدفع أن هذا المقبوض مائة الحمالة وقال الدافع بل بينت لك أنها مائة الأصالة وكذا يقال في الصورة الثانية فموضوع المسألتين أنهما اتفقا في حصول البيان ولكن اختلفا في تعلقه بمائة الأصالة أو الحمالة ; لأن هذا هو محل حلفهما ، وأما لو اختلفا في أي المائتين يبدأ بها فإن المقبوض يوزع عليهما من غير حلف كذا قرره شيخنا العدوي رحمه الله تعالى .




الخدمات العلمية