الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فإذا ثبت أن الإحرام بالصلاة ينعقد بما ذكرنا فالإحرام من نفس الصلاة وهو أحد الأركان فيها

                                                                                                                                            قال أبو حنيفة : الإحرام ليس من الصلاة وإنما يدخل به في الصلاة استدلالا بقوله صلى الله عليه وسلم : " تحريمها التكبير " ، وأضاف التكبير إلى الصلاة ، والشيء إنما يضاف إلى غيره كقولهم غلام زيد ، وثوب عمر ، وكأن ما كان من الصلاة لم يجز للمأموم أن لا يأتي به إلا مع الإمام كالركوع والسجود ، فلما جاز إذا أدرك الإمام في الصلاة أن يأتي به على أنه ليس من الصلاة ، ولأنه لا يدخل في الصلاة إلا بعد كمال الإحرام ، فإذا صار بكماله داخلا فيها ، لم يجز أن يكون فيها لتقدمه عليها

                                                                                                                                            ودليلنا قوله صلى الله عليه وسلم : إن صلاتنا هذه لا يصلح فيها شيء من كلام الآدميين إنما هي تكبير وتهليل فلما جعل التكبير في الصلاة وليس يجب فيها إلا تكبيرة الإحرام دل على أنها في الصلاة ، ولأنه ذكر من شرط صحة كل صلاة فوجب أن يكون من نفس الصلاة كالقراءة ، ولأنها عبادة شرع التكبير في افتتاحها فوجب أن يكون التكبير فيها كالأذان ، ولأن التكبير الذي لا ينفصل عن الصلاة فإنه من الصلاة كالتكبيرات التي في وسط الصلاة ، ولأن كل ذكر لم يصح أن يتخلل بينه وبين القراءة ما ليس بالصلاة فإنه من الصلاة ، كالتوجه

                                                                                                                                            فأما الاستدلال بالخبر لا يصح ، لأن الشيء قد يضاف إلى جملته كما قد يضاف إلى غيره كما يقال : رأس زيد ويد عمر ، وأما استدلالهم بأنه لما أتى به وراء إمامه لم يكن من صلاته ، قلنا : إنما أتى به وراء إمامه ، لأنه لا يدخل في الصلاة إلا به ، والركوع والسجود لم يأت به ، لأنه قد دخل في الصلاة بغيره ، وأما استدلالهم بأنه لما لم يدخل في الصلاة إلا بكماله لم يكن من الصلاة لتقدمه فغير صحيح ، لأنه استفتاح الصلاة وابتداؤها والدخول في الشيء يكون بعد ابتدائه ولا يدل ذلك على أن ابتداء الشيء ليس منه

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية