( المسألة الأولى ) اتفق الناس على أن له كفر ولو وقع مثل ذلك في حق الولد مع والده تعظيما له وتذللا أو في حق الأولياء والعلماء لم يكن كفرا والفرق عسير فإن قلت السجود للوالد والعالم يقصد به التقرب إلى الله تعالى فلذلك لم يكن كفرا قلت : وكذلك السجود للصنم فقد كانوا يقولون { السجود للصنم على وجه التذلل والتعظيم ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى } فقد صرحوا بقصد التقرب إلى الله تعالى بذلك السجود فإن قلت الله تعالى أمر بتعظيم الآباء والعلماء ولم يأمر بتعظيم الأصنام بل نهى عنه فلذلك كان كفرا قلت إن كان السجودان في المسألتين متساويين في المفسدة استحال في عادة الله أن يأمر بما هو كفر في بعض المواطن لقوله تعالى { ولا يرضى لعباده الكفر } أي لا يشرعه دينا ومعناه أن الفعل المشتمل على فساد الكفر لا يؤذن فيه ولا يشرع فلا يقال : إن الله تعالى شرع ذلك في حق الآباء والعلماء دون الأصنام .
[ ص: 126 ] وحقيقة الكفر في نفسه معلومة قبل الشريعة وليست مستفادة من الشرع ولا تبطل حقيقتها بالشريعة ولا تصير غير كفر فحينئذ الفرق مشكل وقد كان الشيخ عز الدين بن عبد السلام يستشكل هذا المقام ويعظم الإشكال فيه .