الثالثة : ، أو مع رأس الهلال ، أو عند الاستهلال ، أو مع رأس الشهر ، فهذه الألفاظ تقع على أول جزء من الليلة الأولى من الشهر ، ولفظتا " عند " و " مع " تقتضيان المقارنة . فإن قضاه قبل ذلك أو بعده ، حنث ، فينبغي أن [ ص: 71 ] يعد المال ويترصد ذلك الوقت فيقضيه فيه ، وحكى الإمام قال : لأقضين حقك عند رأس الهلال وجها أن له فسخه في الليلة الأولى ويومها ، لأن اسم رأس الهلال والشهر يقع عليهما والصحيح الأول . وإذا أخذ في الكيل أو الوزن عند رؤية الهلال ، وتأخر الفراغ لكثرة المال ، لم يحنث ، وبمثله أجيب فيما لو ابتدأ حينئذ بأسباب القضاء ومقدماته ، كحمل الميزان . ولو أخر القضاء عن الليلة الأولى للشك في الهلال ، فبان كونها من الشهر ، ففي الحنث قولا حنث الناسي والجاهل . ولو قال : لأقضين حقك أول الشهر ، فهو كقوله : عند رأس الشهر . ولو قال : أول اليوم ، فينبغي أن يشتغل بالقضاء عند طلوع الفجر . ولو قال : لأقضين حقك إلى رأس الشهر ، أو إلى رمضان ، فالأصح أنه يشترط تقديم القضاء على رأس الشهر ، وعلى رمضان . وقيل : هو كقوله عند رأس الشهر . والغزالي
فرع
لو ، لم يختص ذلك بزمان مقدر ، بل يقع على القليل والكثير ، كما سبق في كتاب الطلاق ، فيكون كقوله : لأقضين حقك ، فمتى قضاه ، بر ، وإنما يحنث إذا مات قبل القضاء مع التمكن . ولو قال : إلى زمان أو دهر أو حقب ، أو أحقاب ، فكذلك ، وجميع العمر مهلة له . ولو قال : لا أكلمك حينا أو دهرا أو زمانا أو حقبا ، بر بأدنى زمان ، ولو قال : أنت طالق بعد حين ، طلقت إذا مضى لحظة . والفرق أن قوله : طالق بعد حين تعليق ، فيتعلق بأول ما يسمى حينا . وقوله : لأقضين حقك ، وعد ، والوعد لا يختص بأول ما يقع عليه الاسم ولو قال : لأقضين حقك إلى مدة قريبة أو بعيدة ، لم يتقدر أيضا ، وهو كالحين . فلو قال : إلى أيام ، فوجهان . قال القاضي قال : لأقضين حقك إلى حين أبو الطيب والصيدلاني والبغوي وغيرهم : يحمل على ثلاثة أيام إذا لم يكن نية . [ ص: 72 ] وقال آخرون ، منهم المحاملي : هو كالحين ، لأنه يقع على القليل والكثير . يقال : أيام العدل ، وأيام الفتنة ، فلا يتقدر .
قلت : الأول أصح ، لأنه المفهوم عند الإطلاق . وأما أيام الفتنة ونحوه ، فتخرج بالقرينة . - والله أعلم - .