فصل : فإذا ثبت أن الإحرام بالصلاة ينعقد بما ذكرنا وهو أحد الأركان فيها فالإحرام من نفس الصلاة
قال أبو حنيفة : الإحرام ليس من الصلاة وإنما يدخل به في الصلاة استدلالا بقوله صلى الله عليه وسلم : " تحريمها التكبير " ، وأضاف التكبير إلى الصلاة ، والشيء إنما يضاف إلى غيره كقولهم غلام زيد ، وثوب عمر ، وكأن ما كان من الصلاة لم يجز للمأموم أن لا يأتي به إلا مع الإمام كالركوع والسجود ، فلما جاز إذا أدرك الإمام في الصلاة أن يأتي به على أنه ليس من الصلاة ، ولأنه لا يدخل في الصلاة إلا بعد كمال الإحرام ، فإذا صار بكماله داخلا فيها ، لم يجز أن يكون فيها لتقدمه عليها
ودليلنا قوله صلى الله عليه وسلم : إنما هي تكبير وتهليل إن صلاتنا هذه لا يصلح فيها شيء من كلام الآدميين فلما جعل التكبير في الصلاة وليس يجب فيها إلا تكبيرة الإحرام دل على أنها في الصلاة ، ولأنه ذكر من شرط صحة كل صلاة فوجب أن يكون من نفس الصلاة كالقراءة ، ولأنها عبادة شرع التكبير في افتتاحها فوجب أن يكون التكبير فيها كالأذان ، ولأن التكبير الذي لا ينفصل عن الصلاة فإنه من الصلاة كالتكبيرات التي في وسط الصلاة ، ولأن كل ذكر لم يصح أن يتخلل بينه وبين القراءة ما ليس بالصلاة فإنه من الصلاة ، كالتوجه
فأما الاستدلال بالخبر لا يصح ، لأن الشيء قد يضاف إلى جملته كما قد يضاف إلى غيره كما يقال : رأس زيد ويد عمر ، وأما استدلالهم بأنه لما أتى به وراء إمامه لم يكن من صلاته ، قلنا : إنما أتى به وراء إمامه ، لأنه لا يدخل في الصلاة إلا به ، والركوع والسجود لم يأت به ، لأنه قد دخل في الصلاة بغيره ، وأما استدلالهم بأنه لما لم يدخل في الصلاة إلا بكماله لم يكن من الصلاة لتقدمه فغير صحيح ، لأنه استفتاح الصلاة وابتداؤها والدخول في الشيء يكون بعد ابتدائه ولا يدل ذلك على أن ابتداء الشيء ليس منه