المسألة الرابعة : اعلم أن الأظهر الذي لا ينبغي العدول عنه أن ; لأنه إن دخل على من ذكر بغير استئذان فقد تقع عينه على عورات من ذكر ، وذلك لا يحل له . الرجل يلزمه أن يستأذن على أمه وأخته ، وبنيه وبناته البالغين
وقال ابن حجر في فتح الباري في شرحه لحديث : ما نصه : ويؤخذ منه أنه " إنما جعل الاستئذان من أجل البصر " ; لئلا تكون منكشفة العورة . وقد أخرج يشرع الاستئذان على كل أحد حتى المحارم في الأدب المفرد عن البخاري نافع : كان إذا بلغ بعض ولده الحلم لم يدخل عليه إلا بإذن ، ومن طريق ابن عمر علقمة جاء رجل إلى فقال : أستأذن على أمي ؟ فقال ما على كل أحيانها تريد أن تراها . ومن طريق ابن مسعود مسلم بن نذير بالنون مصغرا : سأل رجل حذيفة : أستأذن على أمي ؟ فقال : إن لم تستأذن عليها رأيت ما تكره ، ومن طريق ، دخلت مع أبي على أمي فدخل ، واتبعته فدفع في صدري ، وقال : تدخل بغير إذن ؟ ومن طريق موسى بن طلحة عطاء سألت استأذن على أختي ؟ [ ص: 501 ] قال نعم ، قلت إنها في حجري ؟ قال : أتحب أن تراها عريانة ؟ وأسانيد هذه الآثار كلها صحيحة ، انتهى من فتح الباري . ابن عباس
وهذه الآثار عن هؤلاء الصحابة تؤيد ما ذكرنا من الاستئذان على من ذكرنا ، ويفهم من الحديث الصحيح ، فوقوع البصر على عورات من ذكر لا يحل ، كما ترى ، وقال " : إنما جعل الاستئذان من أجل البصر " ابن كثير - رحمه الله - في تفسيره للآية التي نحن بصددها : وقال هشيم : أخبرنا ، عن أشعث بن سوار كردوس ، عن ، قال : عليكم أن تستأذنوا على أمهاتكم وأخواتكم . وقال ابن مسعود أشعث ، عن : عدي بن ثابت أن امرأة من الأنصار قالت : يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إني أكون في منزلي على الحال التي لا أحب أن يراني أحد عليها لا والد ولا ولد ، وإنه لا يزال يدخل علي رجل من أهل بيتي ، وأنا على تلك الحال ، فنزلت : ياأيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتا الآية ، وقال : سمعت ابن جريج يخبر عن عطاء بن أبي رباح - رضي الله عنهما - قال : ثلاث آيات جحدهن الناس ، قال الله تعالى : ابن عباس إن أكرمكم عند الله أتقاكم [ 49 \ 13 ] ، قال ويقولون : إن أكرمكم عند الله أعظمكم بيتا ، إلى أن قال : والأدب كله قد جحده الناس ، قال : قلت : أستأذن على أخواتي أيتام في حجري معي في بيت واحد ؟ قال : نعم ، فرددت عليه ليرخص لي فأبى ، فقال : تحب أن تراها عريانة ؟ قلت : لا ، قال : فاستأذن ، قال : فراجعته ، فقال : أتحب أن تطيع الله ؟ قال : قلت : نعم ، قال : فاستأذن ، قال : وأخبرني ابن جريج عن أبيه ، قال : ما من امرأة أكره إلي أن أرى عورتها من ذات محرم ، قال : وكان يشدد في ذلك ، وقال ابن طاوس عن ابن جريج : سمعت الزهري هزيل بن شرحبيل الأودي الأعمى أنه سمع يقول : عليكم الإذن على أمهاتكم ، اهـ محل الغرض منه ، وهو يدل على ما ذكرنا من الاستئذان على من ذكرنا ، والعلم عند الله تعالى . ابن مسعود