[ ص: 532 ] ثم دخلت سنة سبع وستين ومائة
فيها
nindex.php?page=treesubj&link=33793وجه المهدي ابنه nindex.php?page=showalam&ids=15444موسى الهادي إلى جرجان في جيش كثيف لم ير مثله ، وجعل على رسائله
أبان بن صدقة .
وفيها توفي
عيسى بن موسى الذي كان ولي العهد من بعد
المهدي فخلع ، وكانت وفاته
بالكوفة ، فأشهد نائبها
روح بن حاتم على وفاته القاضي وجماعة من الأعيان ، ثم دفن ، وكان قد امتنع من الصلاة عليه فبلغ ذلك
المهدي ، فكتب إليه يعنفه أشد التعنيف وأمر بمحاسبته على عمله .
وفيها عزل
المهدي أبا عبيد الله معاوية بن عبيد الله عن ديوان الرسائل ، وولاه
nindex.php?page=showalam&ids=14361الربيع بن يونس الحاجب ، فاستخلف فيه
سعيد بن واقد ، وكان
أبو عبيد الله يدخل على مرتبته .
وفيها وقع وباء شديد وسعال كثير
ببغداد والبصرة وأظلمت الدنيا فكانت كالليل حتى تعالى النهار ، وكان ذلك لليال بقين من ذي الحجة من هذه السنة .
وفيها
nindex.php?page=treesubj&link=33799تتبع المهدي جماعة من الزنادقة في سائر الآفاق ، فاستحضرهم وقتلهم
[ ص: 533 ] صبرا بين يديه ، وكان المتولي أمر
الزنادقة عمر الكلواذي .
وفيها
nindex.php?page=treesubj&link=33800أمر المهدي بزيادة كبيرة في المسجد الحرام ، فدخل في ذلك دور كثيرة ، وولى ذلك
يقطين بن موسى الموكل بأمر
الحرمين ومصالحهما ، فلم يزل في عمارة ذلك حتى مات
المهدي كما سيأتي ، ولم يكن للناس صائفة; للهدنة .
nindex.php?page=treesubj&link=33800وحج بالناس نائب المدينة إبراهيم بن محمد ، وتوفي بعد فراغه من الحج بأيام ، وولي مكانه
إسحاق بن عيسى بن علي بن عبد الله بن عباس .
وممن توفي فيها من الأعيان :
nindex.php?page=treesubj&link=33800_33938بشار بن برد ، أبو معاذ الشاعر مولى عقيل ، ولد أعمى ، وقال الشعر وهو دون عشر سنين ، وله التشبيهات التي لم يهتد إليها البصراء ، وقد أثنى عليه
الأصمعي nindex.php?page=showalam&ids=13974والجاحظ وأبو تمام ، وأبو عبيدة وقال : له ثلاثة عشر ألف بيت من الشعر جيد . فلما بلغ
المهدي أنه هجاه ، وشهد عليه قوم أنه زنديق ، أمر به فضرب حتى مات عن بضع وسبعين سنة . وقد ذكره
ابن خلكان في " الوفيات " ، فقال :
nindex.php?page=showalam&ids=15529بشار بن برد بن يرجوخ العقيلي [ ص: 534 ] مولاهم ، وقد نسبه صاحب الأغاني فأطال نسبه ، وهو بصري ، قدم
بغداد وأصله من
طخارستان ، وكان ضخما عظيم الخلق ، وشعره في أول طبقات المولدين ، ومن شعره البيت المشهور :
هل تعلمين وراء الحب منزلة تدني إليك فإن الحب أقصاني
وقوله :
أنا والله أشتهي سحر عيني ك وأخشى مصارع العشاق
وله أيضا :
يا قوم أذني لبعض الحي عاشقة والأذن تعشق قبل العين أحيانا
قالوا بمن لا ترى تهذي فقلت لهم الأذن كالعين تولي القلب ما كانا
وله أيضا :
إذا بلغ الرأي المشورة فاستعن بحزم نصيح أو نصيحة حازم
ولا تجعل الشورى عليك غضاضة فريش الخوافي تابع للقوادم
[ ص: 535 ] وما خير كف أمسك الغل أختها وما خير سيف لم يؤيد بقائم
كان
بشار يمدح
المهدي حتى وشى إليه الوزير أنه هجاه وقذفه ، ونسب إلى شيء من الزندقة ، وأنه يقول بتفضيل النار على التراب ، وعذر إبليس في ترك السجود
لآدم ، وأنه أنشد :
الأرض مظلمة والنار مشرقة والنار معبودة مذ كانت النار
فأمر
المهدي بضربه ، فضرب حتى مات . ويقال : إنه غرق ، ثم نقل إلى
البصرة في هذه السنة .
وفيها توفي
الحسن بن صالح بن حيي ، nindex.php?page=showalam&ids=15744وحماد بن سلمة ، nindex.php?page=showalam&ids=14359والربيع بن مسلم ، وسعيد بن عبد العزيز بن مسلم ، وعتبة [ ص: 536 ] الغلام; وهو عتبة بن أبان بن صمعة ، أحد العباد المشهورين ، والبكائين المذكورين ، كان يأكل من عمل يده في الخوص ، ويصوم الدهر ويفطر على الخبز والملح .
والقاسم الحداني ، وأبو هلال محمد بن سليم ، ومحمد بن طلحة ، nindex.php?page=showalam&ids=11988وأبو حمزة السكري محمد بن ميمون .
[ ص: 532 ] ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سَبْعٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ
فِيهَا
nindex.php?page=treesubj&link=33793وَجَّهَ الْمَهْدِيُّ ابْنَهُ nindex.php?page=showalam&ids=15444مُوسَى الْهَادِي إِلَى جُرْجَانَ فِي جَيْشٍ كَثِيفٍ لَمْ يُرَ مِثْلُهُ ، وَجَعَلَ عَلَى رَسَائِلِهِ
أَبَانَ بْنَ صَدَقَةَ .
وَفِيهَا تُوُفِّيَ
عِيسَى بْنُ مُوسَى الَّذِي كَانَ وَلِيَّ الْعَهْدِ مِنْ بَعْدِ
الْمَهْدِيِّ فَخُلِعَ ، وَكَانَتْ وَفَاتُهُ
بِالْكُوفَةِ ، فَأَشْهَدَ نَائِبُهَا
رَوْحُ بْنُ حَاتِمٍ عَلَى وَفَاتِهِ الْقَاضِي وَجَمَاعَةً مِنَ الْأَعْيَانِ ، ثُمَّ دُفِنَ ، وَكَانَ قَدِ امْتَنَعَ مِنَ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ فَبَلَغَ ذَلِكَ
الْمَهْدِيَّ ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ يُعَنِّفُهُ أَشَدَّ التَّعْنِيفِ وَأَمَرَ بِمُحَاسَبَتِهِ عَلَى عَمَلِهِ .
وَفِيهَا عَزَلَ
الْمَهْدِيُّ أَبَا عُبَيْدِ اللَّهِ مُعَاوِيَةَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ دِيوَانِ الرَّسَائِلِ ، وَوَلَّاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14361الرَّبِيعَ بْنَ يُونُسَ الْحَاجِبَ ، فَاسْتَخْلَفَ فِيهِ
سَعِيدَ بْنَ وَاقِدٍ ، وَكَانَ
أَبُو عُبَيْدِ اللَّهِ يَدْخُلُ عَلَى مَرْتَبَتِهِ .
وَفِيهَا وَقَعَ وَبَاءٌ شَدِيدٌ وَسُعَالٌ كَثِيرٌ
بِبَغْدَادَ وَالْبَصْرَةِ وَأَظْلَمَتِ الدُّنْيَا فَكَانَتْ كَاللَّيْلِ حَتَّى تَعَالَى النَّهَارُ ، وَكَانَ ذَلِكَ لِلَيَالٍ بَقِينَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ .
وَفِيهَا
nindex.php?page=treesubj&link=33799تَتَبَّعَ الْمَهْدِيُّ جَمَاعَةً مِنَ الزَّنَادِقَةِ فِي سَائِرِ الْآفَاقِ ، فَاسْتَحْضَرَهُمْ وَقَتَلَهُمْ
[ ص: 533 ] صَبْرًا بَيْنَ يَدَيْهِ ، وَكَانَ الْمُتَوَلِّيَ أَمْرَ
الزَّنَادِقَةِ عُمَرُ الْكَلْوَاذِيُّ .
وَفِيهَا
nindex.php?page=treesubj&link=33800أَمَرَ الْمَهْدِيُّ بِزِيَادَةٍ كَبِيرَةٍ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ، فَدَخَلَ فِي ذَلِكَ دُورٌ كَثِيرَةٌ ، وَوَلَّى ذَلِكَ
يَقْطِينَ بْنَ مُوسَى الْمُوَكَّلَ بِأَمْرِ
الْحَرَمَيْنِ وَمَصَالِحِهِمَا ، فَلَمْ يَزَلْ فِي عِمَارَةِ ذَلِكَ حَتَّى مَاتَ
الْمَهْدِيُّ كَمَا سَيَأْتِي ، وَلَمْ يَكُنْ لِلنَّاسِ صَائِفَةٌ; لِلْهُدْنَةِ .
nindex.php?page=treesubj&link=33800وَحَجَّ بِالنَّاسِ نَائِبُ الْمَدِينَةِ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، وَتُوُفِّيَ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنَ الْحَجِّ بِأَيَّامٍ ، وَوَلِيَ مَكَانَهُ
إِسْحَاقُ بْنُ عِيسَى بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ .
وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ :
nindex.php?page=treesubj&link=33800_33938بَشَّارُ بْنُ بُرْدٍ ، أَبُو مُعَاذٍ الشَّاعِرُ مَوْلَى عُقَيْلٍ ، وُلِدَ أَعْمًى ، وَقَالَ الشِّعْرَ وَهُوَ دُونَ عَشْرِ سِنِينَ ، وَلَهُ التَّشْبِيهَاتُ الَّتِي لَمْ يَهْتَدِ إِلَيْهَا الْبُصَرَاءُ ، وَقَدْ أَثْنَى عَلَيْهِ
الْأَصْمَعِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=13974وَالْجَاحِظُ وَأَبُو تَمَّامٍ ، وَأَبُو عُبَيْدَةَ وَقَالَ : لَهُ ثَلَاثَةَ عَشَرَ أَلْفَ بَيْتٍ مِنَ الشِّعْرِ جَيِّدٍ . فَلَمَّا بَلَغَ
الْمَهْدِيَّ أَنَّهُ هَجَاهُ ، وَشَهِدَ عَلَيْهِ قَوْمٌ أَنَّهُ زِنْدِيقٌ ، أَمَرَ بِهِ فَضُرِبَ حَتَّى مَاتَ عَنْ بِضْعٍ وَسَبْعِينَ سَنَةً . وَقَدْ ذَكَرَهُ
ابْنُ خَلِّكَانَ فِي " الْوَفَيَاتِ " ، فَقَالَ :
nindex.php?page=showalam&ids=15529بَشَّارُ بْنُ بُرْدِ بْنِ يَرْجُوخَ الْعُقَيْلِيُّ [ ص: 534 ] مَوْلَاهُمْ ، وَقَدْ نَسَبَهُ صَاحِبُ الْأَغَانِي فَأَطَالَ نَسَبَهُ ، وَهُوَ بَصْرِيٌّ ، قَدِمَ
بَغْدَادَ وَأَصْلُهُ مِنْ
طَخَارِسْتَانَ ، وَكَانَ ضَخْمًا عَظِيمَ الْخَلْقِ ، وَشِعْرُهُ فِي أَوَّلِ طَبَقَاتِ الْمُوَلَّدِينَ ، وَمِنْ شِعْرِهِ الْبَيْتُ الْمَشْهُورُ :
هَلْ تَعْلَمِينَ وَرَاءَ الْحُبِّ مَنْزِلَةً تُدْنِي إِلَيْكِ فَإِنَّ الْحُبَّ أَقْصَانِي
وَقَوْلُهُ :
أَنَا وَاللَّهِ أَشْتَهِي سِحْرَ عَيْنَيْ كِ وَأَخْشَى مَصَارِعَ الْعُشَّاقِ
وَلَهُ أَيْضًا :
يَا قَوْمُ أُذْنِي لِبَعْضِ الْحَيِّ عَاشِقَةٌ وَالْأُذْنُ تَعْشَقُ قَبْلَ الْعَيْنِ أَحْيَانَا
قَالُوا بِمَنْ لَا تَرَى تَهْذِي فَقُلْتُ لَهُمْ الْأُذُنُ كَالْعَيْنِ تُولِي الْقَلْبَ مَا كَانَا
وَلَهُ أَيْضًا :
إِذَا بَلَغَ الرَّأْيُ الْمَشُورَةَ فَاسْتَعِنْ بِحَزْمِ نَصِيحٍ أَوْ نَصِيحَةِ حَازِمِ
وَلَا تَجْعَلِ الشُّورَى عَلَيْكَ غَضَاضَةً فَرِيشُ الْخَوَافِي تَابِعٌ لِلْقَوَادِمِ
[ ص: 535 ] وَمَا خَيْرُ كَفٍّ أَمْسَكَ الْغُلُّ أُخْتَهَا وَمَا خَيْرُ سَيْفٍ لَمْ يُؤَيَّدْ بِقَائِمِ
كَانَ
بَشَّارٌ يَمْدَحُ
الْمَهْدِيَّ حَتَّى وَشَى إِلَيْهِ الْوَزِيرُ أَنَّهُ هَجَاهُ وَقَذَفَهُ ، وَنُسِبَ إِلَى شَيْءٍ مِنَ الزَّنْدَقَةِ ، وَأَنَّهُ يَقُولُ بِتَفْضِيلِ النَّارِ عَلَى التُّرَابِ ، وَعُذْرِ إِبْلِيسَ فِي تَرْكِ السُّجُودِ
لِآدَمَ ، وَأَنَّهُ أَنْشَدَ :
الْأَرْضُ مُظْلِمَةٌ وَالنَّارُ مُشْرِقَةٌ وَالنَّارُ مَعْبُودَةٌ مُذْ كَانَتِ النَّارُ
فَأَمَرَ
الْمَهْدِيُّ بِضَرْبِهِ ، فَضُرِبَ حَتَّى مَاتَ . وَيُقَالُ : إِنَّهُ غُرِّقَ ، ثُمَّ نُقِلَ إِلَى
الْبَصْرَةِ فِي هَذِهِ السَّنَةِ .
وَفِيهَا تُوُفِّيَ
الْحَسَنُ بْنُ صَالِحِ بْنِ حُيَيٍّ ، nindex.php?page=showalam&ids=15744وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، nindex.php?page=showalam&ids=14359وَالرَّبِيعُ بْنُ مُسْلِمٍ ، وَسَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مُسْلِمٍ ، وَعُتْبَةُ [ ص: 536 ] الْغُلَامُ; وَهُوَ عُتْبَةُ بْنُ أَبَانِ بْنِ صَمْعَةَ ، أَحَدُ الْعُبَّادِ الْمَشْهُورِينَ ، وَالْبَكَّائِينَ الْمَذْكُورِينَ ، كَانَ يَأْكُلُ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ فِي الْخُوصِ ، وَيَصُومُ الدَّهْرَ وَيُفْطِرُ عَلَى الْخُبْزِ وَالْمِلْحِ .
وَالْقَاسِمُ الْحُدَّانِيُّ ، وَأَبُو هِلَالٍ مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمٍ ، وَمُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ ، nindex.php?page=showalam&ids=11988وَأَبُو حَمْزَةَ السُّكَّرِيُّ مُحَمَّدُ بْنُ مَيْمُونٍ .