فصل
إذا ، فإن قلنا : القسمة إفراز ، فهي صحيحة ، ثم تباع الأنصباء في الدين إن لم يوفوه ، وإن قلنا : بيع ، فقد سبق في كتاب الرهن وجهان في صحة بيع الوارث التركة قبل قضاء الدين ، وأنه لو تصرف ولا دين في الظاهر ، ثم ظهر . فالأصح صحة التصرف ففي القسمة هذان الوجهان ، فإن صححنا البيع ، فالقسمة الجارية صحيحة ، فإن وفوا الدين ، استمرت صحتها ، وإلا [ ص: 210 ] نقضت وبيعت التركة في الدين ، وإن لم نصححه ، فالقسمة باطلة ، ولو جرت قسمة ، ثم استحق بعض المقسوم ، نظر إن استحق جزء شائع كالثلث ، فبطلت القسمة في المستحق وفي الباقي طريقان ، أصحهما قولان : أحدهما : . يبطل فيه ، والثاني : يصح ، ويثبت الخيار ، وبهذا الطريق قال الأكثرون . قسمت التركة بين الورثة ، ثم ظهر دين
وقال أبو إسحاق : يبطل فيه قولا واحدا ؛ لأن مقصود القسمة تمييز الحقوق ، وبالاستحقاق يصير المستحق شريك كل واحد ؛ لأن المستحق كان شريكا ، وانفراد بعض الشركاء بالقسمة ممتنع ، وإن استحق شيء معين ، نظر إن اختص المستحق بنصيب أحدهما ، أو كان المستحق من نصيب أحدهما أكثر ، بطلت القسمة ، وإن كان المستحقان من نصيبهما ، سواء بقيت القسمة في الباقي على الصحيح ، وقيل : تبطل بمعنى التفريق . ولو ظهرت وصية بعد قسمة التركة ، فإن كانت مرسلة ، فهو كظهور دين على التركة ، وإن كانت بجزء شائع أو معين ، فعلى ما ذكرناه في الاستحقاق ، ثم ظهور الدين والاستحقاق ، ودعوى الغلط لا تختص بقسمة المتشابهات ، بل تعم أنواع القسمة .
النوع الثاني : قسمة التعديل والمشترك الذي تعدل سهامه بالقيمة ينقسم إلى ما يعد شيئا واحدا ، وإلى ما يعد شيئين فصاعدا ، أما الأول ، فكالأرض تختلف أجزاؤها لاختلافها في قوة الإنبات والقرب من الماء ، وفي أن بعضها يسقى بالنهر ، وبعضها بالناضح فيكون ثلثها لجودتها كثلثيها بالقيمة مثلا ، فيجعل هذا سهما ، وهذا سهما إن كانت بينهما نصفين .
وإذا اختلفت الأنصباء ، كنصف وثلث وسدس ، جعل ستة أسهم بالقيمة دون المساحة ، وإذا طلب أحدهما هذه القسمة ، فهل يجبر الممتنع ؟ قولان أظهرهما عند العراقيين وغيرهم : نعم ، إلحاقا للتساوي في القيمة ، بالتساوي في الأجزاء ( على هذا ) وجهان ، أصحهما : الثاني ؛ لأن العمل في الكثير أكثر ، وكما يجري القولان فيما إذا اختلفت الصفات تجري فيما إذا كان الاختلاف لاختلاف الجنس ، كالبستان الواحد بعضه نخل ، وبعضه عنب ، والدار المبني بعضها بالآجر ، وبعضها بالخشب والطين ، ويشبه أن يكون الخلاف مخصوصا بما إذا لم يمكن قسمة الجيد وحده ، وقسمة الرديء وحده ، فإن أمكن لم يجبر كما لو كانا شريكين في أرضين تمكن قسمة كل واحدة بالأجزاء ، لا يجري الإجبار على التعديل . هل [ ص: 211 ] توزع أجرة القاسم بحسب الشركة في الأصل أم بحسب المأخوذ منها ؟