[ ص: 153 ] ما جاء في أمر النكاح قال الله تبارك وتعالى { وأنكحوا الأيامى منكم } إلى قوله { يغنهم الله من فضله } ( قال ) رحمه الله والأمر في الكتاب والسنة ، وكلام الناس يحتمل معاني أحدها أن يكون الله عز وجل حرم شيئا ثم أباحه فكان أمره إحلال ما حرم كقول الله عز وجل { الشافعي وإذا حللتم فاصطادوا } وكقوله { فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض } الآية .
( قال ) رحمه الله وذلك أنه حرم الصيد على المحرم ونهى عن البيع عند النداء ثم أباحهما في وقت غير الذي حرمهما فيه كقوله { الشافعي وآتوا النساء صدقاتهن نحلة } إلى " مريئا " وقوله { فإذا وجبت جنوبها فكلوا منها وأطعموا } ( قال ) وأشباه لهذا كثير في كتاب الله عز وجل وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ليس أن حتما أن يصطادوا إذا حلوا ولا ينتشروا لطلب التجارة إذا صلوا ولا يأكل من صداق امرأته إذا طابت عنه به نفسا ولا يأكل من بدنته إذا نحرها ( قال ) ويحتمل أن يكون دلهم على ما فيه رشدهم بالنكاح لقوله عز وجل { الشافعي إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله } يدل على ما فيه سبب الغنى والعفاف كقول النبي صلى الله عليه وسلم { } فإنما هذا دلالة لا حتم أن يسافر لطلب صحة ورزق . سافروا تصحوا وترزقوا
( قال ) ويحتمل أن يكون الشافعي حتما وفي كل الحتم من الرشد فيجتمع الحتم والرشد وقال بعض أهل العلم الأمر كله على الإباحة والدلالة على الرشد حتى توجد الدلالة من الكتاب أو السنة أو الإجماع على أنه إنما أريد بالأمر الحتم فيكون فرضا لا يحل تركه كقول الله عز وجل { الأمر بالنكاح وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة } فدل على أنهما حتم وكقوله { خذ من أموالهم صدقة } وقوله { وأتموا الحج والعمرة لله } وقوله { ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا } فذكر الحج والعمرة معا في الأمر وأفرد الحج في الفرض فلم يقل أكثر أهل العلم العمرة على الحتم وإن كنا نحب أن لا يدعها مسلم وأشباه هذا في كتاب الله عز وجل كثير ( قال ) وما نهى الله عنه فهو محرم حتى توجد الدلالة عليه بأن النهي عنه على غير التحريم وأنه إنما أريد به الإرشاد أو تنزها أو أدبا للمنهي عنه وما نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم كذلك أيضا ( قال الشافعي ) رحمه الله ومن قال الأمر على غير الحتم حتى تأتي دلالة على أنه حتم انبغى أن تكون الدلالة على ما وصفت من الفرق بين الأمر والنهي وما وصفنا في مبتدأ كتاب الله القرآن والسنة وأشباه لذلك سكتنا عنه اكتفاء بما ذكرنا عما لم نذكر أخبرنا الشافعي الربيع قال أخبرنا قال أخبرنا الشافعي سفيان عن محمد بن عجلان عن أبيه عن رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال { أبي هريرة } أخبرنا ذروني ما تركتكم فإنه إنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم فما أمرتكم به من أمر فائتوا منه ما استطعتم وما نهيتكم عنه فانتهوا الربيع قال أخبرنا قال أخبرنا الشافعي سفيان عن عن أبي الزناد عن الأعرج عن النبي صلى الله عليه وسلم مثل معناه ( قال أبي هريرة ) رحمه الله وقد يحتمل أن يكون الأمر في معنى النهي فيكونان لازمين إلا بدلالة أنهما غير لازمين ويكون قول النبي صلى الله عليه وسلم " فائتوا منه ما استطعتم " أن يقول عليهم إتيان الأمر فيما استطعتم لأن الناس إنما كلفوا ما استطاعوا في الفعل استطاعة شيء لأنه شيء متكلف وأما النهي فالترك لكل ما أراد تركه يستطيع لأنه ليس بتكلف شيء [ ص: 154 ] يحدث إنما هو شيء يكف عنه ( قال الشافعي ) رحمه الله وعلى أهل العلم عند تلاوة الكتاب ومعرفة السنة طلب الدلائل ليفرقوا بين الحتم والمباح والإرشاد الذي ليس بحتم في الأمر والنهي معا الشافعي