الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      المسألة العشرون : اعلم أن من قذف بنتا غير بالغة بالزنى ، أو قذف به ذكرا غير بالغ ، فقد اختلف أهل العلم : هل يجب على القاذف الحد أو لا يجب عليه ؟ وقال أبو عبد الله القرطبي في تفسير الآية التي نحن بصددها : إذا رمى صبية يمكن وطؤها قبل البلوغ بالزنى كان قذفا عند مالك ، وقال أبو حنيفة والشافعي وأبو ثور : ليس بقذف ; لأنه ليس بزنى إذ لا حد عليها ويعزر ، قال ابن العربي : والمسألة محتملة مشكلة لكن مالكا غلب حماية عرض المقذوف ، وغيره راعى حماية ظهر القاذف ، وحماية عرض المقذوف أولى ; لأن القاذف كشف ستره بطرف لسانه فلزمه الحد ، قال ابن المنذر : وقال أحمد في الجارية بنت تسع ، يحد قاذفها ، وكذلك الصبي إذا بلغ عشرا ضرب قاذفه ، قال إسحاق : إذا قذف غلاما يطأ مثله فعليه الحد ، والجارية إذا جاوزت تسعا مثل ذلك ، قال ابن المنذر : لا يحد من قذف من لم يبلغ ; لأن ذلك كذب ، ويعزر على الأذى ، اهـ محل الغرض منه بلفظه .

                                                                                                                                                                                                                                      وإذا عرفت مما ذكرنا أقوال أهل العلم في المسألة ، فاعلم أن أظهرها عندنا قول ابن المنذر : إنه لا يحد ولكن يعزر ، ووجه ذلك أن من لم يبلغ من الذكور والإناث مرفوع عنه القلم ، ولا معرة تلحقه بذنب ; لأنه غير مؤاخذ ، ولو جاء قاذف الصبي بأربعة يشهدون على الصبي بالزنى فلا حد عليه إجماعا ، ولو كان قذفه قذفا على الحقيقة للزمه الحد بإقامة القاذف البينة على زناه ، وإن خالف في هذا جمع من أجلاء العلماء ، ولكنه يعزر التعزير البالغ الرادع له ، ولغيره عن قذف من لم يبلغ ، والعلم عند الله تعالى .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية