الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي ، رضي الله عنه : " وإن كان لا يحسن أم القرآن فيحمد الله ويكبره مكان أم القرآن لا يجزئه غيره وإن كان يحسن غير أم القرآن قرأ بقدرها سبع آيات لا يجزئه دون ذلك " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وهذا صحيح ، مضى الكلام في وجوب قراءة الفاتحة إذا كان يحسنها ، فإن كان لا يحسنها قرأ غيرها من القرآن ، وعليه أن يتعلم الفاتحة ، فإذا أراد أن يقرأ في صلاته بدلا من الفاتحة قبل أن يتعلمها قرأ سبع آيات من القرآن ، وفيها وجهان :

                                                                                                                                            أحدهما : سبع آيات مثل آيات الفاتحة ، وأعداد حروفها ليكون البدل مساويا لمبدله ، ولأن الفاتحة تشتمل على أعداد الآية وأعداد الحروف ، فلما لم يجز النقصان من عدد الآي لم يجز النقصان من عدد الحروف .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : أن الاعتبار بعدد الآي دون الحروف ، فإذا قرأ سبع آيات طوالا كن أو قصارا أجزأته ، لأنه لو قرأ آية عدد حروفها كعدد حروف الفاتحة لم يجز فعلم أن عدد الآي معتبر دون عدد الأحرف ، والأول أصح ، لأن الاعتداد بهما جميعا .

                                                                                                                                            [ ص: 234 ] قال الشافعي : " واستحب أن يقرأ ثماني آيات لتكون الآية الثامنة بدلا من السورة " ، فلو كان يحسن آية من الفاتحة ففيه وجهان :

                                                                                                                                            أحدهما : يكررها سبع مرات ، لأن حرمة الفاتحة أوكد من غيرها ، ولقوله صلى الله عليه وسلم : فاتحة الكتاب عوض عن القرآن فلما جعلها عليه السلام عوضا عن القرآن ، ولم يجعل القرآن عوضا عنها دل على أن تكرارها أفضل .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : أنه يقرأ الآية من الفاتحة ويقرأ معها ست آيات من غيرها .

                                                                                                                                            وهذا صحيح ، لأن القرآن بدل من الفاتحة إذا لم يحسنها ، فوجب إذا كان يحسن بعضها أن يكون بدلا مما يحسنه منها .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية