القسم الثاني : ما يعد شيئين فصاعدا وهو ضربان عقار وغيره ، أما العقار ، فإذا بأن يجعل لهذا دار ولهذا دار ، أو حانوت وحانوت ، لم يجبر الممتنع ، سواء تجاور الحانوتان والداران ، أم تباعدا ، لشدة اختلاف الأغراض باختلاف المحال والأبنية . اشتركا في دارين أو حانوتين متساويتي القيمة وطلب أحدهما القسمة
ولو ، ويقال لها : العضايد ، فطلب أحدهما أن يقسم أعيانا ، فهل يجبر الممتنع ؟ وجهان : أحدهما كالمتفرقة وكالدور ، وأصحهما : نعم للحاجة ، وكالخان المشتمل على بيوت ومساكن ، هكذا صور هذه المسألة الجمهور ، وهو الصواب ، وصورها صاحب " المهذب " فيما إذا احتملت كل واحدة منهما القسمة وحكى وجهين فيما إذا طلب أحدهما قسمتها أعيانا والآخر قسمة كل واحد منها . اشتركا في دكاكين صغار متلاصقة لا تحتمل آحادها القسمة
وأما الأقرحة ، فإن كانت [ ص: 212 ] متفرقة ، فهي كالدور . وإن كانت متجاورة ، ففي " الشامل " أن أبا إسحاق جعلها كالقراح الواحد المختلف الأجزاء ، وأن غيره قال : إنما يكون كالقراح الواحد إذا اتحد الشرب والطريق ، فإن تعدد ، فهو كما لو تفرقت ، قال : وهذا أشبه بكلام - رحمه الله - . الشافعي
الضرب الثاني غير العقار إذا اشتركا في عبيد أو دواب ، أو أشجار ، أو ثياب ونحوها ، فلها حالان أحدهما : أن يكون من نوع واحد ، ويمكن التسوية بين الشريكين عددا وقيمة ، كعبدين متساويي القيمة بين شريكين ، وكثلاث دواب ، أو أثواب متساوية القيمة بين ثلاثة ، فالمذهب أنه يجبر على قسمتها أعيانا ، لقلة اختلاف الأغراض فيها بخلاف الدور ، وقال ، أبو علي بن خيران : هي كالدور ، وقيل : يخير في العبيد وفي غيرها الخلاف . وابن أبي هريرة
وإن لم تمكن التسوية في العدد كثلاثة أعبد لرجلين بالسوية إلا أن أحدهم يساوي الآخرين في القيمة ، فإن قلنا بالإجبار عند استواء القيمة ، فهنا قولان ، وهما كالقولين في الأرض المختلفة الأجزاء ، وإن كانت الشركة لا ترفع إلا عن بعض الأعيان ، كعبدين بين اثنين قيمة أحدهما مائة ، وقيمة الآخر مائتان ، فطلب أحدهما القسمة ليختص من خرجت ( له ) قرعة الخسيس بالخسيس ، ويكون له مع ذلك ربع النفيس ، فإن قلنا : لا إجبار في الصورة السابقة ، فهنا أولى ، وإلا فوجهان ، أو قولان ، الأصح لا إجبار ؛ لأن الشركة لا ترتفع بالكلية .
الحال الثاني : أن يكون الأعيان أجناسا ، كعبد وثوب ، وحنطة وشعير ، ودابة ونحوها ، أو أنواعا كعبدين تركي وهندي ، وثوبين [ ص: 213 ] إبريسم وكتان ، فطلب أحدهما أن يقسم أجناسا وأنواعا لا يجبر الآخر وإنما يقسم كذلك بالتراضي . ولو اختلطت الأنواع وتعذر التمييز كتمر جيد ورديء ، فلا قسمة إلا بالتراضي هذا ما قطع به الجمهور ، وطرد السرخسي الخلاف في الإجبار عند اختلاف النوع ، وزاد الإمام فأجرياه عند اختلاف الجنس ، وليس بشيء ، والمذهب الأول . والغزالي
فرع
إذا كان بينهما عرصة وثلثها بالمساحة نصف بالقيمة ، لقربه من الماء فهي قسمة تعديل ، وفيها الخلاف . وقال : يجبر عليها قطعا ولا يبالي بهذا التفاوت ، والمذهب الأول ، وهو المعروف عن الأصحاب . الغزالي
فرع
، فيجبر قطعا ، وإن اختلفت قوالبها ، فقسمة تعديل ، وفيها الخلاف . اللبنات إن تساوت قوالبها ، فقسمتها قسمة المتشابهات
فرع
دار بين اثنين ، لها علو وسفل طلب أحدهما قسمتها علوا وسفلا ، أجبر الآخر عند الإمكان ، وإن طلب أحدهما أن يجعل العلو لواحد ، والسفل لآخر لا يجبر ، هكذا أطلقه الأصحاب . ويجوز أن يقال : إن لم يمكن القسمة سفلا وعلوا ، جعل السفل لأحدهما والعلو للآخر من جملة قسمة التعديل ، ولو طلب أحدهما أن يقسم السفل ، ويترك [ ص: 214 ] العلو مشاعا ، لم يجبر الآخر ، لأنهما قد يقتسمان العلو بعده ، فيقع ما فوق هذا لذاك .
النوع الثالث : قسمة الرد ، وصورتها أن يكون في أحد جانبي الأرض بئر أو شجر ، أو في الدار بيت لا يمكن قسمته ، فيضبط قيمة ما اختص ذلك الجانب به ، ويقسم الأرض والدار على أن يرد من يأخذ ذلك الجانب بتلك القيمة ، وهذه لا إجبار عليها قطعا وكذا لو كان بينهما عبدان قيمة أحدهما مائة ، والآخر خمسمائة ، واقتسما على أن يرد آخذ النفيس مائتين ليستويا وقيل في الإجبار قول مخرج حكاه السرخسي وهو غلط . ولو تراضيا بقسم الرد ، جاز أن يتفقا على أن يأخذ أحدهما النفيس ويرد ، ويجوز أن يحكما القرعة ليرد من خرج له النفيس .