الشرط السادس : ، فلا قطع في سرقة ما ليس بمحرز ، ويختلف الحرز باختلاف الأحوال والأموال ، والتعويل في صيانة المال وإحرازه على شيئين ، أحدهما : الملاحظة والمراقبة ، والثاني : حصانة الموضع ووثاقته ، فإن لم يكن للموضع حصانة ، كالموضوع في صحراء ، أو مسجد ، أو شارع ، اشترط مداومة اللحاظ ، وإن كان له حصانة ، وانضم إليها اللحاظ المعتاد ، كفى ، ولم تشترط مداومته ، ويحكم في ذلك العرف ، وتفضيله بمسائل : [ ص: 122 ] إحداها : الإصطبل حرز الدواب مع نفاستها وكثرة قيمتها ، وليس حرزا للثياب والنقود ، والصفة في الدار وعرصتها حرزان للأواني وثياب البذلة دون الحلي والنقود ; لأن العادة فيها الإحراز في المخازن ، وكذا الثياب النفيسة تحرز في الدور ، وفي بيوت الحانات وفي الأسواق المنيعة ، والمتبن حرز للتبن دون الأواني والفرش . كونه محرزا
واعلم أن ما كان حرزا لنوع كان حرزا لما دونه ، وإن لم يكن حرزا لما فوقه .
الثانية : إذا ، أو العيبة ، أو أخذ المنديل من رأسه ، أو المداس من رجله ، أو الخاتم من أصبعه ، وجب القطع ; لأنه محرز به ، ولو زال رأسه عما توسده ، أو انقلب في النوم عن الثوب وخلاه ، فلا قطع بسرقته ، ولو نام في صحراء ، أو مسجد ، أو شارع على ثوبه ، أو توسد عيبته أو متاعه ، أو اتكأ عليه ، فسرق الثوب من تحته ، فلا قطع ، ولو وضع متاعه أو ثوبه بقربه في الصحراء أو المسجد ، فإن نام أو ولاه ظهره ، أو ذهل عنه بشاغل ، لم يكن محرزا ، وإن كان متيقظا يلاحظه فتغفله السارق ، وأخذ المال ، قطع على الصحيح ، وهل يشترط أن لا يكون في الموضع زحمة الطارقين ؟ وجهان ، أحدهما : لا ، وتكفي الملاحظة ، لكن لا بد بسبب الزحمة من مزيد مراقبة وتحفظ ، وأصحهما : نعم ، وتخرجه الزحمة عن كونه محرزا ، وأجري الوجهان في الخباز والبزاز وغيرهما إذا كثرت الزحمة على حانوته . رفع السارق النائم عن الثوب أولا ، ثم أخذه
قال الإمام : ولو وضع المتاع في شارع ، ولاحظه جمع ، صار عدد اللاحظين في معارضة عدد الطارقين ، كلاحظ في الصحراء في معارضة طارق ، ويشترط كون الملاحظ بحيث يقدر على المنع لو اطلع على سارق إما بنفسه ، وإما بالاستغاثة ، فإن كان ضعيفا لا يبالي به السارق ، [ ص: 123 ] والموضع بعيد عن الغوث ، فليس بحرز ، بل الشخص شائع مع ماله ، وينبغي أن لا يفرق بين كون الصحراء مواتا أو غيره .
واعلم أن الركن الأول في كونه محرزا الملاحظة ، فلا تكفي حصانة الموضع على أصل الملاحظة ، حتى إن الدار المتفردة في طرف البلد لا تكون حرزا وإن تناهت في الحصانة ، وكذا القلعة المحكمة ; لأنه إذا لم يكن الموضع على أصل الملاحظة ، حتى إن الدار المنفردة في طرف البلد لا تكون خطرا ، لكن لا يحتاج مع الحصانة إلى دوام الملاحظة بخلاف ما ذكرنا في الصحراء .
فرع
لو ، أو طر جيبه ، أو كمه ، وأخذ المال ، قطع ; لأنه محرز به ، وسواء ربطه من داخل الكم ، أم من خارجه أم لم يربطه ؟ وإن أخذه من رأس منديل على رأس ، قال أدخل يده في جيب إنسان أو كمه ، وأخذ المال البغوي : إن كان قد شده عليه ، قطع ، وإلا فلا .