[ ص: 607 ] ثم دخلت سنة ست وثمانين وستمائة
في أول المحرم الشام حسام الدين لاجين إلى محاصرة صهيون وحصن برزيه ، فمانعهم الأمير ركبت العساكر صحبة نائب سيف الدين سنقر الأشقر ، فلم يزالوا به حتى استنزلوه ، وسلمهم البلاد ، وسار إلى خدمة السلطان الملك المنصور ، فتلقاه بالإكرام والاحترام ، وأعطاه تقدمة ألف فارس ، ولم يزل معظما في الدولة المنصورية إلى آخرها ، وانقضت تلك الأحوال .
وفي النصف من المحرم حكم القاضي جلال الدين الحنفي نيابة عن أبيه حسام الدين الرازي .
وفي الثالث عشر من ربيع الأول قدم القاضي شهاب الدين محمد بن القاضي شمس الدين بن الخليل الخويي من القاهرة على قضاء قضاة دمشق ، وقرئ تقليده يوم الجمعة مستهل ربيع الآخر ، واستمر بنيابة شرف الدين المقدسي .
وفي يوم الأحد ثالث شوال درس بالرواحية الشيخ صفي الدين الهندي ، وحضر عنده القضاة والشيخ تاج الدين الفزاري وعلم الدين الدواداري ، وتولى قضاء قضاة القاهرة تقي الدين عبد الرحمن ابن بنت الأعز ، عوضا عن برهان [ ص: 608 ] الدين الخضر بن الحسن السنجاري ، وقد كان وليها شهرا بعد ابن الخويي ، فاجتمع حينئذ لابن بنت الأعز بين القضاء كله بالديار المصرية ، وذلك في أوائل صفر منها .
وفيها سيف الدين السامري من دمشق إلى الديار المصرية ليشترى منه ريع حرزما الذي اشتراه من بنت استدعي الملك الأشرف موسى ، فذكر لهم أنه وقفه ، وكان المتكلم في ذلك علم الدين الشجاعي ، وكان قد استنابه الملك المنصور بديار مصر ، وجعل يتقرب إليه بتحصيل الأموال ، ففتق لهم ناصر الدين محمد بن عبد الرحمن المقدسي أن السامري اشترى هذا من بنت الأشرف وهي غير رشيدة ، وأثبت سفهها على زين الدين بن مخلوف ، وأبطل البيع من أصله ، واسترجع على السامري بمغل مدة عشرين سنة مائتي ألف درهم ، وأخذوا منه حصة من الزنبقية قيمتها سبعون ألفا ، وعشرة آلاف مكملة ، وتركوه فقيرا على برد الديار ، ثم أثبتوا رشدها ، واشتروا منها تلك الحصص بما أرادوه ، ثم أرادوا أن يستدعوا بالدماشقة واحدا بعد واحد ويصادرونهم ، وذلك أنه بلغهم أن من ظلم بالشام لا يفلح ، ومن ظلم بمصر أفلح وطالت مدته ، فكانوا يطلبونهم إلى مصر أرض الفراعنة والظلم ، فيفعلون معهم ما أرادوا .